يقول الله سبحانه وتعالى فى كتابه الكريم: "قل اللهم مالك الملك تؤتى الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء وتعز من تشاء وتذل من تشاء بيدك الخير إنك على كل شىء قدير" صدق الله العظيم.
إنها حقا لحظة من اللحظات الفارقة فى تاريخ مصر، سوف نتذكرها وستبقى فى ذاكرة الأمة لعقود وعقود.
فقد وقف الرئيس المعزول محمد مرسى – أول رئيس مدنى منتخب فى تاريخ مصر – فى القفص متهماَ بعد أن كان فى أقل من سنة رئيساَ.
ولنعود إلى الوراء قليلاَ وتحديداَ فى أغسطس من العام 2011 عندما وقف الرئيس الأسبق – أو المعزول ايضاَ – حسنى مبارك لأول مرة فى نفس هذا القفص الذى وقف فيه خلفه محمد مرسى ليحاكم على نفس التهم تقريباَ وهى قتل المتظاهرين، وقتها حبس المصريون أنفاسهم غير مصدقين أنفسهم بأن لحظة محاكمة الديكتاتور والطاغية الذين خلعوه - بعد أن ظل لمدة 30 عاماَ قابضاَ على الحكم انحدرت وتدهورت فيها أحوال مصر- قد جاءت، وقتها وقف العالم غير مصدقاَ لما يحدث فى مصر، وصمت أمام انبهار المصريين.
وها هم المصريون يبهرون العالم مرة أخرى، فبعد أقل من سنتين على محاكمة الرئيس الأسبق حسنى مبارك، يعزلون رئيسهم الجديد ويحاكمونه بعد أن نصّب نفسه ديكتاتوراَ جديداَ بزى إسلامى، وكان كل همه هو تمكين أهله وجماعته وعشيرته والسيطرة على مقاليد الأمور فى مصر، وقام بإحلال حزب وطنى جديد، ونسف الشرعية وأضاع الديمقراطية التى كان يأمل المصريون فى تحقيقها أثناء ثورة 25 يناير، وفرق بين أبناء الوطن الواحد، وقام بالعفو عن الإرهابيين والقتلة وأطلق سراحهم، وشوه صورة مصر أمام المجتمع الدولى.
إننا بلا شك أمام أمر تاريخى واستثنائى، ففى خلال ثلاث سنوات يقوم المصريون بثورتين ويعزلون رئيسين ويقلبون نظامى حكم ويتحملون عناء فترتين انتقاليتين أملا فى غد أفضل، وطمعاَ فى معيشة طيبة وحلماَ بحقوق وحريات حقيقية.
إن هذه المحاكمة ما هى إلا عبرة وعظة، ورسالة وجرس إنذار إلى أى رئيس مصرى قادم يتهاون فى حق هذا الشعب، أو يعاملهم كعبيد، ويتوهم بأنه فوق القانون وفوق المساءلة ولا يمكن محاسبته عن أى فعل، فالرئيس ما هو إلا مواطن عادى ليس له أى امتيازات عن أى أحد من المواطنين، وما هو إلا خادم للشعب وليس سيده.
فالشعب المصرى لن يرضخ للذل والإهانة مرة ثانية، ولن يسكت عن ضياع حقوقه، وسيثور ضد أى ظلم وقع عليه لأنه أولا وأخيرًا الحَكم ومصدر السلطات، ولن يرضى بأى فاشية مرة أخرى أيا كانت شكلها.
