كشف الدكتور أحمد كمال أبوالمجد، الفقيه الدستورى، وزير الإعلام الأسبق، أن المبادرة التى طرحها على الدولة المصرية وجماعة الإخوان تعثرت بسبب ما وصفه بوجود حالة من التشبث بالمواقف، موضحًا أن التناقض الذى حفل به بيان القيادى الإخوانى الدكتور محمد على بشر بشأن المبادرة دفعه إلى تجميدها، لكن هذا التجميد ليس نهائيًا، ومن الممكن إحياؤها إذا «امتلك الطرفان الرغبة الحقيقية».
وقال فى حوار لـ«اليوم السابع»: «على الرئيس السابق محمد مرسى أن يكون واقعيًا ويعترف بأخطائه، وينبغى أن يدرك أنه فشل فى الحكم، وليس منطقيًا أن يظل الخطاب الإخوانى مرتكزًا إلى فكرة الانقلاب»، مضيفًا: «أقول لمرسى: الشعب انقلب عليك، فلا تحاول أن تنكر الحقائق».
واعتبر التدخل الأمريكى فى الشأن المصرى الداخلى أمرًا مرفوضًا، ويجرح كبرياء الشعب المصرى، وعلى الولايات المتحدة ألا تضغط على مصر بالمعونات.
ما الدوافع التى وقفت وراء مبادرتك؟
- مع زيادة الاحتقان، وانسداد الطرق أمام الحل السياسى الذى يحقن الدم، ويكفل العبور من النفق المظلم، ارتأيت أن أحاول إشعال شمعة لا أن ألعن الظلام.
تقديرى للموقف أن الطرفين كانا يسيران فى الاتجاه الخاطئ، من ثم توجهت إلى وزارة الدفاع، وأكدت أننى أرى ضرورة قصوى فى الوصول إلى حل بأسرع وقت ممكن، وتحدثت مع قيادات المجلس العسكرى عن مبادرة مع الإخوان أؤدى فيها دور الوسيط، وشرحت لهم الأطر العامة للمبادرة فوافقوا عليها، كذلك التقيت القياديين الإخوانيين الدكتور محمد على بشر، والدكتور عمرو دراج فوافقا بدوريهما.. لكنى فوجئت بعد ذلك ببيان للدكتور «بشر» فيه الكثير من التناقض، يرحب بالمبادرة ويرفضها معًا، فقررت تجميدها حتى إشعار آخر.
ما الذى جعل «بشر» يصدر ذلك البيان بتقديرك؟
- أنا تقابلت معه، وانتقدت تناقض البيان، وتقديرى أن للجماعة حسابات ما ليست واضحة بالنسبة لى، لكنها تتحكم فى القرار بالضرورة.
كان الدكتور «بشر» طلب خلال اللقاء أن تتضمن المبادرة الإفراج عن المعتقلين من قيادات الإخوان ممن لم يتورطوا فى جرائم عنف، ومن الأمور الغريبة أن القياديين الإخوانيين لم يتطرقا خلال اللقاء إلى الحديث عن الرئيس السابق محمد مرسى بكلمة واحدة .
وهل تملك تفسيرًا لهذا الأمر؟
- لا أملك التفسير، ولم يكن منطقيًا أن أسألهما عن سر تجاهل الحديث عن «مرسى»، لكنى بطبيعة الحال لم أستطع كبح جماح دهشتى.
لك تصريحات بأن طرفى المبادرة تسببا فى إجهاضها، فلماذا أجهضت الدولة المبادرة رغم موافقة المجلس العسكرى عليها؟
- من الممكن أن تكون هناك حسابات ما لدى الحكومة، وربما من هذه الحسابات أنها تخشى من ردة فعل شعبية غاضبة، نتيجة تصور الشعب أنها تجرى وراء الإخوان، أو أنها ضعيفة ومرتعشة، وهناك بالطبع خطاب متشنج ذو نبرة تصعيدية ساهم فى وصول الأمر شعبيًا إلى هذه الدرجة من الاحتقان.. هذا مجرد تفسير شخصى، وليس أمرًا أجزم به، وربما هناك أسباب أخرى.
قال بعض أعضاء ما يسمى بتحالف دعم الشرعية إن ممثلًا عن المجلس العسكرى حضر لقاءك بـ«بشر» و«دراج»؟
- هذه كذبة لا أعرف مبررات ترويجها، والحقيقة أن هناك الكثير من الأكاذيب التى أطلقت بشأن اللقاء.
ومن الأكاذيب أيضًا أن الإخوان غير قادرين على البت فى أى مبادرة لأن قيادات الجماعة كلهم بالسجن، لكن هذا المبرر يبدو غير دقيق، فإذا خلصت النوايا، وقرر الإخوان حقًا فتح صفحة جديدة، فلا شىء سيمنعهم.
لو حدث أن جنح الإخوان للسلم.. هل يمكن القبول بأن يمارس «تنظيم دولى» السياسة فى مصر؟- فى تصورى أنه يجب أن تراجع جماعة الإخوان أفكارها، بحيث تكون هناك جمعية تمارس العمل الخيرى والدعوى، فيما يصبح الحزب حزبًا سياسيًا ليست له مرجعيات دينية، مثل كل الأحزاب المدنية.
أنا فى واقع الأمر لا أراهن على القيادات الحالية، فهم جامدون إلى حد كبير، ورهانى على شباب الإخوان.. الجيل الجديد أكثر انفتاحًا، وعلينا أن نفكر فى أن نكسبه فى صف الوطن، وضمن نسيجه الوطنى.
ما تعليقك على رفض «مرسى» المحاكمة؟
- أقول للدكتور مرسى: لك أن تنحاز لما شئت من أفكار، وأن تتخذ ما شئت من تعريفات، لكن المؤكد أنك أخطأت وفشلت، والشعب انقلب عليك، كما أننى أرى أن حكومة الدكتور مرسى لو كانت حققت رغبة الجماهير، ودعت لانتخابات رئاسية مبكرة لما كنا وصلنا إلى هذا الوضع الراهن، والمؤكد أن حال الإخوان وقتها سيكون أفضل.
ما تعليقك على تمسك الإخوان بعودة «مرسى»؟
- ينتابنى القلق، وهو قلق مشروع تمامًا.. عندما يكون أمامك موقف صعب، فمن المنطقى أن تشعر بالقلق.
نحن إزاء طرفين يقف كل منها على أقصى جهة، وحين أقرأ فى الصحف أن هناك محاولة أمريكية ما لحل الأزمة المصرية يزيد مؤشر القلق، فالأمريكان لن ينشدوا إلا مصالحهم.
هناك محاولة للضغط على مصر لتحقيق المصالح الأمريكية، وقطع المساعدات يستهدف بالضرورة الضغط علينا، والحقيقة أن التوجه نحو روسيا قد يكون خطوة طيبة، ليست تعنى بالطبع الخروج من المعسكر الغربى ودخول الشرقى كما يزعم البعض، لكنها تعيد لمصر التوازن والقدرة على التعامل مع الجميع بندية.
والحقيقة أن تمسك الإخوان بعودة «مرسى» يعول بدرجة ما على الدعم الأمريكى، لكن مجددًا أقول إن واشنطن تسعى إلى مصالحها فحسب، ومن ثم فإن التعويل عليها لا يبدو لى أمرًا عقلانيًا.. الأمر انتهى.. «مرسى» سقط بإرادة شعبية جارفة.
ماذا سيكون موقفك فى حال ترشح الفريق السيسى للرئاسة؟
- أنا لست ضد ترشح الفريق السيسى، ومن الممكن أن أمنحه صوتى لو شعرت بأنه المرشح الأفضل.
