فى تصريحات متتالية أكدت الحكومة عدم نيتها على الإطلاق إقرار أى زيادات ضريبية فى الوقت الحالى، لأن الظروف الاقتصادية لا تسمح بمثل هذا الإجراء الذى يؤدى بدوره لحدوث انكماش اقتصادى.
الجديد فى الأمر هو ما نص عليه الدستور فى مسودته الأولى التى يجرى التصويت عليها من إقرار الضريبة التصاعدية كمنهج أساس لإعادة توزيع الدخل القومى لتحقيق العدالة الاجتماعية، وهو الأمر الذى خلق مزيدًا من الجدل مع تضمين هذا الاتجاه كنص فى الدستور، دون أن يترك لأى حكومة حرية الحركة فى تحديد نوع الضرائب التى تفرضها.
وزارة المالية سارعت بدورها بالإعلان عن دراستها لمقترح بفرض ضرائب تصاعدية فى المستقبل، وقال الدكتور أحمد جلال وزير المالية إن كل الدراسات العالمية أثبتت أن الضرائب ليست العامل الأهم فى جذب الاستثمارات، خاصة وأن معظم المستثمرين الوافدين لمصر من دول ترتبط مع مصر باتفاقيات لمنع الازدواج الضريبى، وبالتالى إذا لم يدفع فى مصر سيدفع فى دولته.
وفى الوقت نفسه أكد الوزير أن الوضع الاقتصادى الحالى الذى نعانى فيه من تباطؤ وانكماش لا يتوافق مع فرض ضرائب جديدة، ولكن هذا لا يمنع أن الحكومة تعمل الآن على إعداد اقتراح بضرائب تصاعدية يمكن تطبيقه فى المستقبل.
هذا يعنى أنه رغم إيمان الحكومة بصعوبة إقرار أى زيادات ضريبية فى الوقت الحالى، إلا أنها ستفعل هذا فى المستقبل، وهو ما يثير التساؤل حول موعد هذا المستقبل، هل العام المقبل؟ هل يطول الأمر لسنوات؟
لكن الإجابة لا تزال غير واضحة لأن المستقبل أيضا غير واضح، ولكن السؤال الأكثر أهمية هو هل يمكن أن تسارع الحكومة بهذا التطبيق قبل الوقت المناسب تطبيقا لنصوص الدستور؟ وهو أيضًا ما ستتضح إجابته لاحقا.
وتظل الضريبة التصاعدية مثار الجدل المستمر بين من يؤيدها بشدة ويطالب بها منذ سنوات، ومن يعارضها بعنف أيضا، فبالنظر إلى طبيعة الضريبة التصاعدية فهى ضريبة تزداد نسبتها كلما ازدادت قيمة الدخل الخاضع للضريبة، وهو ما يعنى أن صاحب الدخل المنخفض يدفع ضريبة أقل، وصاحب الدخل المرتفع يدفع ضريبة أعلى.
نظريًا يعد هذا الأمر خطوة نحو تحقيق العدالة الاجتماعية، الفقير يدفع قليلا أو لا يدفع، والغنى يدفع كثيرا، ولكن التطبيق الفعلى هل يمكن أن يحقق هذا المعنى والهدف النبيل، وهل الإدارة الضريبية بوضعها الحالى المترهل قادرة على تحقيق هذا الهدف بكفاءة؟
ومع الحديث عن الضريبة التصاعدية يزداد الجدل، فنجد من يؤيد بشدة ممن يسعى لتعظيم العائد الضريبى، ومن يعترض بشدة ربما خوفا من آثارها التى قد تترتب من تقليل الدخول، وبالتالى زيادة البطالة والانكماش، أو خوفا على تقليص مكاسبه الشخصية من ذوى الدخل المرتفع.
وقد يتوقع البعض أن فرض الضرائب التصاعدية قد يؤدى لتعظيم الإيرادات الضريبية بشكل مبالغ فيه، ويجلب المليارات على الدولة، وهو نفس الحلم الذى شعر به المواطنون البسطاء عند الحديث عن ضم أموال الصناديق الخاصة التى تخفى المليارات أو تطبيق نظام الصكوك الذى يجلب المليارات أيضًا، واكتشف المواطن أن النتيجة النهائية لكل هذه الأحلام الناتجة عن التصريحات الحكومية هى «فنكوش»، ليس لها أى أساس من الواقع.
فلا يجب أن ننتظر من صاحب الدخل الكبير سواء كان شركة أو شخصا أن يرحب بفرض ضرائب مرتفعة على دخله، فالكثير سيحارب بضراوة، والكثير له طرقه للتهرب من هذه الضريبة، بما يخلق نزاعات ومحاكمات تطيل مدة تحصيل الضريبة الحقيقية فعليًا.
فى نهاية الأمر يجب أن يعى الجميع أن نوع الضريبة فى حد ذاته لن يكون هو السبيل نحو تحقيق إيرادات كبيرة أو العكس، وإنما التطبيق الفعلى للنظام الضريبى وإعادة هيكلته بالشكل الذى يمنحها القدرة على التطبيق الصحيح فى ظل استقرار أسس هذا النظام
منى ضياء تكتب : «الضرائب التصاعدية» هل تجسد حلم الفقراء فى تحقيق العدالة الاجتماعية؟ وأمل الحكومة فى المليارات؟.. التطبيق الجاد هو من يحدد الحصيلة النهائية للضريبة وعلى البسطاء ألا يفرطوا فى التفاؤل
الأحد، 03 نوفمبر 2013 06:58 ص
وزير المالية أحمد جلال
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
جمال مغربى قاسم القبانى قنا
هل نحن اذكى او اكثر عبقرية من الصين واليابان وبريطانيا والاسيان حتى لانطبق بالنص قوانين ضر