فشلت الثورة المكسيكية فى العقد الثالث من القرن العشرين فى تحقيق فكرة العدالة والحرية بسبب الاختلاف بين المؤمنين بالتغيير بوسائل راديكالية من ناحية، والمتخوفين من طبقة الكنيسة وأصحاب المصالح الإقطاعية، مما أخر المكسيك وأدخله فى خلافات عميقة استحوذت على الساحة السياسية واستهلكت الطاقات، مما أخر التنمية الاقتصادية والاجتماعية والسياسية معا، بينما استطاعت الولايات المتحدة تجاوز كل هذه المراحل وتحولت إلى قوة كبرى قبل أن تتحول إلى قوة عظمى.
فالثورات العربية قضت على زمن الحكم الشمولى فى زمن أفل فيه القادة العظماء، بينما العالم يتجه نحو دفع لإنتاج قادة تكنوقراط، وقبل الثورات العربية عاش العراق بعد الاحتلال العراقى كنموذج للتغيير فى العالم العربى بعد انهيار الحكم الشمولى، ولكنه دخل مرحلة صراعات بين الكتل السياسية على السلطة، بسبب عدم تمكن الولايات المتحدة من توجيه زعماء الكتل السياسية العراقية من مأساة الصراع على السلطة ضمن أطر دستورية مما أدخل العراق فى انسداد الأفق السياسى المتعلق بالتغيير مما سمح بتدخل إيران فى تعيين رؤساء العراق ودعم الكتل السياسية بمليشيات أدخل العراق فى أتون عمليات انتقامية متبادلة لا زالت قائمة حتى الآن.
فهل تأخذ الثورات العربية فى تونس وليبيا واليمن بنمط التغيير فى دولة مصر كدولة محورية ومؤثرة فى دول الثورات العربية التى قطعت شوطا طويلا فى خارطة الطريق لقيادة المرحلة الانتقالية فى المنطقة العربية باعتبار مصر دولة عميقة تمتلك من القدرات السياسية ما لم تمتلكه بقية الدول الأخرى من دول ثورات الربيع العربى.
وما يدور فى ليبيا وفى اليمن هو من قبيل عدم القدرة على قبول أفكار تطبيق نماذج جديدة فى بناء الدولة والمجتمع تكون قادرة على تجاوز الأنماط التقليدية السابقة السائدة فى تلك الدول، تتسبب فى حالات من الاستقطابات الطائفية والسياسية والأيديولوجية، تعتمد فى الأغلب على الاستئصال السياسى والطائفى نتيجة أبعاد قبلية كما فى الحالة الليبية، بينما الحالة معقدة فى العراق وهى نتيجة أبعاد قبلية وعشائرية ومذهبية، وتنطبق نفس التركيبة فى سوريا وهى مداخل للدولة الفاشلة.
مثل تلك الصراعات هى نتيجة لافتقار المرحلة الانتقالية فى تلك الدول لأطر مؤسساتية وعدم قدرة السياسيين على إدارة الصراع وعلى تطوير آليات للحكم والسلطة وعدم قدرتهم حتى الآن على تجاوز الأنماط التقليدية، التى لا زالت تعتمد على الهويات المنطقية والمذهبية وتعتمد بدلا منها على الهوية الوطنية كمظلة يستظل بها الجميع القادرة على تحقق العدالة والتشاركية وفق أفق فعل سياسى غير تقليدى حتى تتخلص من تسكين المشكلات التى تثور كلما سنحت الفرصة.
د.عبد الحفيظ محبوب يكتب: أين تتجه بوصلة مستقبل دول الثورات العربية؟
الإثنين، 25 نوفمبر 2013 09:02 م