صدر دستور 2012 فى سرعة المتعجل لأمر جلل - وياليته جلل - وتم التصويت عليه بالليل، ومن ضمن مواده مواد السلطات القضائية التى صدرت بمنطق الصفقات والإرضاء المبالغ فيه، حيث وزعت الاختصاصات القضائية بدون ضابط واعتمدت سياسات الأبواب الخلفية والاختصاصات تحت الطاولة، حيث كان الشغل الشاغل لأعضاء الهيئات القضائية - خاصة هيئة قضايا الدولة - هو الاعتراف بها كسلطات قضائية بما يترتب على ذلك من امتيازات، حتى أن الجدال فى الجلسة الختامية للجنة التأسيسية من أعضائها لم يكن حول الاختصاصات، ولكن كان حول اعتبارها أو عدم اعتبارها هيئة قضائية، بإصرار البعض على إضافة كلمة «هيئة»، وما زاد من عبثية المشهد الختامى للجنة التأسيسية إصرار البعض على استقلالية الهيئة دون النظر للاختصاصات الملقاة على عاتقها.
فالقضاء إن تنازعته الأهواء لم يصبح قضاء, فمن مساوئ الدستور المعطل أن كل هيئة قضائية راحت تبحث عن امتيازات ومجد شخصى متعللة بالصالح العام، وهى منه ببعيد، من المقترض حقا أن يبحث صانعوا العدالة عن الصالح العام ولكن بمفهوم حقيقى وواقعى بتجرد ونزاهة.
فالخلاف على الاختصاصات استعر بين مجلس الدولة من ناحية والنيابة الإدارية وهيئة قضايا الدولة من ناحية أخرى - ومثال تلك الاختصاصات القضاء التأديبى ومراجعة العقود التى تبرمها الدولة - وراح كل فريق يجيش أعضاءه، ويقيم الندوات ويصدر البيانات، وراح مجلس الدولة يشكك فى قضائية هاتان الهيئتان وهدد كل فريق بإجراءات حاسمة ضد الانتقاص من مكتسباته فى الدستور (المفدى) والمعطل.
فمجلس الدولة يريد عددا من الأعضاء أقل بدون سلب للاختصاصات، ليضمن امتيازات مالية وانتدابات (من وجهة نظر النيابة الإدارية وهيئة قضايا الدولة), ومن ناحية أخرى تريد هيئة قضايا الدولة اختصاصات الدستور المعطل التى لا حصر لها كى تضمن المزيد من التعيينات للأعضاء الجدد, وتريد النيابة الإدارية القضاء التأديبى لنيل شرف اعتلاء منصة القضاء القاصرة على القضاء العادى والقضاء الإدارى (من وجهة نظر مجلس الدولة)،
وجب يا سادة الخمسين إنهاء التخبط الدستورى والتشريعى فى اختصاصات الهيئات القضائية ومثاله كالتالى:
ينص الدستور المعطل الصادر عام 2012 فى المادة 174 منه على أن «مجلس الدولة جهة قضائية مستقلة؛ يختص دون غيره من جهات القضاء (بالفصل فى كافة المنازعات الإدارية ومنازعات التنفيذ المتعلقة بأحكامه)، ويتولى الدعاوى والطعون التأديبية، والإفتاء فى المسائل القانونية للجهات التى يحددها القانون، ومراجعة وصياغة مشروعات القوانين والقرارات ذات الصفة التشريعية التى تحال إليه، ومراجعة العقود التى تكون الدولة طرفا فيها، ويحدد القانون اختصاصاته الأخرى».
ويستفاد من هذا النص أن مجلس الدولة يعد صاحب الولاية العامة على المنازعات الإدارية فهو قاضى القانون العام لهذه الدعاوى، ومما يؤكد ذلك ما نص عليه قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1972 فى مادته العاشرة بأن «تختص محاكم مجلس الدولة دون غيرها بالفصل فى المسائل الآتية: الحادى عشر: المنازعات الخاصة بعقود الالتزام أو الأشغال العامة أو التوريد أو بأى عقد إدارى آخر».
ومن ناحية أخرى تنص المادة 179 من الدستور المعطل على أن «هيئة قضايا الدولة هيئة قضائية مستقلة، تتولى الادعاء العام المدنى والنيابة القانونية عن الدولة فى المنازعات، والرقابة الفنية على إدارات الشئون القانونية فى الجهاز الإدارى للدولة، وتختص بإعداد العقود، (وتسوية المنازعات، التى تكون الدولة طرفاً فيها)، وذلك على النحو الذى ينظمه القانون ويحدد القانون اختصاصاتها الأخرى».
ومن خلال استعراض النصين الدستوريين نجد إشكالية ذات أهمية وذلك كالتالى: -
1- من خلال المادة 174 من الدستور المعطل نجد أن اختصاص مجلس الدولة بالفصل فى كافة المنازعات الإدارية ومنازعات التنفيذ المتعلقة بأحكامه.
2- ومن خلال المادة 179 من الدستور المعطل نجد أن اختصاص هيئة قضايا الدولة يتمثل فى تسوية المنازعات التى تكون الدولة طرفا قيها.
فكيف يمكن الجمع بين النصين واستخلاص من هو المختص؟
خاصة أن قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972 فى مادته العاشرة، أفاد باختصاص محاكم مجلس الدولة بمنازعات الأشغال العامة.
فى الأخير على لجنة الخمسين إن أرادت حلا أن توفق بين وجهة نظر النيابة الإدارية وقضايا الدولة بأن العدالة البطيئة ظلم بين ووجهة مجلس الدولة بحماية منصة القضاء من أن يكون القاضى خصما وحكما.
* مدرس القانون الإدارى والدستورى المساعد بحقوق القاهرة
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
عاشق لمصر
لماذا يشعر القضاة بتميزهم عن باقي شرائح المجتمع؟ ولا يقبلون بالمساواة القانونية؟
عدد الردود 0
بواسطة:
مستشار قانونى محمد هلال الاسيوطى - عرامية الديوان -
الحصانه واستبعاد ذوى الاختصاصات
عدد الردود 0
بواسطة:
m.m
؟؟؟؟؟
عدد الردود 0
بواسطة:
مصرى
مدرس قانون جاهل بالقانون