أكد محمد فايق رئيس المجلس القومى لحقوق الإنسان، أثناء كلمته الافتتاحية للحلقة النقاشية حول السياسات الاقتصادية فى المرحلة الانتقالية.. مصر نموذجا، أن الجميع يتفق على أن ثورات الربيع العربى قامت على أساس الحرية بمعناها الشامل والعدل الاجتماعى الذى افتقدته الشعوب العربية بعد أن توارى فى غياهب الاستبداد والفساد والهدر التى عانت منها هذه الشعوب لسنوات طويلة.
وحذر فايق من غياب الإصلاح بمعناه الشامل الذى يستهدف الإنسان كغاية، ونوه بأن الإصلاحات التجميلية والهشة التى اتبعت فى السنوات الأخيرة ليست كافية لوقف الانفجار المرتقب.
وشدد على أن معالجة الخلل الاجتماعى يجب أن تشكل الشاغل الأكبر لنا فى هذه المرحلة بما يتسق مع إيجاد الطمأنينة الاجتماعية الضرورية لمساندة مسار الانتقال السياسى إلى الديمقراطية بما يتواءم مع اعتبارات حقوق الإنسان ومقاصده فى العدالة والعيش الكريم.
وأكد أنه لا يمكن إغفال أهمية تبنى السياسات والتدابير الدستورية والتشريعية الملائمة والصحيحة لإصلاح الخلل الجوهرى الملموس ومعالجة الإشكاليات المتعاظمة فى المنطقة العربية.
وأوضح أن كل مؤسسات المجتمع المدنى وتنظيماته المختلفة وأبناء الوطن عليهم أن يدينوا بكل قوة وحزم أعمال الإرهاب الإجرامية التى تضرب الجيش والشرطة، وتستهدف مصر وشعبها، وذلك ليعرف الإرهابيون أن هذه الجرائم الخسيسة لن تزيدنا إلا إصراراً وعزماً على المضى قدماً فى تحقيق خارطة الطريق إلى المستقبل التى أيدتها الأغلبية الساحقة من شعب مصر.
وأكد أن أعمال العنف والتخريب والاعتداء على المنشآت العامة أمر يتنافى تماماً مع أبسط واجبات المواطنة، وهو تشجيع للإرهاب واستعداء له واستنزاف لموارد وقوة الدولة فى الوقت الذى نواجه فيه الإرهاب.
من جانبه، أكد "علاء شلبى" أمين عام المنظمة العربية لحقوق الإنسان، أن المنطقة العربية شهدت إعصاراً غير مسبوق للعمل من أجل تغييرات جذرية لواقع البؤس المذرى الذى عاشته شعوبنا لعقود متتالية وبعد أن يأست من تلبية دعواتها للإصلاح الجاد، وضغوط الهيمنة التى أعاقت مسارات التنمية الجادة، ووظفت داخلياً من أجل سلب الحريات السياسية.
وأشار إلى أن المرحلة الانتقالية واجهت كماً غير محدود من التعثرات التى تراكمت، فحل الشعور بالعجز والفشل محل التوقعات العظيمة التى رافقت اندلاع الثورات ونجاح موجاتها مما أدى لتراجع نسبى لمطلب الديمقراطية وحقوق الإنسان.
وذكر أن الأثر الرئيسى فى تراجع الآمال الشعبية فى نيل الحقوق المشروعة، هو السياسات التى اتبعت فى المراحل الانتقالية وخاصة على الصعيد الاقتصادى الاجتماعى.
وأشار إلى أن المنظمة العربية لحقوق الإنسان قد لمست الانحدار المضطرد فى الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية فى غالبية البلدان العربية بما فى ذلك بعض بلدان الوفرة نتيجة لسياسات التهميش والإقصاء المنهجى لأطراف مجتمعية، موضحا أن المنظمة اجتهدت طويلاً من أجل توفير القدرة على تحديد مواطن الخلل وطرح الحلول والبدائل، على نحو ما قامت به فى المؤتمر العالمى فى فيينا عام 1993، والندوة الدولية الإقليمية حول حقوق الإنسان والتنمية عام 1999، وعبر مشاريعها الممتدة منذ العام 2009 حول التمكين القانونى للفقراء ضمن آليات الإقلال من الفقر ومحاربته والوقاية منه.
وأكد علاء شلبى على أن ثورة 30 يونيو فى مصر فرصة مهمة لا يمكن التفريط فيها للعمل من أجل تصحيح الانحرافات التى شابت المرحلتين الانتقاليتين فى مصر وارتباطها بالأهمية المتعاظمة للأثر العميق للخطى المصرية على محيطها العربى.
بدوره أكد "محسن عوض" الأمين العام الأسبق للمنظمة العربية لحقوق الإنسان ومقرر عام المؤتمر، أنه لا سبيل لإعادة تجربة السياسات الفاشلة، فإذا كانت سياسة السوق الحر المنفلتة وتراجع الدولة عن ممارسة دورها الاجتماعى قد أفضت إلى الاختلالات التنموية الفادحة وانعكاساتها وبزيادة الفقر والفساد، فلا سبيل إلى إعادة إنتاجها.