من العبث أن تدفن الحكومة الحالية رأسها فى الرمال، وتوهم نفسها بأن ما يحدث من مظاهرات طلابية فى جامعة الأزهر هو ظاهرة محدودة لا تعبر عن غالبية الطلاب ولا تشكل خطرا على الاستقرار المنشود، فالواقع يا سادة جد خطير خاصة إذا علمنا أن عدد المنتمين إلى هذه الجامعة العريقة يقتربون من نصف المليون طالب. والخطورة ليست فى العدد وضخامته بل أيضا فى طبيعة تفكير هؤلاء الطلاب الذين ينتمى كثير منهم إلى الإخوان لعدة أسباب أهمها:
1 - البيئة
فالطلاب المنتمون إلى جامعة الأزهر معظمهم نشأوا فى بيئات محافظة داخل مدن وقرى ونجوع الصعيد وفى محافظات الوجه البحرى، وسكان هذه المجتمعات يميلون بطبيعتهم إلى المحافظة والالتزام بالتقاليد، وبالتالى لا تعنيهم الحياة العصرية فى شىء، فلا هم يقبلون ظهور نسائهم بصورة جميلة من خلال مستحضرات التجميل والشعر المرتب ولا يعشقون السهر والتنزه خاصة فى ظل ظروفهم المعيشية التى تكون فى الغالب صعبة، وبالتالى لا يحبذون الحياة المتحررة فى عمومها كما يميلون إلى التدين، ومن ثم لا يزعجهم وجود سلطة تعود بمصر إلى عصور متأخرة فى حياة الإنسانية، وبالتالى يقبلون الإخوان أو حتى السلفيين على رأس السلطة.
2 - درجة التدين
تدين هؤلاء الطلاب اكتسبوه من خلال مراحل دراستهم فى المعاهد الأزهرية منذ طفولتهم وقبل التحاقهم بالدراسة أصلا، فالمعروف أن السواد الأعظم من الذين يلحقون أولادهم بالأزهر هم متدينون.. وهذا يعنى أن هؤلاء الطلاب يميلون إلى الحكم الدينى حتى وإن كان منحرفا عن طبيعة الإسلام الوسطى الذى تعلموه بالأزهر الشريف لأن لسان حالهم يقول: دولة ملتزمة دينيا بشكل أو بآخر أفضل من دولة مدنية أو وفق ما يعتقدون تسعى إلى إقرار العلمانية كنمط حياة.
3 - الفقر
معظم طلاب الأزهر من الطبقات المتوسطة والأقل، وهؤلاء عانوا كغالبية الشعب المصرى من ضيق الحال وساءهم سرقة قلة لثروات وطنهم فى عصر حسنى مبارك، وبالتالى شبح عودة هذا الحكم -كما يعتقدون- بعد 30 يونيو 2013 يطاردهم ويتخوفون منه وعليه يحبذون أى نظام آخر وإن كانوا يفضلونه متدينا بدرجة أو بأخرى.
4 - اهتمام «المعزول» بهم
على مدار فترة حكم الرئيس المعزول محمد مرسى واجه طلاب جامعة الأزهر بعض الأزمات أبرزها ربما إصابتهم بالتسمم فى المدينة الجامعية، وكان اهتمام «مرسى» بهم وزيارته لهم بالمستشفيات له أثر إيجابى على نفوسهم، خاصة مع الهجوم الإعلامى عليهم واتهامهم بادعاء إصابتهم بالتسمم للتخلص من شيخ الأزهر الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب.
5 - نشاط الطلاب والأساتذة المنتمين إلى الإخوان
كان لأنشطة الطلاب المنتمين لجماعة الإخوان المسلمين أكبر الأثر فى وصولهم لقيادة الجامعة من خلال سيطرتهم على اتحاد الطلاب، فضلا عن الدور الذى يلعبه أساتذتهم المنتمون لذات الفكر، وهم بالمناسبة عدد غير قليل وهؤلاء جميعا يقودون حركات التظاهر والاحتجاج داخل أسوار مقار جامعة الأزهر.
المواجهة
بناء على ما تقدم تصبح مواجهة الموجات المناهضة لـ30 يونيو والحكومة الحالية بالعنف والتضييق الأمنى عبث.
والحل الأمثل فى تصورنا يكون فقط بالحوار سواء من خلال إقامة ندوات موسعة أو توزيع كتيبات على الطلاب تشرح لهم خطر الفكر الإخوانى أو السلفى.
ابحث عن البيئة والتدين والفقر والنشاط الإخوانى.. فى مظاهرات جامعة الأزهر..الحل ليس بالمواجهات الأمنية وإنما بالحوار وكشف خطورة فكر المحظورة والسلفيين
الثلاثاء، 26 نوفمبر 2013 12:01 ص