من تمرن تمرس، ومن تدرب نمى. تلك من أبرز وأبسط القوانين التى تحكم التميز الإنسانى، والإدارى بطبيعة الحال، ولاغرو فى ذلك فالتدريب بوصفه وسيلة محورية للارتقاء المعرفى والمهارى للقادة، وللأشخاص العاديين أيضًا، تتمثل أهم أدواره فى أنه يكمل ما أرساه التعليم، فالتعليم يسهم فى تأسيس البنية الفكرية التحتية للفرد، والتى تمكنه من فهم المبادئ والقواعد الرئيسية للفكر، والتمثل المعرفى للقواعد الأساسية، التى تحكم حركة الكون، بما فيه من بشر وحجر، أما التدريب فهو بمثابة الجسر الذى يربط بين ما يتعلمه الفرد فى المؤسسات التعليمية، وبين الاحتياجات والمتطلبات المتجددة لسوق العمل، والتى يصعب تلبيتها من خلال التعليم فقط. أى أن التعليم يساعد الفرد على سرعة الاستفادة من التدريب بما يمكنه من مواكبة التطورات التى تطرأ على مجالات العمل المختلفة؛ أى أننا نتعلم لنستفيد بسرعة مما نتدرب عليه، ونتدرب لنتعلم إتقان مهارات عمل بعينه لم تتح لنا معرفته أثناء عملية التعليم.
وحرى بالذكر، أن التدريب بأنواعه المختلفة، سواء كان نظاميًا أو ذاتيًا أو من خلال الأقران، يعد أحد آليات التنمية المعرفية والمهارية، إن التدريب هو شعاع الضوء الذى يعتليه القائد الإدارى الفعال ليبلغ بمؤسسته عنان التميز. وحين نفحص حروف كلمة التدريب سنجدها تعبر عن ذلك التصور حيث تشير إلى:
- تنمية المهارات والقدرات الشخصية للقائد، ومن يعمل معه فى المنظمة.
- دراية القائد ومعرفته بمستجدات الأمور فى مجاله، فالمعرفة قوة.
- رؤية مستقبلية، ورغبة جارفة، تمكن القائد من ولوج درب التميز، وبلوغ المستويات المعيارية من الأداء الذى يسهم المؤسسة بطابع خاص يمكنها من الانضمام إلى مصاف مجموعة الأقوياء معرفيًا وأدائيًا.
- أن يؤمن القائد بالأهداف التى يتدرب من أجلها، ويحب المهام المكلف بها، ويتمسك بالمجموعة التى يعمل معها، وينتمى للمؤسسة التى ينتسب إليها.
- بنية منظمة من القيم، والمعايير، والمبادئ التى يجب أن يلتزم بها القائد لبلوغ الأهداف المنوطة بالمؤسسة بأعلى قدر من الكفاءة.
وعلينا أن نتذكر فى هذا المقام أن هناك نوعين من القادة من يدير مؤسسته، ومن يضيف إليها، ونحن فى حاجة ملحة، بطبيعة الحال، للنوع الثانى، فمن يدير يحافظ على المؤسسة كما هى، وبما أن الآخرين يتقدمون، فسوف تكون النتيجة الحتمية أن مؤسسته- الضحية تتأخر، أما من يضيف فلديه حلم يدفعه لتبنى رؤية، ورسم استراتيجية لتحقيقها عبر العديد من الخطط والبرامج والإجراءات؛ ومن ثم فسوف يصل بمؤسسته إلى تخوم أحلامه. وتتمثل نقاط قوة مثل هذا القائد فى أنه ينجح فى إيجاد مناخ يسمح لكل فرد من مرؤوسيه بأن يظهر أحسن ما فيه، ويوفر له الفرص الكافية لتطوير قدراته.
صورة أرشيفية