أزمة مصرية بدأت تلوح من جديد بعد خلافات لجنة الخمسين، حول بعض المواد الدستورية، وتحديدا الخاصة بحرية الرأى والتعبير، فيما يخص الاعتصام والتظاهر، فبعد إصدار الرئيس المصرى المؤقت عدلى منصور قانون التظاهر، الذى يحدد شروطا واضحة وصريحة لتظاهر أى فئة معارضة، ظهرت من جديد أزمة بين الحكومة والشارع، الذى قرر الخروج والاعتراض على نص القانون، فضلا عن بعض اعتراضات على أداء عمل لجنة الدستور ذاتها، لدرجة أدت إلى انسحاب ممثلى الكنائس الثلاثة من اجتماع لجنة الخمسين برئاسة عمرو موسى، اعتراضا على إصرار ممثلى اﻷزهر، وحزب النور، على إضافة عبارة "اﻷحكام المجمع عليها" لتفسير المحكمة الدستورية العليا لكلمة مبادئ الشريعة اﻹسلامية الواردة فى المادة الثانية من مسودة الدستور.
ورغم كل ذلك خرج الكاتب محمد سلماوى، المتحدث باسم لجنة تعديل الدستور، بتأكيد أن التصويت داخل لجنة الخمسين سينتهى فى 3 ديسمبر المقبل، وسيجرى الاستفتاء قبل نهاية الشهر نفسه.
المشهد المرتبك حول الاتفاق على دستور البلاد، تكرر بكامله فى تونس والجزائر، ففى تونس تحديدا منذ انتخاب "المجلس التأسيسى"، أو البرلمان التونسى، تعرضت البلاد لعدد من المشكلات السياسية ارتبطت فى المقام الأول بطول الفترة الانتقالية التى كان يفترض أن تنتهى فى 23 أكتوبر 2012، أى بعد عام على انتخاب المجلس الذى لم ينجح إلى الآن فى وضع مسودة الدستور، الأمر الذى ترتب عليه تأخر إجراء الانتخابات التشريعية التى أعلن البرلمان وقتها أنها ستجرى مبدئياً فى يونيو الماضى، أى بتأخير ثمانية أشهر كاملة عن التاريخ الذى كان يفترض فيه إجراء الانتخابات.
هكذا دخلت تونس فى نفق فشل الاتفاق حول الدستور، وتحديدا بعد اغتيال الناشط اليسارى محمد البراهمى، وكان من المفروض أن ينهى البرلمان التونسى كتابة الدستور ضمن مهلة لا تتعدى سنة من تاريخ انتخابات 23 أكتوبر، بحسب وثيقة التزام وقعتها أبرز الأحزاب الممثلة داخله، ومنها حركة النهضة، إلا أن أعمال المجلس تعطلت بسبب المشاحنات السياسية بين حركة النهضة والمعارضة، والتى وصفتها وقتها بـ"مماطلة" النظام التونسى، من أجل كسب مزيد من الوقت، ليأتى بعدها اغتيال شكرى بلعيد فى 6 فبراير الماضى، والبراهمى فى 25 يوليو، ومقتل عناصر من الجيش وقوات الأمن على يد جماعات سلفية مسلحة.
أما عن الجزائر، فحدث ولا حرج، وأرجع بعض المحللين المشهد المرتبك هناك للإدارة السياسية الخاطئة، ومن ثم خرجت بعض الأصوات المعارضة تطالب بتعديل الدستور قبل الانتخابات الرئاسية.
ووفقا لبعض المحللين، كان وضع رئيس الجمهورية من أبرز أزمات الدستور الجزائرى، حيث يمثل الرئيس محور النظام السياسى، ويتمتع باختصاصات وصلاحيات دستورية وسياسية تماثل تلك الممنوحة لرئيس الجمهورية الفرنسية، دون ضمانات وقيود الدستور الفرنسى، وخاصة تلك الصلاحيات المنصوص عليها دستوريا لمواجهة حالة الضرورة المنصوص عليها فى المادة 16 من دستور الجمهورية الخامسة الفرنسية، ومنذ تسلم هوارى بومدين السلطة، وحتى اختيار المؤسسة العسكرية الجزائرية للشاذلى بن جديد رئيسا للجمهورية، لعب رئيس الجمهورية دورا مركزيا، ومتعاظما فى الحياة السياسية، ليخرج الأمين العام لحزب جبهة التحرير الوطنى فى الجزائر مشيرا إلى ضرورة إجراء تعديل دستورى فى عمق الدستور الجزائرى الحالى، مؤكدا أن الرئيس عبد العزيز بوتفليقة يؤيد هذا الطرح.
وقال عبد العزيز بلخادم، فى حوار مع وكالة الأنباء الجزائرية إن حزب جبهة التحرير الوطنى يدعو إلى تعديل فى العمق للدستور المصادق عليه سنة 1996 فى ظروف خاصة، ذاكرا أن الرئيس عبد العزيز بوتفليقة "كان يأمل قبل مراجعة الدستور سنة 2008 تعديلا فى العمق، لكنه اكتفى بتعديل جزئى نظرا للظروف السائدة آنذاك".
وقام الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، بمراجعة جزئية للدستور فى نوفمبر 2008 لتمكينه من الترشح لمدة رئاسية ثالثة، بعدما كان الدستور يحدد الفترات الرئاسية بفترتين فقط.
أزمة الدساتير تهدد مستقبل الوطن العربى.. إخوان تونس يراوغون.. وصلاحيات مطلقة للرئيس الجزائرى.. والشارع المصرى يعترض على عمل لجنة الخمسين وعلى قانون التظاهر
الخميس، 28 نوفمبر 2013 01:13 م