على مدى الساعة ظلت الابتسامة على وجه الحاج سعيد سنارى، سفير غانا لدى القاهرة، فهو يعتبر مصر بلده الثانى الذى حصل على التعليم فيه بالمجان، كما أن والدته المصرية منحته حبا مضافا للقاهرة.
سنارى كما كان واثقا من فوز غانا على مصر فى مباراة كوماسى، واثقا أيضا فى أن النجوم السوداء قادرون على تحقيق فوز آخر فى مباراة العودة بالقاهرة فى 19 نوفمبر الجارى، لأنه كما قال: «منتخبنا قوى»، وقلل مما أثارته الصحف الغانية بشأن الأوضاع الأمنية فى مصر، وقال إنه واثق من قدرة الجيش والشرطة المصرية على تأمين المباراة وجماهير غانا سواء القادمون من أكرا أو المقيمون بالقاهرة.
الحاج سعيد سنارى تحدث فى حوار خاص مع «اليوم السابع» عن توقعاته للمباراة والترتيبات التى تجرى حاليا بين البلدين، كما شرح أسباب ظهور إشارات رابعة فى استاد كوماسى.. وإلى نص الحوار:
هل لديك تخوفات من الأوضاع الأمنية خلال مباراة مصر وغانا؟
- علمت أن الفيفا قررت عقد مباراة العودة فى القاهرة، ونتطلع فى غانا إلى اللقاء الذى من المتوقع أن يكون صعبا، فالمؤكد أن منتخب مصر يسعى للانتقام بالقاهرة، وأنا شخصيا أتمنى أن يفوز منتخبنا فى القاهرة أيضا، لأنه أفضل منتخب فى تاريخنا.
أما بالنسبة للوضع الأمنى، فلا أتوقع حدوث مشكلات، لأن ثقتى فى الأمن والجيش المصرى كبيرة، وأملى كبير فى أن تنتهى المباراة بسلمية ويعود اللاعبون والمشجعون إلى غانا سالمين.
لدينا بعض المخاوف بالطبع، ونخشى من نزول الجمهور إلى أرض الملعب، كما حدث فى مذبحة بورسعيد الأليمة، كما أننا نخشى على جمهورنا الذى سيحضر المباراة، ويبلغ عدده 1500 مشجع.
ألا تشعر بتضارب فى الولاءات إزاء المباراة خاصة أن والدتك مصرية؟
- هذا أمر محير نوعًا ما، ولو كان الأمر بالأمانى لتمنيت أن يصعد المنتخبان، فأنا غانى بالطبع، لكن والدتى مصرية، وأنا تعلمت فى المدارس المصرية مجانًا، لما كان أبى سجينا فى غانا، بعد انقلاب عام 1966.
ومنحتنى مصر خلال فترة عبدالناصر، تعليما مجانيا، وإقامة مجانية، كل شىء كان مجانيا لى ولأقاربى الخمسة، وكنت ممتنا للغاية بمصر وعبدالناصر.
هل ثمة نصائح ما قدمتموها لجمهور غانا؟
- لا توجد نصائح معينة، فكل ما أكدناه لجمهورنا أن هذه مباراة كرة قدم، وعلينا أن نهنئ الفائز ونحترم الخاسر، وعليهم احترام الجمهور المصرى، وركزنا على أن الشعب المصرى يشجع غانا دائما، لأنه يحب الكرة البرازيلية التى نؤديها.
تحدثت الصحافة الغانية عن تعرض غانيين يعيشون بمصر إلى سوء معاملة بعد مباراة كوماسى.. هل سمعتم عن شىء من هذا القبيل؟
- حقيقة الأمر، لم تكن هناك مضايقات، وكانت هناك واقعة واحدة، ولم تبلغ المستوى المثير للقلق، وتحدثت إلى بعض الصحفيين الغانيين عندما سألونى عن حالات المضايقة التى يتعرض لها الغانيون فى مصر، وحققنا فى الأمر، ولكن لم تكن هناك وقائع ونتمنى أن يظل الأمر هكذا.
تقول تقارير إن بعض فئات من جماعة الإخوان ستسعى لإثارة الفوضى وقت المباراة، ما تعليقكم؟
- أنا لم أسمع بهذه التقارير، وأتمنى عدم حدوث ما ينغص الحدث، فالمسألة مجرد مباراة لكرة القدم، وآمل أن تنتهى بسلمية وأن يعود الغانيون بسلام وأمان إلى بلدهم.
ما تعليقكم على ظهور علامات رابعة فى استاد كوماسى؟
- لا أريد أن أتطرق إلى هذا الأمر، ولكن كان هناك بعض المصريين الذين أعطوا «قمصاناً» إلى بعض المشجعين الغانيين الذين لا يعرفون ما معنى العلامات التى يحملونها، لذا ارتدوها، وهذا أمر مؤسف.
لدينا فى غانا مسلمون، والأمر الجيد أنهم موحدون للغاية، ويحترمون بعضهم والطوائف الأخرى، ويعيشون فى تناغم مع الجميع، وليس لدينا اشتباكات على أسس دينية.
هل أجريت فى الأيام الماضية اتصالات مع المسؤولين المصريين للترتيب للمباراة؟
- سنتقابل مع مسؤولين فى اتحاد كرة القدم ووزارتى الداخلية والخارجية، وسيأتى رئيس الاتحاد الغانى مع فريق أمنى إلى مصر قبل المباراة ليتقابلوا مع نظرائهم المصريين، لنرى الضمانات التى سيعطوننا إياها للتأكيد على سير المباراة بسلام.
أبديتم ثقتكم فى الفوز، هل هذا نابع من نتيجة المباراة فى غانا؟
- هذه الثقة تأتى من اللاعبين الغانيين أنفسهم، والأمر طبيعى، فالجميع يستطيع أن يرى من الضعيف، ومن القوى. ولكى نكون أمناء مع أنفسنا، نحن لدينا فريق أفضل، والسبب فى ذلك أننا أهلنا الفريق لهذا، فالفريق مشكل من شباب فى بداية العشرينيات، كما أن هؤلاء الشباب كانوا يلعبون فى فريق غانا الوطنى للشباب، وفازوا بكأس العالم للشباب التى أقيمت فى القاهرة، وفريقنا أصغر وأقوى بكثير من الفريق المصرى، ومعظم الفريق يلعب خارج البلاد مع الفرق الأوروبية، وهذا يضمن فوزنا.
هل تعتقد أن الشأن السياسى له تأثير على الحالة التى ظهر بها الفريق الوطنى فى غانا؟
- نعم أعتقد هذا، فالشأن السياسى يلعب دورا، ولكن اللاعبين أنفسهم كبار فى السن، وينبغى أن تكون هناك ثورة فى الفريق، فعلى سبيل المثال، وصل الفريق الألمانى إلى مستوى ضعيف جدا قبل عدة أعوام، فما كان من الحكومة الألمانية إلا أن استثمرت الملايين على الشباب، وهو ما ولد الفريق الوطنى الموجود الآن، وهذا ما نريد أن تفعله مصر، أن تستثمر فى الشباب.
كم قضيت من الوقت سفيرا لغانا فى القاهرة، وهل شهدت ثورة 25 يناير؟
- أشغل منصب سفير لغانا لدى مصر منذ ثلاثة أعوام، ونعم عاصرت ثورة 25 يناير، وكان الأمر صعبا للغاية، ولكنى أصلى وأدعو أن تعود سريعا إلى سابق عهدها، فمصر مهمة للغاية للشرق الأوسط، وهى بالفعل أم الدنيا، ونتمنى أن يعم الاستقرار، والشعب المصرى عليه أن يدرك أنه لا يملك سوى مصر واحدة.
إذا تحدثنا عن الأوضاع السياسية ما طبيعة العلاقات المصرية الغانية خاصة بعد ثورة يونيو؟
- العلاقة بين مصر وغانا قديمة ترجع لسنوات بعيدة، منذ وقت الرئيس الغانى، كوامى نكروما، وهو أحد المناضلين الأفارقة الأوائل ضد الاستعمار، وأول رئيس لغانا المستقلة، وأبرز دعاة الوحدة الأفريقية، الذى تزوج من السيدة فتحية من مواليد حى الزيتون بالقاهرة عام 1932، كما درس والدى هنا فى مصر، وكانت تربطه علاقة وطيدة مع جمال عبد الناصر، وعندما عاد إلى غانا، التقى مع نكروما، وبالفعل سعى لإقامة علاقات طيبة للغاية مع مصر، واستمرت متانة العلاقات على مدار أكثر من خمسين عاما، فمصر شريك مهم للغاية لغانا، إذ إنها ساعدتنا كثيرا بتقديم النصائح العسكرية.
ونحن نريد أن يعلم المصريون أن غانا تقف وراءهم بقوة، ونريد أن يعم السلام والاستقرار أرض مصر، وهذا ما يهمنا، لأننا ندرك أن القاهرة هى قناة الشرق الأوسط، وإن سقطت، سيتأثر الكثير من الدول فى الشرق الأوسط.
بعد ثورة 25 يناير زادت التكهنات بأن تنتعش العلاقات مع القارة السمراء لكن هذا لم يحدث، فكيف ترى الموقف الآن؟
- حقيقة الأمر، ينبغى أن تعزز مصر علاقاتها مع أفريقيا، وأعتقد من وجهة نظرى أن مصر أخطأت فى الماضى بعدم تركيزها على القارة، والمستقبل هو أفريقيا، وإن استثمرت مصر مستقبلا فى الدول الأفريقية فستستطيع تحقيق الكثير، ونحن فى غانا لدينا كل الاستعداد بأن نقدم يد العون للقاهرة، وأن يفتح باب الاستثمار هناك، والعكس، أن يفتح الباب هنا للمستثمرين الغانيين.
ما أوجه التعاون الممكنة بين مصر وغانا؟
- بالطبع نود أن نساعد مصر، إن استطعنا، وسيكون ذلك من خلال المشاريع المشتركة، وجلب الاستثمارات.
البلاد فى حاجة إلى الشراكة، والشركاء الغانيون مستعدون للتعاون مع المصريين الذين يريدون المشاركة فى أى مشاريع، وهذا جزء من دورنا كسفارة للترويج للتجارة، فأنا مثلا أقول للغانيين إنه من الأفضل أن يأتوا إلى مصر، إن كانوا يريدون الشراء، بدلا من الذهاب إلى الصين فى رحلة تستغرق 17 ساعة، كما أن المنتجات المصرية ذات جودة عالية أفضل مما نراه فى الأسواق الأخرى.
كيف تنظر غانا إلى قرار الاتحاد الأفريقى بتعليق عضوية مصر بعد أحداث 30 يونيو؟
- التعليق قرار الاتحاد الأفريقى، وبالأساس هذا القرار اتخذه الاتحاد بموجب اتفاق لومى عام 1975، وهو يلزم أى دولة أفريقية تشهد انقلابا عسكريا أو الإطاحة بحكومة ديمقراطية، حينها تعلق عضوية هذا البلد، فالعملية أتوماتيكية، ونأمل أن تفعل مصر خارطة الطريق، وأن تجرى الانتخابات البرلمانية، وبعدها الانتخابات الرئاسية بحلول العام المقبل، وعندما يرى الاتحاد الأفريقى هذه النتائج، سيرفع هذا التعليق، والقاهرة شريك مهم للغاية لأفريقيا.

