وقال فهمى فى مقابلة أمس السبت قبيل زيارة وزير الخارجية الأمريكى جون كيرى إن الولايات المتحدة ينبغى أن تنظر إلى علاقتها مع مصر على المدى الطويل وأن تدرك أنه فى أعقاب الربيع العربى "عليك أن تتعامل مع الشعوب العربية وليس الحكومات العربية وحسب. هذا يتطلب منك التعامل مع السياسة قصيرة المدى والسياسة الشعبية وليس فقط السياسة والسياسات الإستراتيجية. وبالتالى فإن ما يبدو أنه كيل بمكيالين أو عدم اتساق فى السياسة يصبح أكثر خطورة وعاملا فى تحديد رد فعل الجماهير".
وأكد فهمى الحالة "المضطربة" لعلاقات واشنطن مع مصر بعد خفض المساعدات العسكرية بعدما عزل الجيش الرئيس محمد مرسى المنتمى لجماعة الإخوان المسلمين فى يوليو بعد احتجاجات حاشدة على سياساته. وقال إن مصر سيكون عليها تطوير "اختيارات متعددة وخيارات متعددة" لرسم طريقها المستقبلى بما فى ذلك العلاقات العسكرية.
وفى مقابلة مع رويترز بعث فهمى برسالة إلى الولايات المتحدة وقال "إذا كانت ستصبح لك مصالح فى الشرق الأوسط فإنك تحتاج إلى أن تكون علاقاتك جيدة أو على الأقل تدار جيدا مع الدولة التى هى مركز الشرق الأوسط". وتابع "سيكون هذا حوارا صريحا وأمينا بين الأصدقاء".
وقال عن اجتماعه مع كيرى "سنعمل بهذا الأسلوب البناء لتطوير العلاقة ولكن ليس لدينا شك فى أننا سنوفى الاحتياجات اللازمة لأمننا القومى كما هى مطلوبة من أى مصدر نحتاجه".
وكان الوزير وهو شخصية ليبرالية فى الحكومة المدعومة من الجيش قام بأول رحلة خارجية رئيسية له إلى روسيا فى سبتمبر وليس إلى الولايات المتحدة التى جمدت أجزاء أساسية من مساعداتها العسكرية للجيش المصرى. ويحصل الجيش على 1.3 مليار دولار سنويا فى صورة مساعدات عسكرية ونقدية منذ وقعت مصر اتفاقية كامب ديفيد للسلام مع إسرائيل عام 1979.
وقال فهمى إن الرسالة التى ستنقلها القاهرة إلى كيرى هى أن "العلاقة بين الولايات المتحدة ومصر مهمة جدا لكن العلاقة أعمق كثيرا من المساعدات أو وقف المساعدات ويجب أن ينظر إليها باعتبارها علاقة إستراتيجية أكثر منها علاقة تكتيكية".
وأكد فهمى وهو سفير سابق لدى واشنطن ظل لفترة طويلة أحد المسئولين عن رسم السياسات فى وزارة الخارجية المصرية أن هذا التحرك لا يمثل إعادة توجيه للسياسة المصرية نحو موسكو التى كانت حليفا لمصر فى عهد الاتحاد السوفيتى قبل أن يجذب الرئيس الراحل أنور السادات مصر إلى المعسكر الغربى ويتوصل إلى سلام مع إسرائيل.
وقال "هذه عقلية الحرب الباردة. أنا لا أحاول أن أضع روسيا فى مواجهة أمريكا. أنا أحاول أن يصبح هناك 10 و20 و30 شريكا جديدا لمصر".
ومضى يقول "الحكومة المصرية ملتزمة بتنويع علاقاتها ليس على حساب أصدقائنا ولكن إلى جانب أصدقائنا.. هذا ليس موقفا ضد السياسة الأمريكية إنه موقف متسق مع المصالح المصرية".
وقال فهمى إن بلاده وهى ثانى أكبر متلق للمساعدات العسكرية الأمريكية بعد إسرائيل ويعيش بها ربع سكان العالم العربى انزعجت من خفض المساعدات وخاصة الجانب العسكرى الذى يتطلب "استدامة واستمرارية واتساقا على المدى الطويل".
وغضبت السلطات المصرية وحلفاؤها العرب من قرار واشنطن الشهر الماضى بتجميد بعض المساعدات العسكرية وأيضا 260 مليون دولار من المساعدة النقدية بعد حملة ضد جماعة الإخوان المسلمين.
وقال الجيش إنه استجاب لاحتجاجات حاشدة على سياسات مرسى وتدخل لعزله. لكنه قاد فيما بعد حملة قوية على أقدم وأقوى جماعة إسلامية فى مصر.
ويصل كيرى قبل يوم من محاكمة مرسى و14 من قيادات جماعة الإخوان بتهمة التحريض على العنف.
ويعترف فهمى بأن مصر التى شهدت الإطاحة بالرئيس الأسبق حسنى مبارك فى احتجاجات شعبية عام 2011 تمر بفترة انتقالية صعبة لكن الديمقراطية هى السبيل الوحيد للمضى قدما.
وأضاف أن نجاح نموذج مصر أو فشله سيشكل الشرق الأوسط وخاصة الدول التى مرت بانتفاضات شعبية مشابهة أطاحت بحكام مستبدين.وقال "نحاول أن نحدد هويتنا السياسية وهى عملية صعبة وسيكون هناك هذا الشد والجذب... وسنتعثر... سيستغرق هذا وقتا".
وقال فهمى إن مصر تحتاج خمسة أعوام كى تصبح ديمقراطية ناضجة.وأضاف أنه لكى يحدث هذا يجب أن تستعيد مصر الأمن والرخاء. وتأثر قطاعا الاقتصاد والسياحة بشدة بالاضطرابات فى البلاد التى يبلغ عدد سكانها 85 مليون نسمة.
وأوضح أن حكومته مكلفة بالإعداد لانتخابات برلمانية ورئاسية جديدة والتصويت على دستور جديد فى استفتاء وبدء عملية مصالحة وتأسيس المؤسسات الديمقراطية لمصر الحديثة.
وردا على الانتقادات التى تقول إن مصر عادت مرة أخرى إلى قبضة الجيش قال فهمى "كلما اتخذنا المزيد من الخطوات لتنفيذ خارطة الطريق سترى وجها مدنيا أكثر لهذه العملية". وأضاف أنه لا رجوع عن الديمقراطية فى مصر وقال "لماذا يخرج الناس مرتين فى عامين ونصف العام ويغيرون رئيسهم؟ هذا لا يتعلق بما إذا كنا نستطيع أم لا بل بالمدة التى سنستغرقها وما هو الثمن". ومضى يقول "أقوى صوت فى مصر اليوم هو الشعب المصرى... أحذر مرة أخرى من تجاهل الشعب المصرى".



