فى ديوانه الحادى عشر "الرصيفُ الذى يحاذِى البحْر"، الذى صدر حديثًا عن دار النسيم بالقاهرة، يواصل الشاعر المصرى سمير درويش حواره الشعرى مع الأنثى من منطلق محب صوفى، ليس بشكل غيبى بوهيمى، كما عند المتصوفة القدامى، ولكنه ينطلق من المتعين المحسوس إلى الشفيف المراوغ، والعكس.. وذلك عبر قصيدة طويلة تحتل الديوان كله- كما يفعل فى معظم تجاربه الشعرية- مقسمة إلى مشاهد مكثفة، يأخذ كل منها عنوانًا قصيرًا دالاً، يكمل اللوحة أحيانًا ويتحاور معها أحيانًا، فى لوحة موازية تكتمل بعنوان الديوان نفسه، الذى أخذه درويش من سطر داخل أحد المشاهد، وهو مبتدأ لا خبر له، يترك مساحة شاسعة لخيال القارئ كى يكمل المعنى.
قصائد سمير درويش فى هذا الديوان يختلط فيها الشعرى بالنثرى، الواقعى الخشن بالهلامى الناعم، الملموس بالمحسوس، الفرح بالفقد والرثاء والعزلة، والتعبد بالتمرد على كل الثوابت والفوقيات.. كما تشيع بين سطوره الموسيقى واللوحات التشكيلية والغناء والرقص واقتباسات من كتب مقدسة. هذه العوالم التى ليست غريبة عن شعره، إنما تنصهر معًا فى توليفة شعرية خاصة، تصنع تميز التجربة، وتجعلها إضافة إلى منجزه الخاص.
يقول درويش فى إحدى لوحات الديوان: "شفتَاهَا اللتَانِ كفتحةٍ شقَّهَا الجرَّاحُ/ لا تجيدانِ التقبيلَ،/ لكنَّ العبثَ بهِمَا يغشِّى عينيْهَا/ ويأخذُ عقلَهَا المنطقى إلى عالمٍ فوضويٍّ،/ ويجعلُ جسدَهَا يذوبُ فِى حرارتِهِ/ كقطعةِ حلوَى،/ وتُصدِرُ أصواتٍ متداخلةً يعرِفُهَا الشعراءُ/ الذينَ كثيرًا ما يأخذُونَ الجانَ/ إلى المقاهِى والباراتِ".
أصدر سمير درويش عشرة دواوين غير هذا الديوان: قطوفها وسيوفى 1991، موسيقى لعينيها خريف لعينى 1993/ النوارس والكهرباء والدم 1998/ الزجاج 1999/ كأعمدة الصوارى 2002/ يوميات قائد الأوركسترا 2008/ من أجل امرأة عابرة 2009/ تصطاد الشياطين 2011/ سأكون ليوناردو دافنشى 2012/ وغرام افتراضى 2012 أيضًا.. بالإضافة إلى روايتين: خمس سنوات رملية 2004، وطائر خفيف 2006.