العلاقة الطيبة تجمع بين البابا تواضروس الثانى والدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر، إلا أنها لم تتجاوز الزيارات الرسمية فى المناسبات الكبرى فقط ولم يجمعهم سوى 5 لقاءات رسمية خلال عام من تولى البابا تواضروس منصب البطريرك، اثنان منهم زار "الطيب" البابا لتهنئته بجلوسه على الكرسى البابوى وتهنئته بعيد القيامة، وزيارة هنأ فيها البابا الطيب بعيد الأضحى بالمشيخة، وزيارتان جمعتهما سويا مع قيادات الدولة الأولى، فى لقاء مغلق مع الرئيس المعزول محمد مرسى فى أبريل الماضى، والثانية مع الفريق أول عبد الفتاح السيسى، عندما أعلن خارطة الطريق فى 3 يوليو.
وهو ما يختلف عن علاقة الربع قرن من الزمان بين الدكتور محمد سيد طنطاوى والبابا شنودة، التى بدأت عام 1986، ووضعت أواصر فى التعامل بين مؤسسة الكنيسة والأزهر تتسم بالإخوة الإنسانية وبالتشاور فيما بينهما فى كل ما يتعلق بمصلحة مصر، وقد وصفها "طنطاوى" بأنها إنسانية صادقة وليست رسمية ولم تقتصر على المناسبات وجمعتهم لقاءات عدة بعيدة عن أضواء المناسبات، وعقب رحيل "طنطاوى" نعاه أخيه "شنودة " قائلا: "حزنت حزنًا تملك كل كيانى حينما فوجئت بسماع خبر وفاة صاحب الفضيلة الإمام الأكبر الدكتور محمد سيد طنطاوى شيخ الجامع الأزهر، إنها خسارة كبيرة لا تعوض، وكان له فى قلبى محبة عميقة، وكنت أعتبره أخًا لى وصديقا، وكنا نتفق معًا فى كثير من الآراء والمواقف، ولا أجد عزاءً فى فِراقه".
بعد "شنودة" و"طنطاوى" كل من "تواضروس" و"الطيب"، ومنذ توليه الكرسى البابوى العام الماضى، أعلن البابا تواضروس الثانى رؤيته تجاه الأزهر الشريف، وقال فى أولى تصريحاته "الأزهر هو المؤسسة الدينية الإسلامية الأولى فى مصر، وتاريخه يمثل الاعتدال والإسلام الوسطى المعتدل وعلاقة الكنيسة بمؤسسة الأزهر طيبة، وأود أن أشكر هنا فضيلة الدكتور أحمد الطيب شيخ الجامع الأزهر على محبته واتصاله بى لتهنئتى، علاوة على أن أوجه التعامل والتعاون مع الأزهر كثيرة ومتعددة جدا، تجمعها أواصر المحبة، ويمكن التعامل والتنسيق معه فى أوجه عدة مثل عقد مؤتمرات لتوعية المصريين، والعمل المشترك من أجل الوقوف ضد التحديات المشتركة التى لا علاقة لها بالدين سواء الإسلامى أو المسيحى من قبيل مواجهة الإدمان والبطالة والإدمان الإلكترونى للإنترنت.
وفى محاولتهما لتأكيد العلاقة القوية بينهما بادر الدكتور أحمد الطيب فى أولى زياراته إلى البابا فى الكاتدرائية فى نوفمبر العام الماضى حيث ذهب شيخ الأزهر بوفد لتهنئة البابا بمناسبة تجليسه على الكرسى البابوى، حيث قال الطيب نتمنى ألا يعوق شىء طريق الأخوة والمواطنة، والأزهر الشريف مع الكنيسة لهم دور فعال فى الحفاظ على المودة بين المسلمين والمسيحيين، وعلى الرأفة والرحمة، مضيفا ضاف أنَّنا جِئنا لنُؤكِّد تلك المعانى وتمسُّكنا بها خُصوصًا، وأنَّ الوطن يحتاج منَّا فى هذه الظروف التاريخية أنْ نعمل على قلب رجلٍ واحدٍ، وأنْ نكون حصنًا واحدًا للدفاع عنه ضد أى مُؤامرات داخليَّة أو خارجيَّة.
ولم تعكر الأحداث صفو الزيارات الرسمية بين المؤسستين العريقتين فجاءت الزيارة الثانية فى 26 أبريل استقبل البابا تواضروس الثانى، الدكتور أحمد الطيب، شيخ الجامع الأزهر ووفد رفيع المستوى من المشيخة، للتهنئة بعيد القيامة المجيد، والتعزية أيضا فى أحداث الخصوص، وقال البابا تواضروس عقب اللقاء إن شيخ الأزهر صديق عزيز نعتز بصداقته للغاية، والأزهر والكنيسة يمثلان موقع الرئتين لشخصية مصر، ونموذجا للتعايش المشترك والأزهر له معزة فى قلوبنا والأعياد المسيحية والإسلامية فرصة لتبادل الزيارات وإظهار المحبة المشتركة، والأزهر بجذوره الضاربة فى التاريخ نموذج للإسلام المعتدل وطالما الكنيسة والأزهر بخير، فمصر وطننا بخير مهما حدث.
من جانبه، أكد الدكتور أحمد الطيب أن الأزهر والكنيسة هما قائدى المسيرة الوطنية وحراس للوحدة الوطنية، فمصر تقدم نموذجاً منفرداً فى العيش المشترك، فمصر نموذج منفرد يختلف عن جميع بلدان العالم، ولن يحدث أى مواجهات قتالية عسكرية، كما حدث فى شرق آسيا، حيث قدمت نموذجاً يقتدى به العالم للأخوة بالرغم من حدوث بعض المناوشات، فالأزهر والكاتدرائية يسارعان فى أحواء كل الأزمات المفتعلة التى ليس للعقيدة علاقة بها.
وكانت أول زيارة يقوم بها البابا للطيب فى 5 أكتوبر حيث توجه البابا بوفد كنسى لمشيخة الأزهر وهنأ الدكتور أحمد الطيب بعيد الأضحى المبارك.
البابا وشيخ الأزهر يسيران بحذر على خطى "شنودة" و"طنطاوى".. تواضروس: الأزهر تاريخه يمثل الاعتدال والإسلام الوسطى.. الطيب: نحن على قلب رجل واحد ضد المؤامرات
الإثنين، 18 نوفمبر 2013 04:10 ص