خريطة الحدود فى الشرق الأوسط لم تتغير رسميا منذ بداية "الربيع العربى" باستثناء دولة السودان، فالخرائط القديمة أبعد ما تكون عن الواقع الموجود على الأرض، والهويات القبلية والطائفية من الأسباب الناجمة عن عدم وجود استقرار إقليمى، فالتغييرات فى خريطة الشرق الأوسط قد تؤدى إلى تغييرات جغرافية وسياسية بعيدة المدى فيما يتعلق بالتحالفات الإقليمية وتوازنات القوى والقضايا المتعلقة بسوق الطاقة العالمى.
جاء ذلك فى تقرير أعده مركز دراسات الأمن القومى الإسرائيلى، أمس، الثلاثاء، مشيراً إلى احتدام وتيرة الحرب الأهلية فى سوريا التى أصبحت التحدى الرئيسى لفهم التغييرات التى تحدث فى المنطقة، فقد تم تقسيم سوريا إلى ثلاثة كيانات (أو أكثر) كل منها لها قواتها الأمنية الخاصة: "الجنوب ودمشق وحمص والشاطئ الشمالى من البحر الأبيض المتوسط يسيطر عليها نظام الأسد، أما مسؤولى المعارضة السنية يبسطون سيطرتهم على المناطق الشمالية والمدن الرئيسية مثل إدلب والزور، وهناك صراع على مدن أخرى مثل دمشق وحلب، إضافة إلى انقسام المعارضة السنية إلى العديد من الجماعات والأحزاب السنية الذين يسعون إلى إقامة "إمارة إسلامية".
وأوضح المركز، أن بعض هذه الجماعات بما فيها التى جاءت من خارج سوريا قامت بصراع عنيف ضد بعضها البعض، ويحاول الأكراد فى سوريا إقامة كيان سياسى مستقل فى المناطق الخاضعة لسيطرتهم، خلافا للأقليات الأخرى فى سوريا، فالأكراد فى سوريا يمثلون 3 مليون نسمة من الشعب السورى، وقد عانوا من الاضطهاد والقمع إضافة إلى منعهم من التحدث بلغتهم الخاصة.
وأكد المركز، أن الميليشيات الكردية استغلت حالة الفوضى السائدة فى البلاد وسيطرت على مناطق فى شمال شرق سوريا، وأكد كبار المعارضة الكردية فى عام 2012 أنهم يرغبون فى إقامة دولة مستقلة، وأشار المركز إلى أن المجلس الوطنى الكردى (الذى يمثل غالبية الأحزاب الكردية) وقع اتفاقا مع "المجلس الوطنى السورى"، وسيتمتع الأكراد بالحكم الذاتى فى المستقبل القريب فى سوريا.
وأوضح المركز أن الحكم الذاتى الناجح للأكراد فى العراق يمكن أن يتحقق فى سوريا لتقوية نظيره العراقى، فإقليم كردستان العراقى استقل فى جميع مجالات الحياة، فقد تم تشكيل برلمان مستقل وقوات عسكرية كردية مستقلة، إضافة إلى المضى قدما فى استخراج النفط والغاز بالتعاون مع شركات أجنبية
وأشار المركز إلى اتحاد الأحزاب الإسلامية السورية والعراقية الذى يزيد من خطر الحرب الأهلية وتمزق العراق، ففى السنوات الأخيرة كانت هناك دعوات عديدة من "السنية العراقية" للانفصال عن الدولة العراقية استناداً إلى الأصول العرقية، فهناك أربع محافظات سنية عراقية سعت إلى الحكم الذاتى عام 2011، فالصراع الطائفى قد يؤدى إلى تقسيم العراق فى المستقبل القريب، ومن المحتمل أن تخلق دولة سنية فى العراق بعدما ينضم جنوب العراق إلى المعسكر الشيعى الإيرانى.
وأكد المركز أن ليبيا تتهاوى فالانتفاضة كانت موجهة فى الأساس ضد حكم القذافى، مشيراً إلى انفصال العديد من المدن الليبية كإقليم برقة الذى يوجد به معظم احتياطات النفط الليبى، مؤكدا سعى القائمين فى "سيرينكا" إلى الحفاظ على معظم إيرادات صادرات النفط، مؤكدا إعلان "سيرينكا" الاستقلال عن الجماهيرية العربية الليبية" فى يونيو 2013م.
وتطرق المركز إلى بلدان أخرى تفتقر إلى الهوية المشتركة فى منطقة الشرق الأوسط، مثل اليمن التى فتحت حوار وطنى فى مارس 2013 من أجل التوصل إلى اتفاق يعمل على ترسيخ نظام سياسى جديد فى البلاد، فالسيطرة الفعلية على صنعاء غير كاملة، هناك جماعات فى جنوب اليمن تصر على الانفصال الكامل من اليمن، والوضع فى الجنوب يشكل العقبة الرئيسية أمام نجاح الحوار الوطنى، وفى الشمال بالقرب من السعودية توجد جماعة شيعية متمردة تعمل على توسيع نطاق سيطرتها للمقاطعات المجاورة لها، ولا تزال قوات الأمن اليمنى تكافح القاعدة للسيطرة على المناطق الجنوبية للبلاد
واختتم المركز تقريره بالإشارة إلى أن الاستراتيجية الإسرائيلية تدعم الاستقرار، لكن الدول المجاورة لها ستتفكك على المدى القصير، نتيجة للإرهاب والجريمة واللاجئين وتوزيع الأسلحة، مؤكدا حدوث تغييرات ستؤدى إلى تفكك الجيوش النظامية التى تشكل تهديدا لإسرائيل، مشيرا إلى وجود فرص لإقامة علاقات بين إسرائيل والأقليات التى لديها القدرة على الاستيلاء على السلطة فى المستقبل، فالتغييرات تحدث الآن داخل الحدود، لكن الوضع ربما يتغير، فالبلدان قد تنهار وتمر بمراحل انفصال واستقلال ذاتى، لكن هناك عوامل قد تمنع بعض الدول من التقسيم منها التدخلات أو المساعدات الخارجية التى لها مصلحة فى استقرار تلك البلدان كما هو حال اليمن، أو لديها مصالح مشتركة فى الموارد النفطية كما هو الحال فى العراق.
مركز أبحاث إسرائيلى: حدود جديدة ستتغير فى منطقة الشرق الأوسط
الخميس، 21 نوفمبر 2013 02:11 م
صورة أرشيفية
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة