أعربت 8 منظمات حقوقية فى بيان لها عن قلقها الشديد من إصرار منير فخرى عبد النور وزير الصناعة والتجارة، على استخدام الفحم كبديل للغاز فى مصانع الأسمنت والسيراميك، معتبرين أن هذا القرار يفيد قلة من المستثمرين الساعين لتحقيق أقصى أرباح ممكنة دون اعتبار للخسائر الاقتصادية والصحية والبيئية التى ستتحملها الأجيال الحالية والقادمة.
وأعربت المنظمات أيضا عن انزعاجها من أن هذا الإصرار يؤكد أن السياسات الاقتصادية العقيمة منذ عهد مبارك التى تنحاز للمصالح الضيقة لرجال الأعمال ضد باقى أفراد المجتمع، والتى استمرت فى عهد الإخوان، مازالت مستمرة مع الحكومة الحالية.
وكانت وسائل الإعلام نقلت مؤخرا تصريحات متعددة، فيما يبدو أنه حملة يقودها السيد وزير الصناعة والتجارة، حول أهمية وضرورة وفائدة استخدام الفحم كبديل عن الغاز الطبيعى لمواجهة مشاكل الطاقة الحالية فى مصر، واتسمت تلك الحملة بالمبالغة وخلط المواضيع والمعلومات الناقصة الغير الدقيقة، واستهدفت الضغط لتمرير هذا القرار رغم اعتراض وزارة البيئة عليه، وأيضا اعتراض عدد كبير من منظمات المجتمع المدنى المعنية بالبيئة.
ويضاعف القلق ما تنم عنه تصريحات الوزير من تعجل غير مبرر فى اتخاذ مثل هذا القرار، فالتحول للفحم كمصدر بديل للغاز الطبيعى، قرار استراتيجى خطير يستحق دراسة متأنية، فمن المعلوم أن الفحم مصدر أكثر تلويثا من الغاز، يحمل مخاطر صحية كبيرة مع استخدامه، ونقله واستخراجه وأيضا مع التخلص من مخلفاته، كما يحمل التحول لاستخدام الفحم أعباء اقتصادية كبيرة نظرا لاحتياجه لتجهيزات فى البنية التحتية اللازمة لاستيراده، ونقله وتخزينه وأيضا فى تقنيات استخدامه، كل هذا فى ظل عدم وجود أو استكمال دراسات اقتصادية حول جدواه وفرص ثبات أسعاره وضمان استمراره، أو دراسات بيئية حول الأعباء والعواقب البيئية والصحية، ويوضح التصريح الذى صدر بالفعل عن الوزير بأنه تم صرف 3 مليارات من الميزانية فى هذا المجال، قبل الموافقة على القرار، على مدى العشوائية فى سياسة الحكومة.
وشددت المنظمات على حقيقة أن الفحم شديد التلويث للبيئة للدرجة التى عزفت عن استخدامه كثير من الدول حتى المتقدمة منها، وللدرجة التى جعلت البنوك الدولية مثل البنك الدولى والأوروبى يضيقون من تمويل المشروعات التى تعتمد على الفحم، خصوصا وأن ما يدعى تقنيات التشغيل النظيف مازالت فى مراحل مبكرة للغاية لإثبات كفاءتها، وفرض الحماية البيئية يكاد يكون وهما فى ظل الضعف القانونى والمؤسسى الحالى للجهات البيئية والإدارية وفى ظل حمل التلوث الذى تئن منه بالفعل المناطق المحيطة بمصانع الأسمنت وتعصف بصحة الساكنين حولها والعاملين فيها.
وأوضحت المنظمات، أن هناك بالفعل مشكلة تواجه البلاد فيما يتعلق بنقص موارد الطاقة من الغاز والبترول، وأن كثير من الصناعات، خصوصا صناعة الأسمنت كثيفة الاستخدام للطاقة تواجه حاليا نقصا كبيرا فى ما يورد إليها من غاز طبيعى يؤثر على إنتاجها، وبالتالى على ما تحققه من أرباح، وتتضمن الحلول التى يقترحها الخبراء لمواجهة هذا الوضع توجيهات بترشيد استهلاك الطاقة وتنويع مصادرها، والتوسع فى استخدام المصادر المتجددة للطاقة مثل الشمسية والهواء والطاقة الحيوية وغير ذلك، لكن الحكومة اختارت الحل الذى يحفظ مصالح المستثمرين، خصوصا أصحاب شركات الأسمنت والسيراميك الذى يبدو أنهم القوة المحركة الرئيسية وراء هذا الموضوع، على حساب البيئة والبشر وحتى على حساب اقتصاديات الدولة نفسها.
وأضافت المنظمات فى بيانها "فهذه الصناعات شديدة التلويث للبيئة، وكثيفة الاستهلاك للطاقة، وكثير منهم يصدر معظم أو كل إنتاجه للخارج، تحصل على الغاز مدعوما من الحكومة بأسعار تقل عن نصف ثمنها فى السوق العالمى، وبدلا من التوقف عن هذا السفه الاقتصادى، وترفع الدعم عن الغاز والذى سيوفر لخزينة الدولة مئات المليارات من الجنيهات فى الحال، يسعى السيد وزير الصناعة والتجارة لتوفير الفحم الأرخص لهذه المصانع، رغم مخاطره البيئية العالية، مع تحميل ميزانية الدولة تكاليف بنية تحتية لاستخدام الفحم بمليارات أخرى، فى سبيل أن يحتفظ المستثمرين بأرباحهم العالية التى تفوق بكثير أرباح نظرائهم فى العالم".
والمنظمات الموقعة على البيان هى "المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، السلام الأخضر – جرينبيس، المركز المصرى للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، جمعية المحافظة على البيئة بالبحر الأحمر، مركز حابى للحقوق البيئية، حركة 350، حركة الشباب العربى للمناخ، الجمعية المصرية لحماية الطبيعة، المبادرة البيئية – جمعية نهضة المحروسة، جمعية التنمية الصحية والبيئية".
منظمات حقوقية: قلقون من توجه الحكومة لاستخدام الفحم كمصدر بديل للطاقة
الأحد، 17 نوفمبر 2013 08:36 م
صورة أرشيفية
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة