اعتبر رئيس وزراء لبنان الأسبق، زعيم تيار المستقبل سعد الحريرى، أن تحول شاب سنى من مدينة صيدا من أم جنوبية شيعية إلى انتحارى فى عملية التفجير التى استهدفت السفارة الإيرانية فى بيروت، هو نتيجة لسياسات حزب الله الطائفية، واستقوائه بالسلاح فى الحياة السياسية، خاصة بعد واقعة 7 مايو 2008 "اقتحام بيروت من قبل مسلحى حزب الله وحركة أمل".
وكانت السلطات اللبنانية، قد اكتشفت أن الانتحارى فى عملية تفجير السفارة الإيرانية فى بيروت الثلاثاء الماضى، هو معين عدنان أبوظهر من مدينة صيدا.
وقال الحريرى فى مقال له نشر بجريدة "المستقبل" اللبنانية بعنوان "مهمة سوداء لن تنجح"، أن يكون أحد الانتحاريين اللذين نفذا عملية التفجير التى استهدفت السفارة الإيرانية، شاب لبنانى من مدينة صيدا ومتين عائلة مشهود لها ولرجالاتها بالاعتدال والعمل فى سبيل خدمة المدينة وكل الجنوب، هو أمر يضاعف الألم الذى أصاب اللبنانيين جراء التفجير الإرهابى، ويكشف عن المخاطر الكامنة فى المجتمع اللبنانى والإسلامى والتى تنمو وتكبر على وقع انقسامات كبرى تغذيها عوامل القهر، والتحدى والاستقواء، والتورط العسكرى غير المحسوب فى الحرب السورية.
ورأى الحريرى أن هذه الثقافة الطائفية أخذت طريقها إلى الترسخ والانتشار، مع جريمة الاغتيال التى استهدفت والده رئيس وزراء لبنان الراحل رفيق الحريرى والجرائم التى تلتها، وما أحاطها بعد ذلك من ممارسات واختراقات ومحاولات لتخريب مسار العدالة والتغطية على المتهمين وحمايتهم.
وتابع أن هذه الممارسات تحولت مع فرض الشروط السياسية بقوة السلاح إلى مسار من الاصطفاف المذهبى فى الاتجاهين، لا يمت بأى صلة إلى الحقائق التاريخية والاجتماعية والأسرية وحتى السياسية، للحياة المشتركة بين السنّة وبين الشيعة اللبنانيين، والتى عرفها وعاشها آباؤنا وأجدادنا على مدى عقود طويلة.
وأشار إلى أن مدينة صيدا شكلت نموذجاً للعيش الوطنى والاندماج الاجتماعى والعائلى بين مكوناتها من كل الطوائف، ولكنها تعرضت هى ومدن ومناطق لبنانية أخرى، بعد السابع من أيار 8 لموجات متتالية من التحريض والتشويه والحملات الإعلامية والسياسية المركزة، التى استهدفت تقديمها إلى الرأى العام اللبنانى وإلى الخارج بصفتها بيئات حاضنة للتطرف والإرهاب.
وقال باتت نصف مساحة لبنان تقريباً، مصنفة مذهبياً وساحة تصول فيها قوى التطرف وتجول، مما أتاح للطرف الآخر "حزب الله وحلفاؤه" أن يعطى نفسه حقوق الخرق الأمنى للمناطق السنية وتشكيل السرايا المسلحة والتشكيلات الحزبية والدينية المناوئة.
ولفت إلى أن الاتهام بوجود بيئة حاضنة للإرهاب والتطرف فى بعض المدن والمناطق، طال العديد من التيارات السياسية، بما فى ذلك قوى الاعتدال و"تيّار المستقبل" الذى وضعوه فى مصاف تنظيم "القاعدة"، والراعى الأول لـ"داعش" و"النصرة"، مما أدى إلى مزيد من الاحتقان المذهبى والانقسام الوطنى، وذلك لتبرير سطوة السلاح على الشأن الداخلى وتغطية المشاركة العسكرية فى الحرب السورية.
وشدد الحريرى على أن أحدا فى صيدا أو طرابلس، أو عرسال أو بيروت أو الإقليم أو البقاع أو عكار والمنية والضنية وصولاً إلى شبعا وكفر شوبا، (مناطق سنية) لا يمكن أن يغطى أو يبرر أى عملية إرهابية أو حتى أن يخفف من وطأتها وأضرارها. وأشار إلى أن صيدا ترفض اختزالها بشاب باع حياته للشر ولعملية إرهابية أوقعت الأذى بأهل دينه ووطنه.
وتابع قائلا "صيدا كما المناطق والمدن الأخرى، لن تقر فى المقابل لـ"حزب الله" وإتباعه، الحق فى تسليح السرايا والمرتزقة والتلويح بالسلاح فى كل شأن سياسى، ولن تقدم للحزب وإتباعه أى براءة ذمة تجاه الحرب التى يخوضها ضد الشعب السورى، والتى لن تنجح كل عمليات التجميل السياسى والإعلامى فى التخفيف من آثارها وأضرارها على الاستقرار الداخلى.
وأشار إلى أن حزب الهح يصر على الإمعان فى الخطأ، فيضرب بكل ما أعلنه رئيس البلاد فى رسالة الاستقلال عرض الحائط، ويبشر اللبنانيين بأن الرد سيكون فى سوريا.. وتساءل الحريرى أليس هذا الإصرار سياسة انتحارية واستدراج عروض علنياً لقدوم الإرهاب؟!
الحريرى: تحول شاب سنى من أم شيعية لانتحارى نتيجة ثقافة خلقها حزب الله
الأحد، 24 نوفمبر 2013 08:56 ص