استوقفنى التشبيه البليغ للفرنسى بيار جورد الذى أطلقه على الإعلام واصفاً إياه بآلة توليد البلاهة، حيث أمسى كل شىء صالح وقابل للعرض بعد اضمحلال الثقافة وتدهور القيم والأخلاق الذى بات واقعاً ملموساً نعيشه بكل صدق وكفاءة هذه الأيام.
وعلى هذا الأساس الضحل نستطيع أن نحمل الإعلام وزر الانهيار الأخلاقى والواقع المغلوب على أمره فى جمهور تصورنا مع الوقت أن العولمة والتقدم العلمى والتكنولوجى جعله فى قمة التفتح قادراً على الحكم والاختيار وفق ميوله ورغباته، إلا أن العكس هو الصحيح، فالجمهور بناء على خطة الإعلام الدخيل على مر السنين أصبح منسلخاً عن الذات مصاباً بالردة عن المنطق والرضا السطحى المطلق بما هو موجود، حتى إن وجد تعبير عن الرأى فهو هزيل خجول أقل تأثيراً من هيستيريا الضحك.
إن عدم الاستقرار السياسى والاقتصادى والاجتماعى للمجتمعات الآن أصبح سبباً جذرياً فى استسلام المشاهدين للتليفزيون تحديداً كأكثر الوسائل الإعلامية إتاحة وانتشاراً والذى ساعد بدوره على سد ثغرة الفراغ وإيقاف التفكير والانسحاب من الزمن المتخم بالمشاكل والفشل وضيق الأفق، بالإضافة إلى الفوضى والابتزاز التى تسببها الإعلانات التجارية بتقطيعها للأعمال المختلفة وتشويهها وتحولها إلى هدف للإنفاق عى كل وسائل الإعلام المكتوبة والمسموعة والمرئية.
مسكين المشاهد العربى، فقد انتشرت الفضائيات بما تبثه من انحراف اجتماعى وتدمره من قيم وتعمقه من أحاسيس الاغتراب والقلق، تسللت إلى واقعنا وهدفها الإستراتيجى الخفى هو السقوط، سقوط الأخلاق.. القيم.. والمبادىء.. لذلك فجدير بنا أن نبذل الوقت والجهد والمال والدم لنبحث عن ربيع الأخلاق كما نفعل عندما نبحث عن ربيع الغضب.
د.لمياء لطفى تكتب: الإعلام.. آلة توليد البلاهة
الثلاثاء، 19 نوفمبر 2013 10:05 م
مدينة الإنتاج الإعلامى
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
مصري متابع
من الأصوات القليلة العاقلة
التعليق فوق