قضية وضع دستور لمصر هى قصة نضال الشعب المصرى من أجل تطلعه إلى حياة كريمة فى تاريخها الحديث، يؤكد على هذه الحقيقة كتاب «حكاية الدساتير المصرية فى مائتى عام» للصديق الكاتب الصحفى ماهر حسن، والذى يتناول تطور الفكرة الدستورية فى مصر منذ بذورها الأولى فى عصر محمد على مروراً بالثورة العرابية ومشروع دستورها، وصولا إلى دستور 1923، وتطور الدساتير المصرية منذ ثورة 23 يوليو 1952 حتى دستور 1971 الذى استمر أساساً للحياة السياسية فى عصرى السادات ومبارك، حتى تم تعطيله بعد ثورة 25 يناير، ثم كتابة دستور جديد عام 2012، والتصدى لتعديله بعد ثورة 30 يونيو.
فى الكتاب الذى يقع فى 556 صفحة، تجد قصة لكل دستور تم وضعه، غير أن البدايات التى تعود إلى مائتى عام، تجد فيها أن نضال المصريين فى مسألة وضع الدستور ارتبط بطموح المصريين إلى تحديث بلادهم بالرغبة فى الديمقراطية، ويرى الكاتب فى ذلك أن أول صيغة دستورية سليمة ومتكاملة وواضحة ومتقدمة كانت فى عهد الخديو إسماعيل والتى جاءت فى سياق مشروعه التحديثى والنهضوى لمصر، وكان أبرز ملمح لهذا التحديث هو تأسيس مجلس «شورى النواب» ويتألف من 75 عضوا ينتخبون لمدة ثلاث سنوات بمعرفة عمد ومشايخ البلاد فى المديريات وجماعة الأعيان، وخصص للقاهرة ثلاثة مقاعد والإسكندرية مقعدين ودمياط مقعدا، وجعل إسماعيل باشا سلطة المجلس استشارية بحتة حيث ينظر فى المسائل التى ترى الحكومة أن تعرضها عليه، على أن تكون قرارات المجلس بمثابة رغبات ترفع إلى الخديو، وفى عام 1879 وضع شريف باشا الدستور فى 49 مادة، وبه استحق لقب «أبوالدستور المصرى».
ينتقل الكتاب إلى انشغال الأذهان فى عهد عباس حلمى الثانى بالمسألة الدستورية، بمعنى أن تحكم البلاد بواسطة ممثلى الشعب، وكانت هناك ثلاثة أحزاب هى، «الوطنى» الذى ركز اهتمامه فى المطالبة بجلاء الاحتلال الإنجليزى، فى حين ركز على الدستور حزب الإصلاح برئاسة الشيخ على يوسف، وحزب الأمة وزعيمه الروحى أحمد لطفى السيد باشا، ثم سرعان ما أدخل الحزب الوطنى قضية الدستور إلى اهتمامه كوسيلة لمقاومة الاحتلال، ورفع الحزب نص عريضة إلى الخديو للمطالبة بوضع دستور، وذلك بعد طبع عشرات الآلاف منها وسرعان ما انتشرت بطول البلاد وعرضها، وأقبل المصريون على التوقيع عليها.
وفى 31 أكتوبر عام 1908 اجتمع مجلس شورى القوانين فى موعده المعتاد فظهر فيه إجماع الأمة على المطالبة بالدستور، ولم يحدث خلاف بين جميع أعضاء المجلس على موضوع القرار، وإنما كان الخلاف على موعد تقديمه، حيث رأت الأكثرية تأجيله لمدة شهرين على أن المجلس انعقد بعد الشهرين فى ديسمبر 1908 ووافق بالإجماع، وأدى ذلك إلى هياج المعتمد البريطانى (الدون جورست)، فراح يتحامل على مجلس شورى القوانين فى تقريره السنوى ويصفه بالانحراف وتخييب الآمال التى كانت معقودة عليه، وندد بالشعب المصرى وأنه غير صالح للنظام البرلمانى، غير أن هذه النظرة الاستعلائية قوبلت باستهجان ورفض، وزادت من تماسك المصريين بالدستور، وتجلى ذلك فى المظاهرة الحاشدة التى عمت البلاد احتفالاً بذكرى وفاة الزعيم مصطفى كامل، حيث توحدت المظاهرة وراء مطلبين هما «الدستور والجلاء».
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
مشاكس
هل وجدت فى كل الدساتير السابقة " دكرا يطلب التحصين " .. ؟
للإفادة مع الشكر ..
عدد الردود 0
بواسطة:
سلامة حسن
عفوا ..
عدد الردود 0
بواسطة:
أبطال ضد الجنرال
أى دستور هذا الذى يكون فيه وزير أعلى من رئيس الوزراء والرئيس ... ؟!!!
عدد الردود 0
بواسطة:
عابر سبيل
عدد أعضاء المحكمة الدستورية العليا
عدد الردود 0
بواسطة:
حسن ناصر
الكوتة ومبدأ المساواة
عدد الردود 0
بواسطة:
حازم الفجلاوى
الكوتة قنبلة موقوتة ... هل ذهبت نسبة العمال والفلاحين .. النظام الإنتخابى فردى ؟
عدد الردود 0
بواسطة:
المحامى
لجنة الخمسين .. على خطى السنهورى وسليمان حافظ أبان ثورة يوليو 1952
عدد الردود 0
بواسطة:
Brave Heart
الثورة هى الحل بسبب العم شامخ !
عدد الردود 0
بواسطة:
ســعيد مـتولـى
☜ نسـيت دسـاتير الفـترة الناصرية ☞
عدد الردود 0
بواسطة:
خالد الشيخ
لتكن قصة دستور2013 مكافحة الإرهاب