بين كل لحظة وأخرى، فى شتى بقاع الأرض، على امتدادها شرقًا وغربًا، وفى أعماق القلوب بكل ما تحمله من ألوان الأحلام والآلام، تنشأ العديد من أنواع الصراع، صراعات بالقلوب وأخرى بالبيوت، وأخرى بالبيئة وطبيعتها، حرائق بالغابات، وقصص حب تنتهى قبل البدايات، وأخرى تقاوم اليأس وتتمسك بالأمل فى تحقيق الأمنيات.
تنتج تلك الصراعات توترات بالحياة، واهتزازات من الصعب أن تظل فيها القلوب فى ثبات على أفكارها أو مبادئها أو ثقتها بنفسها أو بمن حولها، لا يثبت إلا من يثق بما عنده من عقيدة سليمة راسخة، لا يقبل فيها شك، ولا تساوره الظنون بشأنها، عقيدة عن نفسه الواثقة من قيمة ما تؤمن به، والغنى الحقيقى بما تملكه.
فالغنى الحقيقى ليس بمن يملك المال فى البنوك، ولكن الغنى من استغنى عما فى أيدى الناس بما عند الله، أن يثق المرء بأن الله أغناه بنعم لا تعد ولا تحصى، غنى يجعله فى ثقة من أنه مهما أنفق من خير عقيدته على إصلاح الحياة لا تنتهى الحياة إلا وهى فى حاجة إليه بأعماله وأفكاره فى إصلاحها.
حين تبلغ صراعات الحياة المتتالية ذروتها، قد تجده يأتى بأفعال غير متوقعة، قد تجده صامتًا حين يشتد الجدل، وفى شدة إرهاقه يسعى للعمل، قد تظن أنه حتمًا سيتمرد ثم تجده يطيع، أو فى خطأ تعتقد أنه بسيط لا يهدأ إلا بإصلاحه، لا يتكلم عن الإصلاح أو يحث عليه بل يأمر به نفسه ويشهد به عمله، لا يلتفت للإهانات الموجهة إليه ولا يغتر بمن يمدحه، فما يهمه أن يعلو ذكره عند الله أما البشر فلا يعنيه من يذكره، يظهر نقاء معدنه عند كل صراع، مشاركًا فى كل بناء أما ما يفسد الأرض فإنه يتركه.
