خرجت علينا الحكومة فى شهر مايو الماضى ببيان لوزير الاتصالات مفاده أنه سيتم تعميم خدمة الإنترنت فائق السرعة فى مصر بحلول شهر سبتمر الماضى أيضاً بتكلفة قدرها 250 مليون جنيه.
سرعة الإنترنت فى مصر عند التعاقد مع الشركة المزودة للخدمة تختلف تماماً عن السرعة الفعلية التى ستستخدمها من قِبل هذه الشركة، فلو اشتركت فى سعة "1MBs" وهى تعنى أن سرعة الإنترنت لديك ستكون 1024 كيلو بايت فى الثانية الواحدة، بمعنى آخر أنك لو أردت أن تُحمل ملفاً صوتياً حجمه 1024 كيلو بايت فهذا يعنى أنه سيتم تحميله خلال زمن قدره واحد ثانية فقط، ولكن هيهات فالواقع عكس هذا مطلقاً، فالأمر قد يستغرق شهورا وسنينا.
وعند النظر إلى أسعار الإنترنت فى مصر ستجد أنها من أغلى الأسعار عالمياً إن لم تكن هى الأغلى، ومن خلال بحثى عن أسعار الإنترنت العالمية تبين لى أن أقل اشتراك للإنترنت العادى فى مصر يعادل الحصول على إنترنت فائق السرعة فى أمريكا، واشترك "1MBs" فى مصر فى الشهر الواحد يعادل اشتراك عشر سنوات لإنترنت فائق السرعة فى اليابان، بمعنى أنك لو دفعت اشتراكك الشهرى لشركة إنترنت يابانية فاعلم أنها ستستشيرك فى قرارات الشركة لأنها ستعتبرك من أحد مالكى هذه الشركة.
ولمن لا يعلم ما هو الإنترنت فائق السرعة؟ هو خدمة تبدأ من سعة "25MBs" بمعنى أن لو لديك فيديو تود مشاهدته على الإنترنت حجمه هو 25 ميجا بايت أو 25000 كيلو بايت تقريباً فهذا يعنى أنه سيُحمل أمامك فى زمن قدره واحد ثانية، ولك أن تعلم أيضاً أن هذه المعلومات التى ذكرتها لك ليست عبقريةً منى ولكنها من الأمور البديهية لمستخدمى الإنترنت وخاصة الشباب.
ولكن فى مصر قد تتفاجأ بإعلانات على التلفاز تصف الإنترنت المُعلن عنه بأنه آر بى جى أو صاروخ وهذه كلها إعلانات واهية لأن السرعة مرتبطة لديها بسعة تصفح معينة تنعدم بعدها، بمعنى أنك ستحصل على إنترنت سريع فعلاً حتى قدراً معيناً من التصفح وبعده ستنقطع عنك تلك السرعة ويجب عليك الاشتراك مرة أخرى حتى تعود إليك سرعتك المفقودة وهكذا.
الإنترنت الآن لا يمكن الاستغناء عنه وهو وسيلة ضرورية يومية فى التعامل بين الأفراد والمؤسسات، وهو خدمة لا تقل فى أهميتها عن الكهرباء والمواصلات باعتبارها إحدى لغات هذا العصر، ومبلغ 250 مليون جنيه فى ميزانية الدولة يعتبر مبلغاً صغيراً فقد يُكلف رصف طريق بين مدينتين فى محافظة ما أضعاف هذا المبلغ بكثير.
وعلى الحكومة أن تسعى جاهدةً فى تنفيذ هذا المشروع القومى وألا تتدخر جهداً فيما قطعت على نفسها من وعد، وأيضاً على جهاز حماية المستهلك أن يُعيد النظر فى أسعار الإنترنت فى مصر.
محمد صبرى درويش يكتب: الإنترنت فائق السرعة.. حلم وراح
السبت، 23 نوفمبر 2013 06:07 م