كريم عبد السلام يكتب: وثائق المخابرات الأمريكية حول كامب ديفيد بين نظريتى المؤامرة والانبهار..و مصر أحق بكتابة تاريخ السلام مع إسرائيل

الأحد، 17 نوفمبر 2013 06:26 ص
كريم عبد السلام يكتب: وثائق المخابرات الأمريكية حول كامب ديفيد بين نظريتى المؤامرة والانبهار..و مصر أحق بكتابة تاريخ السلام مع إسرائيل توقيع اتفاقية كامب ديفيد

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
أوضاع الجيش..

كشفت الوثائق التى أفرجت عنها الـ«سى آى إيه» المتابعة الأمريكية الدقيقة لأحوال الجيش المصرى فى السنوات التى تلت حرب 1973، ما بين حاجته إلى السلاح والتدريب، وتطلعات ضباطه إلى نقلة نوعية تواجه ما تحصل عليه إسرائيل من عتاد يجعل التفوق الميدانى نظريا فى صالحها، وفى إحدى أهم الوثائق التى تم الكشف عنها، تؤكد المخابرات الأمريكية أن السادات نجح فى القضاء على محاولات تمرد بين ضباط الجيش عام 1967.

وتشير الوثيقة، إلى إن المخابرات الأمريكية وصلتها معلومات يوم 30 مارس عن حدوث تمرد داخل بعض القواعد العسكرية البرية والجوية، استمر لمدة أسبوعين، وذلك بسبب معارضة الضباط لسياسات السادات، و«بيعه للقضية العربية»، حسب التعبير الوارد بالوثيقة.
وفى الأول من أبريل، من نفس العام، تم اعتقال 50 ضابطا من القوات الجوية والبرية، فى واقعتين منفصلتين، إثر محاولات تمرد جديدة، وتم سحب القوات التابعة للجيشين الثانى والثالث الميدانى من منطقة القناة، التى شهدت الاضطرابات، وذلك فى محاولة للحد من انتشار المشاعر المعادية للنظام.

وكشفت الوثيقة، إن أسباب التمرد فى الواقعتين كانت واحدة وهى «المعنويات المنخفضة» للضباط بسبب سياسة «اللا حرب.. اللا سلم»، وتدهور القدرات العسكرية للجيش المصرى بعد قطع السادات للعلاقات مع موسكو، وعملية استبدال الضباط بالمدنيين فى المناصب الحكومية، وضعف رواتب الضباط مع استمرار غلاء الأسعار، الأمر الذى أدى إلى تدهور الوضع العام لضباط الجيش فى المجتمع.

وذكرت الوثيقة التى تم إعدادها فى يونيه 1967، أن السادات عقب السيطرة على التمرد توجه إلى قناة السويس، والتقى بقوات الجيش الموجودة هناك، حيث ألقى عليهم خطابا حماسيا، حول بطولة الجنود المصريين خلال حرب 1973، ووعدهم ببذل قصارى جهده لاستبدال أسلحتهم السوفيتية.

الجناح العسكرى للإخوان..

تكشف واحدة من أهم الوثاق التى رفعت «سى آى إيه» عنها السرية، أكذوبة حل التنظيم الخاص أو الجناح العسكرى للإخوان، والتى روجت لها الجماعة طوال عقود، ما بين إنكار وجوده أصلا أو الإعلان عن عدم انتمائه للجماعة أو اندراجه تحت قيادة مكتب الإرشاد، وفى هذه الوثيقة، يتضح كيف تلقى الجناح العسكرى للإخوان تمويلا وأسلحة من نظام القذافى لاستغلال الثغرات فى نظام السادات تمهيدا لتنفيذ انقلاب عليه واغتياله.

وأفادت الوثيقة الصادرة بتاريخ 1 يونيو 1976، إن جماعة الإخوان التى تعتمد على خلايا موزعة بين فئات المجتمع المختلفة، تعمل على الإعداد للانقلاب على السادات واغتياله بصورة مباشرة أو غير مباشرة من خلال دعم عناصر متطرفة داخل الجيش، وهو ما تحقق بالفعل بعد سنوات قليلة من صدور تلك الوثيقة.

