الحديث عن هوية مصر يبدأ من موقعها الجغرافى الفريد، ولذلك فهوية مصر هى ناتج تفاعل الحقب التى مرت عليها جميعاً، وليست ناتج حقبة بعينها وهناك مكونات لهذه الحقب، الهوية متنوعة ومتعددة.
أولاً: المكون الفرعونى وهو الأقدم فى هذه الهوية.
ثانياً: المكون المسيحى ابتدأ من سنة ميلاد المسيح عليه السلام وحتى دخول الإسلام مصر فى سنة 640 ميلادية.
ثالثاً: المكون الإسلامى منذ دخول الإسلام مصر، وخلص أهلها من ظلم الرومان وعاشوا جميعاً مسيحيون ومسلمون أخوة متحابون متعاونون.
رابعاً: المكون الثقافى الغربى الذى وفد إليها منذ الحملة الفرنسية مروراً بتولى محمد على إنشاء بناء مصر الحديثة ثم الاحتلال الإنجليزى.
وهكذا...
فإن الهوية المصرية تقوم على التنوع ولذلك فهى فى كمالها غير قابلة للاختزال أو التجزئة.
وعليه...
فيخطئ كل الخطأ من يذهب إلى أن هوية مصر إسلامية فحسب، أو مسيحية فقط، أو فرعونية لا غير، أو أنها تنتمى لحوض البحر الأبيض المتوسط ليس إلا.
ونحن عندما نقصى قسراً مكوناً أو أكثر من مكونات هذه الهوية، ونعلى من شأن مكون آخر بعينه فالنتيجة لابد أن تكون وخيمة، ويتحول هذا التنوع إلى صراع بين مكونات المجتمع بما يؤدى فى النهاية إلى تدميره.
فلن يكون لمصر تقدم وازدهار إلا من خلال الهوية المصرية التى تجمع بين جميع هذه المكونات.
وأن الصراع بين أى من هذه المكونات للتغلب على الهوية المصرية سيؤدى حتماً إلى الدمار والخراب، ولن يؤدى إلى تقدم هذه الدولة، التى تحتاج منا جميعاً إلى التعاون لا التناحر، إلى المحبة لا الكراهية والبغضاء.
فعندما كانت الهوية مصرية تجمع بين جميع هذه المكونات الإسلامية والمسيحية والفرعونية والثقافية كانت لحظات نجاح الشعب المصرى.
كانت ثورة 1919 تحت شعار الدين لله والوطن للجميع لحظة اشترك فيها مسيحيو مصر ويهوديها ومسلموها فى وضع دستور 1923 على أحدث النظم السياسية وأكثرها تقدما فى العالم، ويومها تغنى الشعب المصرى كله وراء سيد درويش وهو يغنى لمصر من كلمات بيرم التونسى التى تقول:
"أنا المصرى كريم العنصرين... بنيت المجد بين الأهرمين"
كانت ثورة 1952 عندما اصطف الشعب بكافة مكوناته خلف قياداته العسكرية فى معركة بناء مصر متمثلة فى قضية بناء السد العالى ضد التعنت الغربى فى تمويل المشروع وانتصرت إرادة الشعب وأصبح الحلم يومها حقيقة واقعة وتغنت مصر يومها خلف الراحل عبد الحليم حافظ:
"قولنا هنبنى... وأدى إحنا بنينا السد العالى"
"يا استعمار... بنيناه بأيدينا السد العالى"
كان العبور عام 1973 حيث كانت أروع لحظات التحدى وأعظم الاختبارات للإرادة المصرية والوحدة الوطنية، حيث وقف العالم مبهوراً غير مصدق، لما حدث وانحنت العسكرية العالمية أمام هذا التخطيط الدقيق للحرب والعبور العظيم للجيش المصرى الباسل ويومها غنى الشعب مع مطرب الثورة عبد الحليم حافظ:
"عاش اللى قال... للرجال عدوا القنال"
ومن هنا فإن مصر طول عصرها الذهبى لم تسمح بوجود ما يختزل هويتها أو يمس وحدتها أو يشكك فى وطنية أبنائها على أن تبقى صيغة التنوع هى صيغة فاعلة ناجحة حتى يتحقق لمصرنا الغالية ما نرجوه من تقدم وازدهار وما تحرص عليه من أمن وأمان.
رضا سعيد الصفتى يكتب: الهوية المصرية ومعركة الدستور
الثلاثاء، 26 نوفمبر 2013 05:10 ص
صورة أرشيفية
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
محمود
الكل يغني على ليلاه!