
استعرض نقاد ومطلعون على الأدب الإماراتى بعضاً من التجارب الإماراتية الجديدة فى كتابة الرواية، وذلك ضمن آخر ندوات البرنامج الثقافى المصاحب لمعرض الشارقة الدولى للكتاب، وشارك فى الندوة التى أدارها الكاتب محسن سليمان، كل من الناقد العراقى د. رسول محمد رسول، والناقد والكاتب السورى عزت عمر، والكاتب ورسام الكاريكاتير خالد الجابرى.
وتطرق الناقد العراقى د. رسول محمد رسول إلى رواية "آخر نساء لنجة" للشاعرة والقاصة لولوة المنصورى، التى اعتبرها من روايات ما وراء القص التاريخى أو روايات المتخيّل التأريخى، ولكنها فى نفس الوقت تأخذ القارئ إلى مضامين أخرى تفوح منها روائح التاريخ المسرودة ضمن مدارات وحكايات مصغرة ترتبط بتسريد الشخوص أو الفاعلين المشاركين فى أحداث الرواية. مشيراً إلى أن السرد فى روايتها كان متعدد البناء، وليس من طينة واحدة، كما أنها فتحت أفقاً جديداً فى الرواية الإماراتية عندما وسعت من جغرافية الحدث المكانية لتشمل المحرق، وجلفار، والأحواز، وأصفهان، ولنجة، وبغداد، وأمريكا، مع الانتقال المتناوب بين هذه المدن من خلال مدارات متوترة مقل الحب، والحرب، والحصار، والموت، وما يستتبع ذلك من ثقافات متعددة تتكور وتتلاقى فى المكان الكلى المسرود للرواية، لتكتسب تلك الثقافات هويتها الجديدة.
وقال رسول، إن رواية "آخر نساء لنجة" تبدو مثخنة بجراح التكوين المجتمعى والذاتى للإنسان الخليجى، وخصوصاً المرأة، قبل وبعد اكتشاف الثروة فى هذه المنطقة الحيوية من الناحية الثقافية، مضيفاً: "يبدو لى أن اللغة الشعرية الطافحة التى كتبت لؤلوة المنصورى بفيافيها سرديتها الروائية الأولى تمثل قيمة جمالية هائلة الحضور، إلا أن قيّماً سردية أخرى يمكن أن تقع عليها عين المتلقى وذائقته القرائية، ناهيك عن موضوعات حيوية أخرى تطرقت إليها الرواية فى برامج ومدارات سردية متعددة".
وتحدث الكاتب ورسام الكاريكاتير خالد الجابرى، مؤلف روايتى "الرحالة" و"هربت" عن تجربته فى السرد مرجعاً أحد أسبابها إلى ظهور دور نشر إماراتية جديدة تشجع الشباب الإماراتى على كتابة الرواية بشكل خاص إلى جانب الأعمال الأدبية مؤخراً، مشيداً فى هذا الإطار بتجربة دار كُتاب للنشر والتوزيع التى تدعم الكتاب الإماراتيين وتنشر أعمالهم بسهولة أكبر من دور نشر أخرى. وأكد أن من ثمرات الحراك الثقافى الجديد فى الإمارات ظهور روايات متميزة فى أفكارها مثل رواية "سلطنة هرمز" لريم الكمالى، التى تعتبر من أحدث الروايات التاريخية فى المكتبة الإماراتية.
وتناول عزت عمر فى مشاركته، رواية "سيح المهب" لناصر جبران، قائلاً أنها اقتحمت عالم ما بعد الحداثة وبينت آثارها الكارثية على الإنسان والمكان والأخلاق والقيم بشكل عام، وذلك من خلال تفاعل شخصياته مع الزمن الجديد وتلاعبه بمصائرها، مشيراً إلى أن المكان فى هذه الرواية يأخذ بُعداً رمزياً لمجتمع ما بعد الحداثة، حيث تتجاوز فيها الثقافات خلافاتها وتتفاعل مع بعضها.
كما تناول عمر رواية "الظل الأبيض" لعادل خزام، معتبراً أن كاتبها اعتمد سرداً متناهياً فيه شيء من الغموض عبر الدروب العديدة التى تنفتح أمام الشخصية الروائية، مع كشف لبعض تفاصيل المكان والزمان والشخصيات الأخرى التى تمر فى ثنايا الرواية. مؤكداً أن خزام لجأ نحو أسلوب السينما ومشهدياتها البصرية الغامضة التى تدفع بالمشاهد للمتابعة الشخصية فى فضاء موحش خالٍ من الناس.
وتحدث عمر أيضاً عن رواية "اسبريسو" لعبد الله النعيمى، التى تعتبر رواية اجتماعية تعكس هموم الشباب وتطلعاتهم، وتظهر كثيراً من جوانب الافتراق بين تقاليد الأمس الأصيلة والتقاليد الجديدة التى تتسم بإنفتاح الأجيال وتجاوز قيم الأمس المختلفة. مشيراً إلى أن تفاعل كتاب الرواية الإماراتية الجديدة مع المتغيّرات الاجتماعية والاقتصادية التى طالت المدينة الإماراتية بات أمراً واضحاً.