كما كشفت وثيقة استخباراتية ثانية صدرت فى نفس العام أن الجناح العسكرى لجماعة الإخوان المسلمين والمعروف باسم «التنظيم الخاص»، لم يتم حله وإلغاؤه كما زعمت الجماعة خلال الخمسينات، ووضعت الوثيقة قائد الجناح العسكرى لجماعة الإخوان فى مقدمة الشخصيات التى تمثل تهديدا للسادات، إلى جانب الشخصيات المعارضة المعروفة مثل كمال الدين حسين، وحسين الشافعى، إلا أن الـ«سى آى إيه» قررت إخفاء اسم قائد الجناح العسكرى للإخوان وعدم الإفصاخ عنه فى الوثيقة.


نظرية المؤامرة ونظرية الانبهار..

يمكن اختصار ردود الفعل السياسية حول الوثائق فى اتجاهين أساسيين، الأول يرى فى توجه الـ«سى آى إيه» بالكشف عن الوثائق جزءا من المؤامرة الأمريكية ضد مصر، خاصة بعد إسقاط الإخوان وإفشال المشروع الصهيو أمريكى فى المنطقة، وردا على التقارب المصرى الروسى، والذى يمثل تهديدا مباشرا للمصالح الأمريكية فى المنطقة ويفتح الباب واسعا للدب الروسى ليعود مرة أخرى إلى المياه الدافئة فى الشرق الأوسط.

ويذهب أصحاب هذا التحليل إلى أن الإدارة الأمريكية ستلجأ إلى نشر عدد من الوثائق المدسوسة خصوصا فيما يتعلق بأوضاع الجيش المصرى خلال العقود الماضية، بهدف إثارة البلبلة وإضعاف الصورة العامة المبهرة للقوات المسلحة لدى الشعب، وإرسال رسائل تحذيرية من عودة الجيش إلى الصدارة مرة أخرى، خاصة وأن جهود الجيش الحالية بقيادة الفريق أول السيسى، يمكن أن تنهى حقبة القطب الأوحد الأمريكى، وتعيد بقوة حقبة الثنائية القطبية بين موسكو وواشنطن مرة أخرى. الاتجاه الثانى يرى أن %99 من أسرار كامب ديفيد مازالت فى أيدى الأمريكان، وأن علينا تلقى هذه الكشوف الأمريكية، بما تستحقه من تقدير واندهاش، وكأنها حقائق غيبية تم رفع الستار عنها، ولم نكن نحن أحد أطرافها الأساسيين وشهودها الرئيسيين وصناع حبكتها والمسيرين لها. وأصحاب هذا الاتجاه يأخذون ما تكشف عنه الوثائق باعتباره حقائق، منزهة عن الخطأ والنقص، ومصادر تاريخية موثوق فى صحتها، وينوون على أساسها الافتراضات السياسية، ويجمعون شظايا ما يدركونه من لعبة البازل السياسى والتاريخى وشظايا ما وصله عبر الوسطاء من معلومات حول كامب ديفيد وشهودها وأسرارها.

ومابين الاتجاهين، يستدعى الأمر بالفعل وجود اتجاه ثالث تقوده الدولة المصرية ودار الوثائق المصرية والجيش الذى يحتفظ لديه بأهم الوثائق عن تلك الحقبة الهامة من تاريخنا. أقول إن الدولة المصرية الكبيرة والراسخة يجب أن يكون لديها كلمتها واتجاهها فى ظل هذا الهجوم الوثائقى من الاستخبارات الأمريكية، ويمكن أن يكون على صورة الدراسة الشاملة التى تقوم بها لجنة تاريخية وسياسية مشهود لها، تجمع ما كشفت عنه المخابرات الأمريكية وغيرها من المصادر الغربية بل والإسرائيلية وتضعه فى سياق التوثيق المصرى لتأريخ تلك الحقبة المهمة.





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة