تعتبر الترجمة فنا مستقلا بذاته، حيث إنه يعتمد على الإبداع والحس اللغوى والقدرة على تقريب الثقافات، وهو يمكن جميع البشرية من التواصل والاستفادة من خبرات بعضهم البعض، فهى فن قديم قدم الأدب المكتوب.
1-لماذا اخترت الرواية الإيطالية "بنات الفراعنة" لتترجمها؟
كان حلم حياتى أن أترجم رواية طويلة من الأدب الإيطالى، وأن تجمع هذه الرواية بين طياتها ما بين العالمين العربى والإيطالى، والحمد لله بعد بحث طويل داخل الكتب التراثية الإيطالية وجدت ضالتى فى رواية بنات الفراعنة، وبعد ترجمتها شعرت بأننا أمام رواية جديدة تاريخية لنجيب محفوظ مثل كفاح طيبة، ورادوبيس أو على الأقل تشبهها، ولكن يجب أن نعترف بأن صدور هذه الرواية سبق كل أعمال نجيب محفوظ، وقد صدرت الطبعة الأولى لها عام 1905، والسبب الثانى هو العثور على رواية لا تسقط بالتقادم أى جديدة متجددة وهو ما تحقق فى هذه الرواية التاريخية.
2-دائما ما يقال أن الترجمة تجعل العمل الإبداعى يفقد بعضا من متعته، كيف تخطيت ذلك فى نقلك لرواية "بنات الفراعنة"؟
- العمل الإبداعى لا يفقد متعته بالترجمة إلا فى حالات محددة، وهى أن يكون المترجم غير متخصص فى العمل الذى يقوم بترجمته وبالتالى تخرج علينا ترجمة ركيكة المعانى والأسلوب، أو أن المترجم غير مقتنع بما يترجم وبالتالى كمن يترجم بغرض الحصول على أجر مادى فقط، أو أن المترجم غير ملم بثقافتى اللغتين الأم والمصدر، وأقول ثقافة وليس لغة لأن المترجم المثقف عندما يترجم يستحضر أمامه مشاعر وأحاسيس الشخصيات الروائية وهو يعلم أحوالها داخل أوطانها وبالتالى فهو لا يترجم هنا كلمات أو جمل فقط بل يترجم معانى جميلة مشبعة بأحاسيس الكاتب الأصلى، وإذا تحدثنا عن رواية بنات الفراعنة، فالصعوبة التى واجهتنى هى كيف أوازن ما بين مشاعر كاتب أجنبى يكتب عن تاريخنا المصرى وبين مشاعرى الشخصية كمصرى، ولكن ذلك لم يكن بالأمر العسير، لأننى شعرت بأن الكاتب يعشق مصر قلبا وقالبا وبعد ثلاث سنوات من قراءة العمل وترجمته أكثر من مرة استطعت التغلب على الحاجز الثقافى واللغوى، وإن كنت اعترف أننى حاولت قدر الإمكان الارتقاء بالمعانى حتى تقترب من النص الأصلى ولا تفقده قوته.
3- هل رواية بنات الفراعنة تعتبر رواية تاريخية أم أنها من وحى الخيال؟
- تعد رواية بنات الفراعنة مزيجا من الأحداث المستوحاة من التاريخ الفرعونى القديم وتحديدا فى عصر الأسرة السادسة التى أسسها "تيتى الأول" ولكن الكاتب وضعها فى قالب روائى من وحى خياله، ولذا تعمدت فى الصفحات الأولى للرواية أن أضع تنويها بشأن ذلك بأنها رواية من وحى خيال المؤلف تعتمد على بعض الأحداث التاريخية ولكنها لا تعتبر أحداثا مرجعية موثقة، وهذه هى إحدى الصفات التى تتميز بها كتابات الروائى الإيطالى "إيميليو سالجارى"، المشهور بكتب المغامرات والرحلات، فلقد زار العديد من المدن الأفريقية وكان يلتقط خيوط رواياته من مشاهد يومية أو تراثية ثم يضعها فى حبكة رواية أقرب للخيال العلمى، ولكن فى الوقت نفسه يتميز بأنه يضع جزء معلوماتى للتعريف بالمكان الذى يتحدث عنه، حتى أنه فى الرواية يتحدث عن الأهرامات وأبعادها ومن بناها وكيف بنيت.
