فى بردية من أجمل البرديات المصرية القديمة وهى بردية (شستر بيتى رقم2) من عصر الدولة الحديثة، فى هذه البردية نجد قصة أو أسطورة (الحقيقه والبهتان)، والتى تحكى عن أن أخوين هما الحق والبهتان، عاشا بين البشر وأراد البهتان أن يكيد لأخيه، فترك خنجره لدى أخيه، ثم أخذه منه خفية وعاد، فطالبه به، ولما اعتذر أخوه له عن ضياعه لم يقبل البهتان الاعتذار، ولما حاول أن يعوضه لم يقبل عوضه وشكاه إلى المعبودات، بل وادعى أن طول خنجره كان فى ارتفاع الجبل وتركت له المعبودات حرية اختيار التعويض المناسب الذى يفضله، فاصر البهتان أن يقتلع عينى أخيه ويستخدمه حارسا لداره فأجابته المعبودات إلى ما أراد، ولكنه كان كلما نظر إلى أخيه الحق شعر وأحس بالخزى، ولهذا أراد أن يتخلص منه نهائيا فأمر عبدين من عبيده بأن يلقيا بأخيه إلى السباع، ولما خرج العبدان بالحق، قال لهما: أتضحيان بى من أجل البهتان واستعطفهما فتركاه فى الجبل وشاهدته امرأة جميلة وتزوجت منه، ولكنها خشيت أن يسخر منها الناس، لأنها تزوجت من ضرير فأخفت خبر زواجها منه، وخصصت له حجرة بجانب باب دارهما وأثمر هذا الزواج عن طفل وأخفت أمه عنه حقيقة عمل أبيه، ومن يكون، ولما كبر الطفل وذهب إلى المدرسة كان زملاؤه يسألونه دائما عن أبيه، ولما شب أصر على أن يعرف حقيقة أبيه من أمه، فدلته عليه وأخبرته أنه بواب دارها، فاستنكر الابن فعلتها وأراد الغلام أن يكيد لعمه البهتان، فأخذ معه ثورا كبيرا وعهد به إلى أحد الرعاة الذين يستخدمهم عمه، وطلب منه أن يرعاه حتى يعود من سفر بعيد، وحدث أن جاء البهتان ليتفقد مراعيه فشاهد الثور الثمين فأعجب به وطلب أن يذبح له دون أن يعبأ بتوسلات راعيه الذى يعرف أن هذا الثور ليس من ثيران المزرعة وعاد الشاب بعد شهور وذهب إلى الراعى لأخذ ثوره فلم يجده فشكا عمه إلى المعبودات وادعى أن ثوره كان ينجب ستين عجلا كل يوم، وأنه إذا وقف وسط الدلتا بلغ أحد قرنيه حدودها الشرقية ومس قرنه الآخر حدودها الغربية، فتعجبت المعبودات من أقواله وقالوا له أنهم لم يروا ثورا بمثل هذه الضخامة فأجابهم وهل رأيتم خنجرا بضخامة الخنجر الذى حكمتم على أبى بالعمى بسبب فقدانه، وهنا أدركت المعبودات أن البهتان خدعهم فردوا إلى الحق بصره ونور عينيه، وأمروا بجلد البهتان مائة جلدة وبجرحه خمسة جروح بالغة فى جسده وبأن يصبح بوابا أو حارسا عند أخيه جزاء لما فعله به).
انتهت القصة الأسطورية الجميلة البليغة والتى تحمل معانى كثيرة بين سطورها، أن الحق لابد أن ينتصر، وأنه كما تدين تدان، والعملة الجيدة تطرد العملة الردئية، حتى لو تأخر الحق فترة، لكنه فى النهاية سيطل مهما طالت تلك الفترة.. الحق والعدل والحرية هما نور نتلمس بهم ظلام كل شىء فى حياتنا، فمن يريد النور، فليذهب له ومن يريد الظلام فحياته ستصبح دوما مظلمه فأيهما أنت تختار؟
صورة أرشيفية
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
سامح لطف الله
اختيار جميل