بالصور..عجلات الإهمال تقتل "مريم"..أتوبيس مدرسة يدهس رأسها.. صاحب المدرسة يلقى باللوم على المشرفة.. والمشرفون يؤكدون:لسنا مسئولين.. وشهود عيان: الجميع هرب وتركوا الطلاب..ووالدها: لن أتنازل عن حق ابنتى

الإثنين، 25 نوفمبر 2013 05:16 ص
بالصور..عجلات الإهمال تقتل "مريم"..أتوبيس مدرسة يدهس رأسها.. صاحب المدرسة يلقى باللوم على المشرفة.. والمشرفون يؤكدون:لسنا مسئولين.. وشهود عيان: الجميع هرب وتركوا الطلاب..ووالدها: لن أتنازل عن حق ابنتى والد الطفله المجنى عليها
كتبت آية دعبس ومحمود طه حسين

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
تركت أغراضها وأدواتها على أمل اللقاء بعد ساعات، واصطحبت بيديها الصغيرتين حقيبتها الوردية ومصروف ظلت تطالب به والدها منذ التحاقها بالدراسة، لم يحققه لها إلا فى ذلك اليوم، وبسعادة غامرة تركت قبلة وداع على جبين أمها، وودعها والدها بـ"خدى يا مريم مصروفك العشرة جنيه اللى طلبتيها، جيبى كل اللى أنت عوزاه"، وكأنه يلقى كلماته الأخيرة على فلذة كبده.

فى السابعة من صباح يوم الخميس 21 نوفمبر الماضى، ركبت مريم نعيم يونس التلميذة بالصف الأول من مرحلة رياض الأطفال، أتوبيس مدرسة النجوم الخاصة، التابعة لإدارة كرداسة التعليمية، فى اتجاهها إلى يومها الدراسى برفقه أصدقائها، وعقب مرور ما يقرب من 15 دقيقة وصلت إلى مدرستها، ليعلن القدر حينها أنه موعد انتهاء بسمة زهرة فى مقتبل عمرها.

غادرت مريم الأتوبيس فى اتجاهها إلى بوابة المدرسة، لم تلتفت لها أعين، إلا وبدأ الجميع فى الصراخ، "موت البنت.. موت البنت"، اتجه الجميع إلى مصدر الصراخ ليُفاجأوا بمريم أسفل عجلات الأتوبيس الخلفية، وإذا بسكان الشارع يحاولون إنقاذ أنفاسها الأخيرة، إلا أنها كانت قد قررت الرحيل بلا رجعة.

اتجهنا إلى مقر مدرسة "النجوم الخاصة"، المدرسة مساحتها ليست كبيرة، تقع بين عمارتين كبيرتين، تكاد تختفى بينهما، بدأنا فى التجول أمام المدرسة لنجد أحد أصحاب المحال المجاورة لها، والذى بدأ فى قص الحادثة من بدايتها، فقال: "مريم نزلت بسرعة من الأتوبيس، واصطدمت بالإكصدام الأمامى له، فألقى بها على سور المدرسة، فإذا بها ملقية على الأرض بوجهها، وفوجئنا برجوع الأتوبيس الآخر إلى الخلف، ليدهس رأسها".

وأضاف: "عقب الصراخ اتجه الأتوبيس إلى الأمام، فوجدنا رأسها مهشمة تماماً، ومخها وعينيها ملقيان بجانبها، وظلت فى مكانها لمدة 4 ساعات، السائق وقتها اختفى تماماً، وترك باقى الطلاب بالأتوبيس، وأحد الأهالى نزل إلى مقر الحادث بحوزته سلاح أبيض، تسبب فى حدوث إصابة لأحد الموجودين بالمنطقة، لكننى اتجهت إلى الجثة وألقيت عليها قطعة من القماش وجدتها ملقاة بجانبها، لم نترك والدها ووالدتها يريانها حتى تم وضعها بسيارة الإسعاف، وكله ساب المدرسة مفتوحة وهربوا".

ربيع مفتاح محمود، صاحب المدرسة، بالشراكة مع منال سعد مصطفى، أكد أنهم ليس لديهم أى أعمال رسمية داخل المدرسة، وأن القائمين بالأعمال جميعهاً مديران، أحدهما للشئون المالية والإدارية، والآخر للعملية التعليمية والأمنية، لافتاً لأنهما موجدون دائماً بالمدرسة للمساعدة بالأعمال داخلها.

وأشار ربيع، أن الأتوبيس الذى استقلته "مريم"، ليس ملكاً للمدرسة، ومؤجر تدفع المدرسة له بشكل يومى، وأضاف: "الخطأ عند المشرفة، لكونها لم تصل بالتلاميذ حتى الفصول، وتركتها تتحرك مفردها، كنت فى طريقى حينها إلى المدرسة، فتسلمت اتصالاً يخبرنى بالحادثة، وفوراً سألت عن استمرار وجود أى مظاهر لبقائها على الحياة، إلا أننى علمت أن القضاء قد نفذ"، "وأبلغونى أن هناك تجمهراً لعدد كبير من البلطجية حاملين أسلحة بيضاء "سيوف وسواطير"، وبيحاولوا يهجموا على المدرسة".