4- رواية "بنات الفراعنة" مزيج من الصراع على السلطة والإيمان بقوة الحب.. هل هذا ما زال سائدا فى المجتمع المصرى إلى الآن؟
- لو تتبعت التاريخ المصرى منذ ظهوره وحتى الآن ستجد الصراع على السلطة متجسدا بصورة أو بأخرى، اختلفت الأساليب ولكن الغاية واحدة هى الوصول إلى العرش أو كرسى الحكم وستجد ظالما ومظلوما وضحايا، أما قوة الحب فهى موجودة داخل الشعب المصرى وهى التى حافظت عليه من الانهيار منذ الأزل أمام الكوارث التى حلت به منذ فجر التاريخ، قوة الحب تتجسد فى صفات المروءة والشهامة والعاطفة والحمية داخل الإنسان المصرى وهى صفات قلما تجدها فى أى شعب آخر.
5-ماذا تقول عن المترجمين الذين ينقلون أعمالا أدبية عن لغات وسيطة مما يترتب عليه ضياع الكثير من معالم النص الأصلى وكيف نتفادى ذلك؟
- قد التمس العذر للمترجمين الذين ينقلون عن لغات وسيطة لعدم إجادتهم اللغة الأصلية، ولكننا نصبح أمام عمل مترجم جيدا ولكنه بلا روح وهو ما أرفضه تماما، ولذا أنصح هؤلاء المترجمين بالتركيز فى اللغة التى يجيدونها وسيجدونها ثرية بالأعمال الإبداعية.
6- كيف ترى مصر، بعينك الشبابية، فى تلك الفترة التاريخية التى تمر بها بعد ثورة 25 يناير وموجتها الثانية فى 30 يونيو؟
- مثل أى شاب مصرى أتمنى لبلادى أن تشفى قريبا من كبوتها وأن تعود دولة قائدة للعالم أجمع، ولن يتأتى ذلك إلا بالاستعانة بالأكفاء فى كل مجال والاستغناء عن أهل الثقة فهم آفة كل عصر، فالبعض منا يشعر بالإحباط مما يحدث، ربما لعدم وضوح الحقائق أمام أعيننا ولكننى واثق تمام الثقة بأن مصر ستعود لنا بخيرها ونعمها وأتمنى أن نتحد جميعا مرة أخرى ولا تفرقنا الأهواء، وأن نبدأ العمل البناء بدلا من الاختلافات التى مزقتنا إلى فرق متناحرة.
7-هل هناك مشروع جديد فى الترجمة يعمل عليه شريف رضوان هذه الفترة؟
- بالفعل، هناك مشروع جديد لترجمة كتاب أو لنقل مرجع من المراجع العلمية الإيطالية الكبرى ويؤرخ لإحدى النظريات المعروفة فى مجال الرياضيات، ولكن ربما تواجهنى مشكلة تمويل نشر الكتاب وأتمنى أن أجد مؤسسة كبرى تهتم بمثل تلك الترجمات، وفى الوقت نفسه، أعمل على ترجمة مجموعة قصصية جديدة قصيرة من التراث الإيطالى وهى على الرغم من مرور سنوات على نشرها بلغتها الأصلية إلا أنها ما تزال تمس واقعنا المعاصر بكل معاناته وإشكالياته، وهناك عمل آخر بعنوان "ألف حكاية ذهبية" صادر سابقا عن دار نشر مصرية وتم ترشيحه لجائزة الشيخ زايد آل نهيان للترجمة عام 2009 وهى مجموعة قصصية للأطفال، بجانب إصدارات الكترونية أخرى للأطفال على الإنترنت.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة