ذكرى «محمد محمود» والبحث عن ثورة.. على الدولة البحث عن علاج جذرى للمشاكل وأن تكف عن إعطاء المسكنات.. وعلى الشباب أن يدرك أن الثورة ليست مظاهرات فقط

الخميس، 21 نوفمبر 2013 08:45 ص
ذكرى «محمد محمود» والبحث عن ثورة.. على الدولة البحث عن علاج جذرى للمشاكل وأن تكف عن إعطاء المسكنات.. وعلى الشباب أن يدرك أن الثورة ليست مظاهرات فقط احداث محمد محمود أرشيفية
تحليل يكتبه: طارق سعيد

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
نقلا عن اليومى :

من أسوأ طرق التعامل مع إنسان درجة حرارته مرتفعة أن تعطيه خافضا للحرارة وتكتفى بذلك مع أن أى طبيب مبتدئ يدرك أن ارتفاع درجة الحرارة هو مجرد عرض لمرض ما، وأن قرص المسكن الذى يمكن أن يعطيه كاف لخفض الحرارة لفترة بسيطة يعود بعدها المرض ربما أقوى وأشرس من قبل ومنذ قيام ثورة 25 يناير وبعدها 30 يونيو طفت على سطح الحياة السياسية العديد من الأمراض التى تم تسكينها بحلول مؤقتة دونما البحث عن أسبابها الأصلية وإيجاد حلول جذرية لها

الاكتفاء بالمسكنات يجعلنا كلما مرت علينا ذكرى مهمة من أيام ثورتنا المجيدة نضع يدنا على قلوبنا خوفا من لحظة انفلات متعمدة أو تلقائية تؤدى إلى أن تزهق أرواحاً جديدة تظلم بعدها بيوت وتنوح أمهات ثكلى ونعيش فى ثأر لا ينتهى وتتحول الذكريات إلى نيران تحرق وطنا بأكمله، وما نراه يحدث فى مصر منذ ثورة 25 يناير وبعدها 30 يونيو وآخرها إحياء ذكرى محمد محمود التى شهدت اشتباكات دامية، كما كان متوقعا طرح سؤال رئيسى عن: ماذا يمكن فعله لكى تتجنب البلاد الدخول فى معارك جديدة جانبيه تؤدى إلى مزيد من الفوضى وإراقة الدماء وتأكل الأخضر واليابس وتأتى على شرعية الثورة نفسها التى يراها المواطن العادى شرا مع كل حدث كبير يمكن أن يريق مزيدا من الدماء ويؤدى إلى وقف الحال من وجهة نظره، وهى الأداة التى استخدمت كثيرا لشيطنة الثورة والثوار، وهو ما يجب على الثوار أن يفهموه قبل السلطة التى جاءت بها 30 يونيو.

لا شك أن هناك أخطاء كبيرة وقع فيها الجميع، القوى السياسية والثوار ومن قبلهم النظام الحاكم سواء كان المجلس العسكرى أو الإخوان أو حتى النظام الحالى وحتى نستطيع علاج هذه الأخطاء بشكل جذرى ودائم هناك إجراءات يجب أن تقوم بها الحكومة لكى تمهد الأوضاع لمصالحة شاملة مع كل من يظن أن له ثأرا عند الداخلية وغيرها، وأولى هذه الخطوات هى إيجاد عدالة ناجزة تحقق فيما جرى منذ 25 يناير وتحاكم المسؤولين عنه بشكل يغلق هذا الملف تماما دون رجعة، أما ثانى هذه الخطوات فهى تسوية حالات أهالى الشهداء والمصابين الذين مازالت شكاواهم مستمرة حتى الآن من البطء الشديد فى تسلم حقوقهم أو استكمال علاجهم أو معاملتهم بشكل لا يليق.

ثالث هذه الخطوات أن تتقدم الحكومة فى إنجاز ما وعدت به فى ملف العدالة الاجتماعية دونما تأخير أو تباطؤ، وأن تضع أمام أعينها أن أى تأخير فى هذا الملف من شأنه أن يزيد من درجة الاحتقان بين الناس ما يسهل من عمليه التسخين السياسى التى تقوم بها بعض قوى الإسلام السياسى وعلى رأسها جماعة الإخوان مستفيدة من المناخ السياسى الذى يحتقن وترتفع درجة حرارته كلما مرت إحدى ذكريات الثورة الأليمة وما أكثرها، ورغم أن هناك العديد من الشباب الثورى الحقيقى يتعامل بحسن نية فى مثل هذه الأمور ولهم كل العذر فى ذلك لأسباب تتعلق بحداثة العهد بالعمل السياسى فإن هناك فى الجانب المقابل من يحاول أن يزيد الأمور اشتعالا وأن يرفع حدة الغضب وشعارات الثأر لكى تظل الأمور مشتعلة، وهو ما لم يعد يليق بشعب قدم الآلاف من الشهداء والمصابين من أجل تحقيق ما خرج من أجله من عيش وحرية وعدالة اجتماعية واستقلال وطنى.

فلم يقدم الشهداء أرواحهم من أجل أن يموت شهداء آخرون بعدهم بل لكى يعيشوا فى حرية وكرامة تليق بالتضحيات التى قدمت ولم يهب المئات نور عيونهم لكى تسلك الثورة طريقا مظلما يؤدى بالبلد إلى غياهب التاريخ، مطلوب مشروع للتصالح مع قوى الثورة وشبابها كما هو مطلوب أيضا مشروع وطنى حقيقى يلتف حوله المصريون جميعا دون تفرقة.. التصالح والمشروع الوطنى الحقيقى كلاهما كفيلان بإنقاذ هذا البلد ونجاته مما يدبر له من مؤامرات يدبرها البعض بسوء نية وأهداف معلنة، وأخرى خفية، ويشارك فيها البعض باندفاع وحسن نية لأنه طوال الوقت يتصور أن الثورة هى التظاهر والاعتصام والاشتباك مع أجهزة الأمن إن لزم الأمر بينما فى الحقيقة أن هذا الجزء من الثورة يكون فى شقها الأول وهو شق الهدم للقديم، بينما الشق الثانى وهو الأصعب هو كيف ستعيد بناء ما تهدم فى هذا البلد طوال السنين الماضية؟ وهو ما يحتاج إلى عمل مضن ووضع قواعد مشتركة للعبة السياسة يتفق عليها الجميع للمضى قدما إلى المستقبل الذى لن ينتظر أحدا.






مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة