أشياء منسية.. فى ذاكرة النفس التى ترهلت من كثرة النسيان، أشياء صدأت فى زخم الحياة.. هكذا نحن البشر ننسى ونتناسى مشاعرنا التى هى أصل وجودنا، فسيطر علينا التبلد والتحجر سابحين فى سماء الغيوم بعد أن تبلدت مشاعرنا، وتحجرت عقولنا بقناعات، زيفنا بها حقيقتنا التى كانت يوماً هى زاد الحياة التى نتلذذ بها.
أشياء منسية.. ومشاعر تتوهج بين الحين والحين، لكننا نتعمد أن نضعها على رفوف النسيان، وربما يدركنا الموت قبل ان نتذكرها حتى أصبحنا لا نفرق بين الخبيث والطيب، فالقلب الذى ينبض بالحب ويرعاه هو قلب لم تخدعه زخارف الحياة ولم تبدله الضغوط والأحداث مهما كانت قسوتها ومرارتها.
أشياء منسية.. كانت تقهر مشانق الحياة لتحيا فوق سماء الاعتياد الذى قتل أجمل ما فينا، لكننا تجاهلناها ووضعناها تحت عجلة الحياة التى دهستها بكل جبروت دون رحمة !
أشياء منسية.. تحاول الخروج من سجوننا لتحتج على حبسها ظلماً فى زنزانات النسيان، كأنها طفل وليد يصرخ منادياً أمه التى غابت عنه أو غريق يبحث عن طوق للنجاة أوشك على الغرق وسط أموج بحر عاتية، لكن وأسفاه على سذاجتنا!
أشياء منسية.. هى دواءً لأمراضنا التى كثرت وتنوعت وتمحورت كالفيروسات المدمرة للروح، لكننا مازلنا فى غيبوبتنا لا نستطيع أن نفرق بين اللون الأبيض والأسود من كثرة انشغالنا فى عبث الحياة الذى لا ينتهى.
أشياء منسية.. لم نعد نسعى إليها لنعانقها من شدة جفاءنا، أه يا حبنا الجميل كيف نرضى أن تهوى؟! وكيف لنا أن نعانق الوهم وننسى عشقنا المتساقط من دفء مشاعرنا؟ عشقنا ذو الأجنحة البيضاء، أجنحة الملائكة!
أشياء منسية.. نتوقف عندها ولا نذكرها، والتوقف عنها يولد النسيان ويؤدى إلى الركود والجمود، وتصبح الأشياء مجرد صور وخيالات تتلاشى فى الذاكرة مع مرور الأيام لتصبح ماضى لا يعود !
أشياء منسية.. هى مشاعرنا المدفونة جراء أفعالنا العبثية، هى صرخة فى الذاكرة تحاول بث روح الأشياء الجميلة فى قلوبنا المسكونة بالحب.
