علا عمر

فى وادى العميان

الأحد، 03 نوفمبر 2013 08:26 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
قبل كل شىء وقبل الدخول فى فلسفة العمى لا تدع منظر الخراب يشوه مزاجك، ويشل قدراتك على الوقوف، يقول (اليابانيون) قم فما ينتظرك أجمل مما يحيط بك، اشترى أحذية لأحلامك وستصبح كل الطرقات إلى الوصول سالكة. هذه المرة سيبدأ المقال بقصة استوحى منها مجموعة أمثال مشهورة، تحكى القصة عن مجموعة مهاجرين من بيرو فروا من طغيان الأسبان ثم حدثت انهيارات صخرية فى جبال الأنديز، فعزلت هؤلاء المهاجرين فى واد غامض لم يزر أحد هؤلاء القوم وانعزلوا، لسوء الحظ انتشر نوع غامض من التهاب العيون سبب لهم العمى وورثوها لأولادهم جيل بعد جيل بطل القصة والشخصية المحورية (شاب اسمه ليونز) أنه مستكشف وخبير فى تسلق الجبال؛ تسلق جبال الإنديز مع مجموعة من البريطانيين، وفى الليل انزلقت قدمه فسقط من أعلى.. سقط مسافة شاسعة بحيث لم يعودوا يرون الوادى الذى سقط فيه ولم يعرفوا أنه وادى العميان الأسطورى. لكن لحسن حظه لم يمت، سقط ليونز على وسادة هوائية ثلجية أبقته حياً، عندما بدأ يمشى متألماً من سقطته، لا حظ البيوت التى تملأ البلدة ألونها غريبة فاقعة غير متجانسة ولم تكن لها نوافذ هنا خطر لليونز أن من بنى هذه البيوت أعمى (كخفاش)، صار ينادى عليهم، ويلوح لهم لكن أحداً لم يلتفت إليه، فتأكد أنهم عميان فعلاً وأن هذا هو الوادى الذى كان يسمع عنه وادى العميان. فكر ليونز أنه بلغ المكان الذى يستطيع أن يصبح فيه ملكاً، ولكن السؤال هنا.. فى بلد العميان هل يستطيع الأعور أن يصبح ملكاً؟ كما ظن (ليونز) وللأسف الكثيرون الآن.. جلس ليونز يشرح لهم أنه يبصر وأنه يرى الأشياء بعينيه؟ لكن ما معنى يبصر؟ جلس يشرح لهم من أين جاء.. جاء من بوجوتا حيث يبصر الناس !
راح سكان وادى العميان يتحسسون وجهه ويضعون أصابعهم فى عينيه، بدت لهم عضواً غريباً جدا بأهداب، مازال حلم ليونز وهو يشرح لهم البصر، وأنه يملك ما لا يملكونه يسيطر عليه أنه سيصبح ملكاً فى هذا الوادى، ولكن الصعوبة تأتى فى تدرب العميان على البراعة فى السمع، ويعرفون متى مشى على العشب وهل مشى على العشب أم الصخور؟ عندما تعثر أثناء المشى قدروا أنه ليس على ما يرام وحواسه ضعيفة ويتحدث عن أشياء غريبة، كانوا كذلك يستعملون أنوفهم ببراعة تامة، راح يحكى لهم عن جمال الجبال، والغروب، والشمس، كانوا يصغون له باسمين ولا يصدقون حرفاً (قرر ليونز أن يريهم أهمية البصر) رأى شخص هم يعرفونه قادما من بعيد يدعى بدرو، فقال لهم (بدرو) سيكون هنا حالاً فأنتم لا تسمعونه ولا تشمون رائحته لكنى أراه... بدا عليهم الشك وراحوا ينتظرون، لكن بدرو لسبب ما غير مساره وابتعد، قرر أن يحكى لهم ما يراه ويحدث أمام المنازل، لكنهم طلبوا منه أن يحكى ما يحدث بداخلها (ألست تزعم أن البصر أهم شىء فى الوجود؟) حاول ليونز أن يهرب من المواجهة لكنهم لحقوا به بطريقة العميان التى بدت له مخيفة كانوا يشتمونه، ويغلقون دائرة حوله ويضيقون عليه الخناق، فكر لو ضرب عدد منهم لاعترفوا بقدرته، لكنه فكر أنا مرهق، أنا لست متأكدا، هم كثرة، ولكن.... أنا فى واديهم أسئلة تدور برأسه، ولكنه فكر أن ينام، بعد فرار يوم كامل فى البرد والجوع وجد نفسه يعتذر هل كنت على خطأ؟ أم أعتذر لأنها الظروف !!!( ربما ليس شرطا أن تصبح ملكاً لأن من فى الوادى عميان !!