وتابع: "وقتها اتجهت إلى مقر قسم كرداسة، ومديرية الأمن بالجيزة، وعند فشل جميع محاولاتى اتجهت إلى مقر المدرسة، لكن اتصلوا بى وقالوا لى أنت مستهدف، وعلمت أن "منال" أحد المجاورين للمدرسة خبأتها بمنزلها للحفاظ عليها من البلطجية"، ولفت أن المدرسة خفضت أسعارها إلى ما يقارب 1300 جنيه، لمساعدة الأهالى بسيطة الحال، فى إلحاق أبنائهم بالمدارس الخاصة، مشيراً إلى أنه مستعد لدفع أى مبالغ مالية كمواساة للأسرة، فى حال طلبها، وليس كتعويض، وأبدى تمنيه أن يتولى كل ولى أمر توصيل أبنائه إلى المدرسة لإزاحة تلك المسئولية عن كاهل المدرسة، وأوضح أنه فى حال طلب أحد الأهالى سحب ملف أبنائه من المدرسة، فسيتم خصم قيمة ربع العام الدراسى، ويسترد باقى المبلغ.

وبخطوات تملأها الأحزان، ذهبنا إلى والد الطفلة مريم والذى يسكن على مسافة نصف كيلو من المدرسة، توجهنا إلى شقته بالدور الثالث، وبصحبتنا أحد جيرانه يدعى أشرف، فتح لنا الشقة ودخلنا على صوت القرآن الكريم، جلسنا فى الصالة وبدأ عم نعيم الذى يبلغ من العمر 44 سنة ويعمل سباكاً، يسرد لنا قصة فقده لـ"ابنته" مريم.

ووسط وابل من الدموع التى فطرت قلوب الحاضرين يحكى والدها، أن مريم هى أكبر أخواتها لشقيقين محمود ويبلغ من العمر سنتين وهاجر صاحبة العام الواحد، وبالنسبة لمريم تبلغ من العمر 5 سنوات، والتقطنا بعض الصور لمريم من صورة يحملها والدها فى جيبه بعد فقدها حزننا عليها.

يسرد عم نعيم خبر استقبال وفاة ملاكه الصغير الذى لم يكمل عامه السادس، فيقول: كنت فى عملى فى السابعة صباح يوم الخميس، واتصل على أحد أصدقائى، ويقول لى " تعالى ألحق بنتك ماتت" استقبلت خبر الوفاة وكأنه صاعقة من السماء نزلت علىَّ، ذهبت إلى المدرسة مهرولاً تاركاً أدوات عملى، وكأن الأمر مجرد تهيأت تأتى لى من حين إلى آخر، لافتاً إلى أنه وصل إلى المدرسة ورأى أجزاءً من رأس ابنته تتناثر حولها، ومن هول المفاجأة لم يصدق أنها ابنته وظل يتحقق منها، إلا أنه تيقن أن القدر خبأ له ذلك الاختبار الصعب، ووصف نعيم ما تعرضت له ابنته وهى جثة هامدة وتركها قرابة 5 ساعات، دون أن يأتى أحد المسئولين أو حتى سيارة الإسعاف التى وصلت بعد ساعتين من وقوع الحادثة بأنه كارثة يجب أن يحاسب عليها كل مسئول.

وتابع الرجل الذى أهلكه الحزن، مريم من صغرها وهى تحلم بأن تلتحق بكلية الطب، لدرجة أنها فى يوم من الأيام اشترت لعبة وبها سماعة ووضعتها فى أذنها وأعطت شقيقها محمود أمراً بأن ينام على ظهره لممارسة مهمة الطب، فى مرح وسرور، مشيراً إلى أنه كان مهتماً بأن يعلمها أفضل تعليم، وأوضح عم نعيم الذى قلبه كاد أن ينفطر من الحزن والألم الذى ملأ عينيه وقلبه، أن مريم كانت هى زهرة وبستان المنزل، كانت تستقبله أثناء قدومه من الخارج وتفتح له الباب، وتداعب شقيقيها، مؤكداً أنه يتعامل مع الأمر من خلال إجراءات قانونية للنيابة والقضاء.

وبسؤال "نعيم" الذى ذرفت عينه بالدموع من جديد عن والدة مريم فى محاولة لتقديم العزاء لها، أوضح أنها دخلت المستشفى عقب علمها بخبر وفاة ابنتها، وخرجت إلى بيت والدها، مشيراً إلى أنه يفقد الأمل فى عودتها للبيت الذى تعودت ألا تراه دون "مريم"، وهى تفتح الباب لهما.

وعقب انتهاء لجنة وزارة التربية والتعليم، من التحقيقات مع إدارة المدرسة، أكد محمد زينهم مدير إدارة كرداسة التعليمية، أن ربيع مفتاح محمود، صاحب المدرسة، اتخذ مجموعة من الإجراءات الفورية، كان من أبرزها: "رفد مديرى المدرسة، وسائق الأتوبيس، وزيادة أعداد المشرفات على الأوتوبيسات، بالإضافة إلى تعيين حراسة خاصة بمبنى المدرسة".




















مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة