بعد أن اجتازت الأزمة المالية العالمية وإعادة هيكلة الديون المحلية فى السنوات القليلة الماضية تتوسع البنك الخليجية إقليميا وتطرق أنشطة جديدة كانت تقتصر من قبل على البنوك العالمية.
كان تباطؤ الأنشطة المصرفية فى المنطقة وعمليات إعادة الهيكلة الكبيرة للكيانات الحكومية قد كبح الأرباح فى بداية العقد الحالى مع قيام البنوك بتجنيب مليارات الدولارات لتغطية خسائر القروض وتوخى الحذر فى التمويل.
لكن وبفضل تعافى اقتصاداتها المحلية ومراكزها الرأسمالية القوية تضع البنوك الآن خططا للتوسع الإقليمى وكسب حصة من أنشطة مثل خدمات استشارات الديون والأنشطة المصرفية الخاصة وأعمال السمسرة التى كانت تخضع من قبل لهيمنة البنوك الغربية.
وأتاحت الأزمة فرصة للبنوك الخليجية مع قيام البنوك الغربية بتقليص عملياتها الإقليمية للتركيز على إصلاح ميزانيات وحداتها المحلية والوفاء بمعايير عالمية أشد صرامة لرؤوس الأموال والسيولة بموجب قواعد بازل 3 وهى مهمة أسهل بكثير للبنوك الخليجية الغنية بالسيولة.
وقال ريك بودنر الرئيس التنفيذى لبنك الإمارات دبى الوطنى لقمة رويترز للاستثمار فى الشرق الأوسط "اللاعبون الكبار مازالوا حاضرين هنا وبقوة لكن حتى هم لديهم مشاكل شتى ويدرسون أين يمكن أن يقلصوا أنشطة معينة وهو ما أعطى فرصة للبنوك المحلية".
ويتوقع عدة بنوك رئيسية فى المنطقة نمو الأرباح نحو 20% أو أكثر هذا العام مع تعزز ميزانياتها بفضل الإنفاق الحكومى على البنية التحتية والرعاية الاجتماعية ومع تحقيقها مزيدا من دخل الرسوم بفضل إيرادات جديدة.
وحقق بنك بروة الإسلامى القطرى قفزة 85% فى صافى ربح النصف الأول من 2013 ويتوقع استمرار النمو السريع مدفوعا فى الأساس بمشاريع للبنية التحتية قيمتها مليارات الدولارات فى قطر ونمو أعمال استشارات الديون وإدارة الأصول.
وقال ستيف تروب الرئيس التنفيذى للبنك "استثمرنا بكثافة فى قدرات أسواقنا.. فى الدخل الثابت وأنشطة إصدار الصكوك فى الأسواق المالية الإسلامية والصرف الأجنبى وأنشطة السوق عموما".
وساعد البنك فى ترتيب صكوك لأجل خمس سنوات بمليار دولار للبنك الإسلامى للتنمية هذا العام.
وفى غضون ذلك من المتوقع أن يتسارع نمو صافى الربح البنوك التجارية فى الإمارات العربية المتحدة إلى حوالى 20% فى 2013 حسبما قال رئيس اتحاد مصارف الإمارات فى سبتمبر أيلول.
وحتى البنوك الصغيرة مثل بنك الفجيرة الوطنى تستفيد من النمو الاقتصادى فى الإمارات، حيث قد يفتح البنك مكاتب لتمويل التجارة فى أفريقيا بعد تأسيس وحدة للاستشارات المالية فى المنطقة المالية الحرة لدبى هذا العام.
وقال فينس كوك الرئيس التنفيذى للبنك لرويترز "شاهدنا على نحو مطرد هذا العام نموا سنويا فى حدود 30% فى صافى الربح ونتوقع استمرار ذلك لأنه لا يأتى من عوامل غير متكررة".
ومن النتائج المهمة لانتعاش القطاع المصرفى فى المنطقة تجدد الإقبال على عمليات الاستحواذ بين البنوك الخليجية التى تريد الحد من اعتمادها على أسواقها المحلية.
وفى خارج الخليج ينصب التركيز على الأسواق الناشئة - باقى العالم العربى وتركيا وأفريقيا وأجزاء من شرق آسيا - لا الأسواق المتقدمة بطيئة النمو فى أوروبا والولايات المتحدة.
ويتطلع بنك الإمارات دبى الوطنى أكبر بنوك دبى إلى أهداف استحواذ فى تركيا حيث يطمح إلى تحقيق 20% من إيراداته من الأسواق الخارجية فى غضون خمس سنوات ارتفاعا من مستوى ثمانية بالمئة الذى قال بودنر إنه حققه بعد شراء الأنشطة المصرية لبنك بى. إن.بى باريبا العام الماضى.
وقال الرئيس التنفيذى للبنك الأهلى المتحد البحرينى إن البنك يبحث عن فرص استحواذ فى أسواقه القائمة وفى أسواق جديدة مع محاولته بناء شبكة فى أنحاء الشرق الأوسط.
وقال عادل اللبان خلال القمة "جرت العادة فى أن تأخذ عمليات الاستحواذ شكل موجات من المد والجذر - أحيانا تكون غارقا فى الفرص وأحيانا تجف السوق - لكن نحن معروفون بالنشاط فى مجال الاستحواذ لذا نتلقى عروضا كما أننا سباقون إلى مفاتحة الأطراف المحتملة".
ويرغب البنك الذى يعمل فى ست دول بمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا إضافة إلى بريطانيا فى كسب موطئ قدم بثلاث دول خليجية ليس له حضور فيها حاليا - هى الإمارات والسعودية وقطر - إلى جانب تركيا.
واشترت بنوك كبيرة مثل بنك قطر الوطنى أصولا مصرفية فى مصر وليبيا والعراق على مدى العامين الأخيرين طامحة إلى تحقيق حضور عربى واسع.
وبالنسبة للبنوك غير الراغبة فى خوض مسار الاستحواذ فالنمو الذاتى خيار مطروح بقوة.
ويعتزم بنك أبوظبى الوطنى الذى يعمل فى 14 بلدا بأصول قيمتها نحو 100 مليار دولار التوسع فى مدن من شرق الصين إلى غرب افريقيا فى إطار مسعى لتعزيز حضوره فى الأسواق الناشئة حسبما ذكر الرئيس التنفيذى الجديد للبنك فى تصريحات للصحفيين الأسبوع الماضى.
وبحسب تقديرات لبنك قطر الوطنى زادت أصول القطاع المصرفى الخليجى - التى يسيطر أكبر 20 بنكا محليا على ثلثيها - 11% فى 2012 إلى 1.47 تريليون دولار. (شاركت فى التغطية ميرنا سليمان وسيلفيا وستال).