العميان، كانوا شعبا طيب القلب صفحوا عنه بسرعة فقط، قاموا بجلده، ثم كلفوه ببعض الأعمال، فى هذا الوقت بدأ يميل لفتاة وجد فيها جمالا، لكن العميان لم يكونوا يحبونها، لأن وجهها حاد بلا منحنيات، ناعمة وصوتها كان عاليا، وطويلة كانت تخالف فكرتهم عن الجمال.. فكر أن يتزوجها، فرفض أبوها، لأنهم كانوا يعتبرونه أقل من مستوى البشر، يعتبرونه نوعا من المجاذيب ضعيف جسمانيا، ويقول أشياء غريبة لكن الفتاة كانت تميل إليه، وجد الأب نفسه فى مشكلة، فطلب رأى الحكماء، كان رأى الحكماء قاطعاً (أن هذا الشخص يملك شيئين غريبين يسميان عينان، وله أجفان تتحرك وعليها أهداب، وأن هذا العضو ربما يكون قد أتلف المخ، فلا بد من إزالة ذلك العضو الغريب ليسترد الفتى عقله وحينها يمكنه أن يتزوج من الفتاة، بالطبع رفض وملأ الدنيا صراخا، وحزن ورفض أن يضحى بعينيه بأى ثمن، بعد وقت من التفكير، ارتمت الفتاة على صدره يا ليتك تقبل وصارت تبكى وتقول اقبل لنكون معاً إلى الأبد، هكذا صار العمى شرطا وثمناً فى هذا الوادى الغريب ليعيش بينهم (ليرتفع المرء من مرتبة الانحطاط ويصير مواطن كاملاً) حسب قوانين الوادى لا بد أن يفقد عينيه ليعترفوا أن له عقلا، وإلا فى عرفهم سيطلقون عليه مجذوب من المجاذيب، أمام ضعفه وحبه للفتاة قبل (ليونز) وفى آخر يوم له مع عينيه خرج ليلاً ليرى العالم للمرة الأخيرة، ليرى الفجر يغمر الوادى بلونه الصامت، الساحر، الأنهار والغابات، الأخضر والبنى، والأزرق، النجوم، لون الفضاء الواسع، رائحة الحياة.. الوادى يملأه السحر والجاذبية، الطبيعة غاوية كيف يتخلى عن هذا كله بإرادته من أجل....أدرك أن حياته هنا لطخة آثمة، لقد مر الفجر وأخذ قراره، وقرر أن يتجه لأعلى ويتسلق كانت تدور برأسه كيف؟ كيف أقنعوه أن البصر شىء لا قيمة له؟ ولماذا لا يريدونه يبصر يريدونه مثل الباقى. برغم أن هذا ممنوع !! القوانين تمنع الخروج قرر التسلق، وعند الغروب كان بعيداً جداً عن بلد العميان، نزفت كفاه، تمزقت ثيابه، كاد أن يحتضن الموت مرات ومرات. منهك، جائع، ضائع، تائه نعم لكنه لم يستسلم لم ينفذ الشروط وتمرد ! وعندما وصل اعتدل ورفع عينيه وراح يتأمل النجوم.. انتهت القصة.
هناك لحظة تأتى لكل منا فى كل مكان ويكون ما تفعله درب من الجنون والخيانة للآخرين لأن الفضيلة التى لديك ليست لها قيمة وليست مرأيه فى واد العميان، لا تتخلى عن عينيك مهما كان المقابل لتسير كالباقين أو تستطيع فقط العيش ولكن بشرط أن تكون (أعمى) حسب قوانين الوادى لأنك لو كنت محظوظاً رغم المعاناة ورأيت الفجر والحقيقة وتسلقت واقتربت ونظرت إلى أعلى ستندم على فداحة ما كنت ستفقده.





مشاركة




التعليقات 7

عدد الردود 0

بواسطة:

وفاء الخولى

حلوة قوى قوى القصة

جميلة القصة وفيها عبرة.

عدد الردود 0

بواسطة:

ماجدة عبد الهادى

اشكرك ومش قادرة اقول لحضرتك زعلانة ان القصة خلصت

عدد الردود 0

بواسطة:

محمد فتحى

لو سمحتوا ممكن ايميل الأستاذة علا

اليوم السابع لو سمحتوا ممكن تحطوا ايميلات الكتاب

عدد الردود 0

بواسطة:

نهى عبد الواحد

لماذا لا تكتبى عن رأيك ف محاكمة الرئيس المعزول

عدد الردود 0

بواسطة:

فاتن شعبان

انتى عارفة ان قرأت القصة.

عدد الردود 0

بواسطة:

رحيم

فعلا هناك لحظة. بس الحقيقة اثباتها يا علا اثبتت صعبة

عدد الردود 0

بواسطة:

قصة ذات مغزى

يسعد صباحك ربنا

من القصص الهادفة

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة