«اليوم السابع» تقترب من أسوار"كريات أربع" أضخم مستوطنات «الخليل» وتخوض مغامرة داخل «الحرم الإبراهيمى» وتكشف أفظع الانتهاكات اليهودية من تعذيب وإرهاب ضد الفلسطينيين بالمدينة العتيقة

الخميس، 21 نوفمبر 2013 12:48 م
«اليوم السابع» تقترب من أسوار"كريات أربع" أضخم مستوطنات «الخليل» وتخوض مغامرة داخل «الحرم الإبراهيمى» وتكشف أفظع الانتهاكات اليهودية من تعذيب وإرهاب ضد الفلسطينيين بالمدينة العتيقة البلدة القديمة بالخليل
رسالة الخليل – محمود محيى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء


نقلا عن اليومى :

"مأساة ومعاناة وإرهاب وتنكيل وقتل وذل وإهانة وتهجير وظلم واستبداد واحتلال".. هذا باختصار عنوان حياة فلسطينيى "البلدة القديمة" بمدينة "الخليل" على يد المستوطنين المتطرفين اليهود وجنود الاحتلال.

ففى مغامرة محفوفة بالمخاطر مع قوات الاحتلال الإسرائيلى وتعرضنا للاعتقال، دخلت "اليوم السابع" البلدة القديمة بمدينة الخليل المحتلة، لأول مرة، لإجراء تحقيق مفصل لرصد مأساة أشقائنا الفلسطينيين هناك، وما يتعرض له "الحرم الإبراهيمى" يومياً من انتهاكات دموية، وكذلك فى كل شوارع وطرقات البلدة القديمة بالمدينة.

بمجرد دخولك "البلدة القديمة" بمدينة الخليل تشعر وكأنك دخلت قطعة من "الجنة"، بكل معانى الكلمة، حيث أجمل بيوت وأروع شوارع وطرقات وأنقى هواء وأجمل وأعظم شعب لا يزال صامداً منذ احتلال مدينتهم، وهم سكان "البلدة القديمة"، ولكن لا ينتهى الأمر عند هذا الحد، فدائما الأشياء الجميلة لا تكتمل، خاصة هنا فى مدينة خليل الله "إبراهيم" – عليه السلام- فبالسير فى شوارع البلدة ترى العلم الإسرائيلى يرفرف فى مكان يلوح بوجود مستوطنة يهودية على الأراضى العربية.

ويحيط بالبلدة القديمة 5 مستوطنات رئيسية، تشكل حزاماً خانقاً على البلدة الفلسطينية العتيقة، وتلك المستوطنات هى "بيت رومانو" و"إفراهام أفيتو" و"بيت هداسا" و"تل الرميدة" و"رامات يشاى".

هذا المنظر الاستيطانى المقزز والمستفز جعل "اليوم السابع" تكمل مهمتها الصحفية بكل تحد وعزيمة لكشف حقيقة الإرهاب الإسرائيلى الأعمى أمام العالم، ووضع الصورة أمام الدولة العربية والعالم الإسلامى فى كل أنحاء الأرض، لعله يستيقظ من نعاسه الطويل الذى استمر لسنوات دون أن يتحرك له رمش، ولعله يتحرك جدياً لحماية أهلنا فى "الخليل" المحتل وكل المدن الفلسطينية المحتلة وإنهاء هذا "السرطان الاستيطانى"، بل وحماية مقدساتنا الإسلامية والمسيحية من قبضة اليهود.

بداية الرحلة.. طريق "وادى جهنم"
فى البداية، انطلقت الرحلة نحو "الخليل" من "رام الله"، حيث إقامة "اليوم السابع" التى ذهب إلى هناك لتغطية فعاليات الأسبوع الوطنى الفلسطينى من الفترة 11 نوفمبر حتى 17 من الشهر نفسه، حيث سلك طريق "وادى جهنم"، الذى بناه اليهود حول مدينة "القدس المحتلة" ليربط رام الله بالخليل والمستوطنات المنتشرة على طول الطريق، وذلك حتى لا يترك فرصة للفلسطينيين لدخول "الخليل" عبر المدينة المقدسة.

وهنا يجب أن نشير إلى أن مدينة "القدس المحتلة" تقع بين رام الله والخليل، وتبعد المسافة بين الخليل ورام الله، فى حال دخول القدس، 20 دقيقة فقط، ولكن عبر هذا "الطريق الثعبانى" كانت المسافة حوالى 80 كم، واستغرق الوقت الزمنى للوصول للمدينة حوالى ساعة ونصف الساعة.

وخلال المغامرة الصحفية لكشف وجه الاحتلال الدموى القبيح، رصدت "اليوم السابع" انتشار المستوطنات الأكبر فى الخليل وبالبلدة القديمة، وهم "كريات أربع" و"بيت هداسا" و"بيت رومانو" و"أفرهام أفيتو"، بالإضافة إلى التجمعات الاستيطانية الصغيرة التى يعدها الاحتلال من الآن لتكون نواة لمستوطنات كبرى فى المستقبل.

المستوطنات تنتشر كالسرطان.. والقتل والتعذيب والإرهاب والذل عنوان الحياة اليومية لفلسطينيى المدينة العتيقة

مستوطنة «كريات أربع».. أضخم مستوطنات الخليل




عند مشارف الخليل، وعلى طول نهاية طريق «وادى جهنم» تجد «كريات أربع»، أضخم مستوطنة يهودية، أدى بناؤها منذ ستينيات القرن الماضى وحتى الآن، لتدمير عشرات المنازل الفلسطينية وتهجير أهاليها ومصادرة أراضيهم، إضافة إلى اضطرار السكان إلى ترك بيوتها بسبب الاعتداءات والمضايقات غير المنتهية من المستوطنين المتطرفين.

ويرجع تاريخ «كريات أربع» إلى العام الذى تلا نكسة 1967 مباشرة، حيث طلبت مجموعة من الإسرائيليين وعلى رأسهم المتطرف «موشيه لفينجر» من الجيش الإسرائيلى أن يأذن لهم بقضاء عطلة «عيد الفصح» فى فندق بارك بالخليل، وبقيت المجموعة فى الفندق بعد الأعياد وحصلت على دعم عدد من السياسيين الإسرائيليين. وبعد عدة أشهر تم التوصل إلى حل وسط بين مجموعة لفينجر والسلطات الإسرائيلية، منحت بموجبها المجموعة قطعة أرض شرق مدينة الخليل تمت مصادرتها من قبل الاحتلال، وبدأوا بإنشاء المستوطنة، التى يبلغ عدد سكانها نحو 7 آلاف نسمة.

«الحرم الإبراهيمى».. المسجد المنتهكة حرمته ليلا ونهارا




المرحلة الثانية من المغامرة الصحفية، كانت بدخول البلدة القديمة التى ينتشر فى معظم شوارعها المستوطنون المتطرفون ودوريات الجيش الإسرائيلى بشكل مكثف، وذلك بعد أن اجتازت «اليوم السابع» العديد من الحواجز الأمنية والعسكرية بسلام، لتأتى المحطة الثانية وهى زيارة «الحرم الإبراهيمى» لتصبح المحطة الأولى من المغامرة فعليا داخل «البلدة القديمة».

دخلنا ساحة المسجد الإبراهيمى الذى يضم قبر خليل الله ونبيه سيدنا «إبراهيم» - عليه السلام - وزوجته سارة ومقام نبى الله «إسحاق» والنبى «يعقوب» - عليهم السلام - وزوجاتهم، بعد اجتياز آخر حاجز أمنى، والتعرض لعملية تفتيش شديدة، كانت المفاجأة الأولى عند اقترابنا من بوابة المسجد الرئيسية، وهى سماع أصوات الطبول والأغانى التوراتية فى وقت رفع أذان الظهر وأداء الصلاة، وهنا يجب أن نشير إلى أنه حتى المسجد تم احتلاله واقتطاع %80 منه لصالح الإسرائيليين لأداء شعائرهم التلمودية وترك %20 منه فقط للمسلمين.

قال محمد ياسين 54 عاما، أحد سكان البلدة القديمة، لـ«اليوم السابع» إنه منذ مجزرة الحرم الإبراهيمى، التى ارتكبها المستوطن المتطرف «باروخ جولدشتاين» فى25 فبراير 1994 بالتواطؤ مع جيش الاحتلال، الذى أطلق النار على المصلين داخل المسجد فجر يوم جمعة من شهر رمضان، ما أسفر عن استشهاد 29 مصليا، وإصابة العشرات قبل أن ينقض عليه مصلون آخرون قتلوه بطفايات الحريق التى كانت موجودة بالمسجد، وبعدها عاقب الاحتلال أهالى الخليل بتقسيم المسجد بسبب قتلهم هذا السفاح، ليصبح الجانى هو المجنى عليه.
منذ ذلك الحادث وما ترتب عليه - أوضح ياسين - يتعرض المصلون يوميا لأبشع أشكال الذل والإهانة من تفتيش قبل دخولهم المسجد، وتعرضهم للضرب وإلقاء الحجارة عليهم من جانب المستوطنين، لافتا إلى أن معاناتهم تزداد عند توجههم لأداء أى من فرائض الصلاة.

بعد دخول المسجد، التقت «اليوم السابع» اثنين من الشيوخ المرابطين داخله بشكل مستمر لمواجهة الاحتلال، وهما الشيخ حسين الشريف، والشيخ عبدالغفار الرحبى، من سكان الخليل، وسردا ما يحدث من انتهاكات لحرمة المسجد يوميا من جانب جنود الجيش الإسرائيلى.

قال الرحبى، 73 عاما، إن رجال الجيش الإسرائيلى يداهمون المسجد ليل نهار، ويدخلونه بأحذيتهم ويطردون المصلين منه، ومن يعترض يضربونه ويعتقلونه، مشيرا إلى أن المصلين يتعرضون لعمليات تفتيش شديدة قبل دخولهم الحرم الإبراهيمى بشكل يتسبب فى تعطيلهم عن أداء الصلاة. وأضاف الشيخ المسن بنبرة مليئة بالحزن والأسى أن المداهمات تتم كل يوم عقب صلاة العشاء بساعة، مشيرا إلى أن المستوطنين يهجمون أيضا على المسجد من حين لآخر تحت حماية شرطة وجيش الاحتلال، والذين يطلقون الغازات المسيلة للدموع داخل المسجد، حيث تظل رائحتها مستمرة لليوم الثانى.

وحول مجزرة الحرم الإبراهيمى سنة 1994 قال الرحبى: فى الليلة التى شهدت المذبحة لم يصل الفجر فى المسجد، وحرم من نيل الشهادة مع من استشهدوا، مؤكدا تعرضه للاغتيال لو حضر الصلاة نظرا لمواقفه المعروفة فى التصدى للمستوطنين المهاجمين للمسجد، مضيفا أن هناك ضابطا إسرائيليا يدعى ديفيد كان يريد أن يقتله فى أى وقت.

وقال الشيخ حسين 61 عاما: «إن المستوطنين يقومون كل فترة بأعمال استفزازية، بتكسيرهم سياراتنا، وتقطيع أشجار الزيتون، والهجوم على بيوتنا بمساعدة الجيش».


«أفراهام أفينو».. مستوطنة بناها ثرى يهودى تركى




عقب التجول بجوار أسوار مستوطنة «بيت هداسا» وتصوير ما يمكن تصويره فيها - من الخارج - انتقلنا إلى ناحية «السوق الشعبى القديم»، وهنا تكمن الكارثة على أهالى منطقة السوق، حيث تقع مستوطنة «أفراهام أفينو»، فوق السوق مباشرة، ويوميا يلقى المستوطنون اليهود قاذوراتهم على رؤوس الفلسطينيين ومحلاتهم، الأمر الذى جعل سكان وأصحاب محلات تلك المنطقة يضعون شبكة سلكية لمنع وصول القاذورات إليهم، حسب ما أكد لنا أحد أصحاب هذه المحلات. وتعد «أفراهام أمينو» من المستوطنات الكبيرة فى الخليل، حيث بنيت حول موقع الحى اليهودى القديم وحول الكنيس الأساسى بالخليل، فى بداية الثمانينيات من القرن الماضى.

«بيت هداسا».. أول مستوطنة تقام وسط «البلدة القديمة»




عقب خروجنا من «الحرم الإبراهيمى» للتجول فى شوارع وطرقات البلدة القديمة، استوقفنا منظر العلم الإسرائيلى الملاصق لجدار المسجد، وكان اللافت للنظر أن المنطقة المجاورة للمسجد هى بالكامل مستوطنة «بيت هداسا»، التى يرجع تاريخها إلى 1979، أنشئت المستوطنة عقب انتقال مجموعة «كريات أربع» الاستيطانية المكونة من 10 يهوديات و40 من الشباب إلى منطقة «الدابوية» الفلسطينية الأصل والتى كانت خاوية فى حينها ورفضت المجموعة مغادرة المنطقة، ولم تعترف حكومة «مناحيم بيجين» رسميا بالمستوطنة الجديدة فى الخليل من جهة كما لم تدعم أيضا إخراج النساء والشباب بالقوة، لكن فى مايو 1980، بعد عام من انتقال النساء إلى بيت هداسا قتل 6 طلاب من المدرسة الدينية اليهودية فى كمين فلسطينى عند مدخل المستوطنة وبعد هذا الحادث، سمحت الحكومة لأزواج النساء بالانتقال للعيش معهن بـ«بيت هداسا» والاعتراف بوجودهم رسميا، وتم تجديد البناء وتوسيعه.

مستوطنة «بيت رومانو».. 400 مستوطن يؤمنهم 2000 جندى إسرائيلى




بعد الخروج من «السوق الشعبى القديم» - والتى سنتناول معاناة تجاره لاحقا فى هذا التحقيق- تصطدم بمستوطنة أخرى، لكنها أكثر غرابة، حيث يعيش فيها - حسب سكان البلدة القديمة التى التقتهم «اليوم السابع» - 400 من أشد المستوطنين فى الخليل تطرفا، يؤمنهم حوالى 2000 من جنود جيش الاحتلال.
تتكون هذه المستوطنة من مدرسة لتعليم اليهودية تدعى «شبى حبرون» أنشئت عام 1983، وبجانبها مبنى متعدد الطوابق يستخدم مساكن للطلبة من المستوطنين، ومعسكر لجيش الاحتلال وعدد من الوحدات السكنية الاستيطانية، ويدعى اليهود أن هذه المستوطنة بنيت منذ 1879 من جانب أفراهام حاييم رومانو، التاجر اليهودى بتركيا، لتكون بمثابة بيت لمسنين الطائفة التركية، وفى 1917 صادرت سلطات الانتداب البريطانى المبنى واستخدمته كمقر ومركز للشرطة.
وفى 1948 أقام الأردنيون مدرسة للبنين أطلقوا عليها اسم «أسامة ابن منقذ»، لكن تم إغلاقها من قبل الاحتلال لمدة عامين «من 1981 حتى 1982» بدعوى الأسباب الأمنية، وكانت الحكومة الإسرائيلية سمحت بترميم وتوسيع المستوطنة عام 1980.

الحالة الاقتصادية لـ«الخليل» و«البلدة القديمة»




كانت جولة «اليوم السابع» داخل «السوق الشعبى القديم» بالبلدة القديمة فى الخليل مليئة بالصدمات.. حياة مأساوية يعيشها التجار وأصحاب المحلات والأهالى.. الصدمة الأولى كانت عندما وجدنا محلات بأكملها فى «سوق الأسكافة» - المعنى بتصنيع وبيع الأحذية - مغلقة بالكامل، وبسؤال العديد من أهل المنطقة أكدوا أن السبب هو عدم وجود متسوقين لضعف الحالة الاقتصادية لسكان البلدة القديمة وقلة الزائرين الأجانب والسياح بسبب الخوف من الوضع الأمنى فى البلدة، بجانب انتهاكات المستوطنين لمحلاتهم بصورة يومية.
عقب الانتهاء من زيارة سوق الأسكافة، اكتشفت «اليوم السابع» إغلاق عشرات أصحاب المحلات لدكاكينهم أيضا فى السوق الشعبى بسبب حظر التجول المتواصل الذى يفرضه الجيش فضلا على تهديد المستوطنين.

محمود أبو رميلة.. قصة طفل صامد فى وجه المستوطنين




خلال الفترة التى قضيناها بالسوق، لاحظنا عشرات الأطفال من سكان البلدة القديمة، يبيعون منتجات للزوار الأجانب الذين يأتون للحرم الإبراهيمى كلها يغلب عليها الطابع الفلسطينى، وهنا جاء أحد هؤلاء الأطفال يدعى محمود أبورميلة للتدليل على بضاعته حتى نشترى منه أى شىء.. كانت جميع السلع بحوزته عبارة عن «حظاظات» عليها علم فلسطين، فأجرينا معه حوار كشف مدى المأساة التى يعيشها ليشكل نموذجا لمعاناة أبناء جيله من أعظم أطفال الأرض.
عند سؤال أبورميلة البالغ من العمر 14 عاما، هل تخاف المستوطنين أم لا؟ كانت الإجابة سريعة ومدوية: «أنا مش بخاف منهم كلهم جبناء، وإن شاء الله راح نطردهم من أراضينا».
الطفل الذى لا يزال فى عمر الزهور هو أخ لأربع أولاد وبنتين، ووالده عاطل عن العمل فى تلك الفترة، ورغم كل هذه الظروف السيئة التى يمر بها هو وعائلته، إلا أنه يكمل دراسته فهو مسجل بالصف السابع داخل إحدى مدارس الخليل، ويعمل بعد انتهاء يومه الدراسى فى بيع «الحظاظات» للأجانب عند ساحة «الحرم الإبراهيمى» والسوق القديم، ليثبت للعالم كله أن إرادته وإرادة كل من هو فى نفس جيله لن تنكسر مهما حاول الإرهابيون الإسرائيليون.
وردا على سؤال عما إذا كان لديه تجربة شخصية مع المستوطنين؟ قال الطفل الذى توحى نظراته وحديثه بأنه سيكون له شأن كبير مستقبلا بإذن ربه لتحرير وطنه: «فى إحدى المرات كنت ماشى بأحد الطرقات وبجوارى مستوطن يمشى على الجهة المعاكسة ولم أفعل له أى شىء أو أتجه ناحيته، وبعدها بثوان وجدت شرطيا إسرائيليا يجذبنى من ملابسى ويضربنى بادعاء أننى كنت أنوى ضرب هذا المستوطن، ثم أخذنى للقسم، وقاموا باحتجازى لمدة 5 ساعات متواصلة قبل أن يفرجوا عنى».






مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة