وتجمع الآلاف من المشيعين بالقرية، وعلت أصواتهم "لا إله إلا الله والشهيد حبيب الله"، والدة الشهيد فاطمة عبد اللطيف، 53 سنة، ربة منزل ما زالت فى حالة هستيرية تارة تبكى وتارة تصمت.
وتقول: "عبد الرحمن لم يمت عبد الرحمن عايش، عبد الرحمن كلمنى الساعة 6، صباح الأربعاء، وقال لى إنا نازل يا أمى أجيبلك إيه معى، وعشان نشوف صور الشبكة معاكى، يا أحلى أم فى الدنيا".
ثم صمتت فترة وقالت: "عاد إلى ربه وتركنى أتذكر كلامه" ثم أجهشت فى البكاء، لتبكى كل الحضور وصاحت ماذا فعل ابنى كى يقتله الإرهابى، وأنا أطالب وزير الدفاع بدم ولدى.
وقال رضا حسينى إبراهيم شقيق الشهيد الأكبر، ورائد قوات مسلحة بالمعاش، إن الشهيد هو أخى الأصغر، وتوفى والدنا عام 2000، وكان عبد الرحمن وأشقاؤه فى سن الطفولة، وكان مثالا للأخلاق والرجولة والشهامة، هذا بخلاف أنه رياضى من الطراز الأول، فهو من أشهر لاعبى كرة القدم فى المنطقة.
وعانى عبد الرحمن كثيرا فى حياته لكنه كان صبورا ودائما يذكر ربه وسافر، وتطوع بالقوات المسلحة منذ 3 سنوات بسلاح الصاعقة.
وتمت خطبته يوم 28 من شهر أكتوبر، بعد إن أقمنا له حفلا حضره أهالى القرية والقرى المجاورة
وفى الواحدة ظهرا أمس الأربعاء هاتفنا قائده، وأخبرنى بالحادث، ولم أدر بنفسى لفترة لأن عبد الرحمن كان بمثابة ابنى وليس أخى فقط، وبعد فترة أفقت وذهبت مع باقى الأهل إلى القاهرة لتسلم الجثمان والعودة به للقرية.
وقال حسبى الله ونعم الوكيل، فى مرسى ومن يعاونه لأنه هو الذى أخرج المجرمين من السجون وجعل العسكر الشرطة مستهدفين من قبل جماعات الإرهاب.
وطالب بأن يعود للخدمة مرة أخرى، وبدون مرتب، وقال: فى ميدان رابعة هدد الإخوان أنه إذا أردتم وقف العمليات الإرهابية لابد أن يعود مرسى للحكم.
وطالب بالقصاص لأخيه لأم يؤذ أحدا، وهو برىء من أى شىء، ولا يريد شيئا من أى جهة سوى القصاص لأخيه.
وأضاف حامد الشقيق الأصغر للشهيد، أن أخى كان بالنسبة لى أخا وأبا وكل شىء فئ حياتى وكلمنى أمس.
وبكى بحرقة ثم قال الشهيد هو الذى زوجنى ودفع لى 8000 جنيه مكافأة تخرجه، وله فضل كبير على رغم أنه أصغر منى.
وقال إن شقيقى هاتفنا مساء الثلاثاء، وحدثنا جميعا، وقال لى إنه نازل إجازة غدا الأربعاء وطلب منى أن آخد بالى من والدتى وإخوتى.
وأضاف أن زميل الشهيد فى الوحدة كان معه فى الأتوبيس، وقال لى إن الشهيد منذ ركوبنا الأتوبيس وهو يحدثنا عن الشهادة.
وأضاف حامد أن زميل أخيه، كانت ملابسه ملطخة بالدماء، فقمت بمسح جسدى فيها، لأن هذا دم حبيبى وأخى الغالى، وأنا الآن لا أصدق أن عبد الرحمن استشهد.
وقال نفسى أشوف من قتل أخى لأقتله مليون مرة، وأفتك به ونفسى أتجند فى القوات المسلحة لأدافع عن وطنى ضد الإرهاب والكفرة.
وطالب حامد الدكتور سعيد عبد العزيز، محافظ الشرقية واللواء سامح الكيلان بتعيينه فى أى وظيفة كى أعاون والدتى المسنة، والمريضة بعد فقد أخى الذى كان يعطى مرتبه لوالدتى لتقوم بالإنفاق علينا جميعا إنا وإخوتى، وأجهش حامد فى البكاء وقال فقدت أعز إنسان فى حياتى اليوم، فهو كان سندى بعد الله.
وقال هلال محمد إبراهيم أبو الفتوح، ابن عم الشهيد ووالد العروس إن الشهيد لم يكن مجرد نسيب أو ابن عمى، لكنه كان شيئا جميلا فى وسطنا كعائلة، فكان دائم الابتسامة ودائم بشاشة الوجه.
وأضاف أنه تمت خطبته على نجلتى منذ عام، ولبس الشبكة منذ 25 يوما، وسافر بعدها، ولم يعد إلا جثة هامدة ونحن فخورون به لأنه شهيد وكان مثالا للأخلاق الطيبة بالقرية.
وكان يحدثنا وخطيبته يوميا وآخر مكالمة قال لها أشعر أنى سأعود للقرية شهيدا وظل يودعها بشكل غريب.
وعندما علمت ذهبت إلى مدرسة الصنايع بالرحمانية وأحضرت نجلتى خطيبة الشهيد الطالبة بالصف الثانى، وعندما دخلنا القرية وشاهدت الأهالى متجمعين أحسست بما حدث قبل أن نقول لها أغمى عليها، ونقلناها لمستشفى خاص حتى الآن، وهى تتلقى العلاج وفى صدمة نفسية،كما أن شقيقته إيمان أصيبت هى الأخرى بصدمة، وانتقلت على أثرها للمستشفى ولم تفق حتى الآن.
وقال حسبى الله ونعم الوكيل، فى من يفسد فى الأرض ويقتل الأبرياء، مطالبا بالقصاص من القتلة.
وقال على لطفى أحد الجيران إن الشهيد كان ودودا وصاحب خلق ويحافظ على جيرانه وكان يعاملنا معاملة حسنة، وأن الإرهاب لابد وأن ينتهى وتقوم القوات المسلحة بالقضاء عليه، وهى قادرة وطالب بالقصاص للشهداء وإلا تضيع دماؤهم هباء.
وقال إن الشهيد تطوع فى الجيش كى يساعد والدته على أعباء الحياة لأن ظروفهم الاقتصادية كانت صعبة خاصة بعد وفاة والدهم، مطالبا بتعيين شقيقه حامد ليساعدها على مطالب الحياة.