أرى أن أزمة الفريق السيسى تكمن فى أنه ينتمى للمؤسسة العسكرية، لكن إذا أصبح رئيسًا فمن الممكن أن يتحول إلى رئيس مدنى ذكى، وهناك أمثلة فى العالم مثل فلاديمير بوتين، الرئيس الروسى، وغيره من الرؤساء الذين كانوا ينتمون لمؤسسة عسكرية ثم أصبحوا رؤساء مدنيين وديمقراطيين.
ما رأيك فى قانون التظاهر؟
- لم أطلع عليه، ولكن واضح أن به ثغرات، كما أن حجة البعض بأن الحكومة الحالية يجب ألا تشرع قوانين لها وجاهتها، والأفضل أن ننتظر البرلمان.
هل تعتقد أن الإخوان سيستغلون انتهاء حظر التجوال لنشر الفوضى؟
- هذا احتمال وارد بالطبع، وقد يدخلنا فى دوامة جديدة من العنف وإراقة الدماء، والغيوم ملبدة للغاية، ومصر فى منعطف وعر حرج للغاية.. لكنى رغم كل شىء لست متشائمًا، فالإخوان سيفهمون فى النهاية أن التصعيد المستمر ليس فى صالحهم، وسيحاولون التحلى بالمرونة، وعندئذ نستطيع مناقشة مبادرات رأب الصدع.
بعد نحو ثلاثة أعوام على دخول تيارات الإسلام السياسى إلى الحكم.. ترى ما خطيئتها الكبرى؟
- الخطيئة الأكبر تمثلت فى أن كل فصيل من فصائل الإسلام السياسى يعتقد أنه يملك الحقيقة المطلقة، وهذا فكر ينبغى أن ننسفه نسفًا، فالخلفاء الراشدون كانوا يسألون الصحابة أن يشيروا عليهم.
أنا أنصحهم باستخدام العقل وليس النقل فقط، خاصة أن استخدام العقل يجعل لديهم القدرة على الاختيار والمفاضلة بين البدائل، وعليهم التخلى عن الأفكار المتشددة التى يقولون بها، لأن المجتمع المصرى يرفض التشدد جملة وتفصيلًا، وهذا سر الانفصال عنهم والثورة التى أسقطت نظام الإخوان.
هل ترى أن مدارس الإخوان تنشر التعصب؟
- تأثير هذه المدارس سينتهى، والشباب سيصحح أفكاره مع الوقت، لكن المشكلة الحقيقية تكمن فى شيوخ الزوايا، ومنهم بعض المتطرفين الذين لا يعرفون صحيح الدين، وتقديرى أنه على الأزهر الشريف أن يهتم برفع وعى هؤلاء، لأن التطرف يحتاج إلى مجهود لاستئصاله من الجذور.
ليس كافيًا أن أهاجم أفكار سيد قطب فى المقالات الصحفية أو فى الندوات الثقافية، فيما يوجد شيوخ يروجون لهذه الأفكار فى الزوايا بالقرى والنجوع، وليس منطقيًا أن أحاور العامة بحوار الخاصة.
علينا تغيير الخطاب الإعلامى أيضًا للوصول إلى الناس، وعلينا أن نقدم الدين صحيحًا يسيرًا بعيدًا عن التطرف والتجهم.
موضوعات متعلقة:
محمد على بشر لـ"اليوم السابع": نحرص على إطلاع مرسى بنتائج الحوار المطروح.. وموافقته جزء أصيل من المبادرة.. ونرفض أى تدخل أجنبى فى الشأن المصرى.. ويؤكد: الجيش "نور عنينا" ونسعى للحفاظ عليه


موضوعات متعلقة:
محمد على بشر لـ"اليوم السابع": نحرص على إطلاع مرسى بنتائج الحوار المطروح.. وموافقته جزء أصيل من المبادرة.. ونرفض أى تدخل أجنبى فى الشأن المصرى.. ويؤكد: الجيش "نور عنينا" ونسعى للحفاظ عليه