قال الروائى الكبير بهاء طاهر، إن طه حسين بالنسبة إليه شخص هام جدًا، رسم خطى حياته منذ البداية وحتى الآن، مضيفًا أنه من ذكرياته أنه حضر جنازة طه حسين وكان قد تخرج من جامعة القاهرة، قائلا "أذكر أن أنور السادات كانت يخطب فى لحظة الجنازة، فكانت تسير على كوبرى الجامعة، وهناك مكبرات للصوت تذيع خطاب الرئيس الراحل أنور السادات، وكنت أشعر بحزن شديد جداً لأن السادات لم يذكر كلمة واحدة عن رحيل عميد الأدب العربى، فكيف يكون هذا الرجل العظيم طه حسين فى موكب رحيله، ولا يتكلم رئيس الدولة عن ذلك" مضيفًا فى أسف،"هذا قدرنا فحتى الآن أحس بجرح لهذا الموقف".
أوضح طاهر، خلال الندوة التى أقيمت مساء أمس الأحد بدار الوثائق القومية لمناقشة كتاب "مستقبل الثقافة" لطه حسين، أن عميد الأدب فى آخر أيامه كان يعالج عن طريق العلاج الطبيعى وكنت أنا أعمل بالإذاعة، التى كان يديرها عبد الرحيم الحديدى الذى قال لى، إن طه حسين ليس متيسر المال الكافى لدفع تكاليف العلاج الطبيعى، وعلى الفور قررنا عمل مسرحيات لكى يترجمها، ولكن دخلها كان بسيط، لما كان يستحقه طه حسين .
وأكد طاهر، سعادته عندما كان يحضر محاضرات طه حسين فى قسم اللغة العربية، وهو ليس طالبًا بها وكان يتكلم فيها عن الشعر العباسى، مؤكدًا أن الاستماع إلى صوت طه حسين فيه متعة عظيمة وجمالاً، وكنا ننتظره فى تلك الفترة حيث كان يقدم حديث الأربعاء بالإذاعة، وكنا ننتظره بمنتهى الشغف ونحرص على متابعته ووصف من حظى من الاقتراب إلى طه حسين وسماعه فقد فاز فوزًا كبير .
وأضاف طاهر، أن كتاب "مستقبل الثقافة" كتب عنه فصلاً فى كتابه "أبناء رفاعة"، لكنه رأى أن طه حسين تناول فى هذا الكتاب أشياء مهمة جداً، بجانب حديثه عن التعليم و السياسة فالكتاب أهم من أى برنامج حزبى أو روشتة، لأنه يتكلم عن الجذور ويتحدث عن قضية القضايا، وهى استئصال جذور طلائع الاستبداد من المجتمع المصرى، وكثير من المجتمعات الشرقية، وحدد العوائق التى تحول دون استئصال جذور الاستبداد هذه، مثل التحدث عن الخلاف بين الدين والفكر، وعلى حد تعبير طه حسين، أن هناك دسيسة تدخل بين الفكر والدين وهى السياسة والتى تحدث دائماً الفتنة، وهذه من أهم الأشياء التى يجب الانتباه إليها، فهى ليست صادقة فى العصور الماضية ولكنها صادقة حتى الآن.
بينما قال الدكتور عماد أبو غازى، وزير الثقافة الأسبق إن مستقبل الثقافة لدى طه حسين،كان مستقبل التعليم نفسه فى مصر، رغم أن عنوان الكتاب "مستقبل الثقافة" ولكن معظم فصول الكتاب تتناول إشكاليات و قضايا التعليم فى مصر، كمدخل للتحديث أو النهضة، وأيضاً تعرض للثقافة والفنون الحديثة مثل السينما والثقافة العربية الواحدة، موضحًا أن الكتاب مرتبط بحدث مهم ثان، وهو بعد مرور سنتين من معاهدة 36 التى حققت لمصر الاستقرار، وإن لم يكن كاملا، ولكن بمعنى استقلال وتحول فى تاريخ نضالنا من أجل الحرية، وأيضا الثقافة فى المجتمع المصرى ودور مصر فى الثقافة العربية، و من الغريب أن نفس هذه القضايا والأسئلة مطروحة إلى الآن.
وأوضح أبو غازى، أن من العجيب أن يكون التاريخ المكتوب بعد حضارة بلغت 7000 سنة مازلنا نبحث عن الهوية الخاصة بنا فهذه إشكالية مفتعلة ومطروحة علينا، بما أننا نقوم بكتابة دستور جديد فنتكلم فيه عن مواد الهوية وكأنه كتاب تربية وطنية، وليس دستور لتحقيق الحقوق والحريات، وكان لطه حسين دور مهم أثناء كتابة دستور 23، فهو من لفت الأنظار بخطورة المادة التى أدخلت فى دستور 23، والتى قالت إن دين الدولة الإسلام وتوقع أن تحدث هذه المادة المشاكل والأزمات فيما بعد، وهو ما يحدث بالفعل الآن .
وأضاف أبو غازى، أنه على الدولة أن تنفق أكثر على الثقافة فى مصر، ومن المحزن أن يكون نصيب الفرد من الثقافة 35 قرشاً فى السنة، واصفا ذلك بالكارثة، وأن الحل لها ليس بملء عقول الشعب بالثقافة، ولكن عليها أن تقيم الساحات التى تقيم عليها الإبداعات والثقافة، وأن المدارس كان يوجد بها تعليم ومسرح فلا يمكن أن يكون هناك مسرح حقيقى، إلا إذا كان هناك مسرح مدرسى، ولا يمكن أن ننافس على كأس العالم، ونحن نقضى على الرياضة فى المدارس، ونفس الشىء فى كل مجالات الإبداع والفن فإذا لم يكن هناك مجال مفتوح لكل إنسان فى مصر يمارس فيه إبداعه، لن نبدع وننتج فى أى من المجالات .
ومن جانبه، قال الدكتور عبد المنعم تليمة إن صاحب بيان النهضة هو طه حسين، فقد بدأ فى الثانية عشر من عمره يكتب فى الجريدة ثم يلتحق بالجامعة، فعاش خمسة وستون سنة لا يدع القلم دقيقة واحدة، وأن الساعات الأخيرة من حياته كان يكتب الصفحة الأولى كاملة، وهو رئيس تحرير لصحيفة الجمهورية يكتب يومياً، ويحضر الندوات حتى سن الرابعة والثمانين، فعندما كنا نحتفل ببلوغه الرابعة والثمانين، سأله أحدهم عن بلوغه هذا السن فقال "أخرس أيها الولد وإنما أنا شاب مر بالعشرين أربع مرات"
وأوضح تليمة، أن طه حسين فى مشروع تطوير الثقافة قام بإنشاء جامعة القاهرة، وقال إننا أقمنا الجامعة المصرية لكى تكون جامعة دينها العلم، وأن جامعة واحدة لا تكفى، فتم عمل جامعة إبراهيم بك، وهى عين شمس الآن، وجامعة أسيوط، وجامعة الملك فاروق وهى جامعة الإسكندرية، وقال سأرسل الطلاب لتلقى العلم بالخارج، وفى المراكز المتقدمة عن طريق المنح، وكان طموحه أكبر من ذلك، فقام بإنشاء الكاتب المصرى .
طه حسين قضى عمره لحل قضايا التعليم والثقافة..طاهر: حزنت عندما خطب السادات يوم جنازة طه حسين ولم يذكره بكلمة..وأبو غازى:مصر تنفق 35 قرشًا سنويا على المواطن فى الثقافة و عمرها 7000 سنة وتبحث عن هويتها
الإثنين، 18 نوفمبر 2013 11:13 ص
عميد الأدب العربى
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة