"لدى حلم.. أن أصبح كاتبًا"،.. هكذا قال الأديب البرتغالى العالمى ساراماجو وهو فى سن التاسعة عشرة من عمره، والحاصل على جائزة نوبل فى الآداب، والذى تمر اليوم 16 نوفمبر ذكرى ميلاده، وتبع هذه المقولة بإصدار أولى روايته "أرض الخطيئة"، وهو فى العشرين من عمره، لكنه لم يستأنف الكتابة إلا بعد 19 عاما بديوان شعرى، فمشاغل الحياة الصعبة لم تترك له تنفيذ ما يحلم به، حيث توقف عن الكتابة، لكنه سعى مرة أخرى، محتفظاً بحلم حياته.
قال ساراماجو أيضاً "لم ينضج حلمى إلا بعدما صرت فى الخمسينيات"، فبعد مشوار أدبى لم يُكرّس عالميته إلا فى العقد السادس من عمره بروايته الرابعة "بالتاسار وبليموندا"، التى حازت على جائزة نادى بن البرتغالى، وهى قصة حب تدور فى برتغالِ القرن السابع عشر.
اتجه ساراماجو فى أعماله لمواضيع خيالية، ففى "الطوف الحجرى"، التى نشرت عام 1986، تنفصل الجزيرة الإيبيرية عن أوروبا وتسبح عائمة فى المحيط الأطلسى، وفى رواية "العمى" التى نشرت فى 1995 جاءت فكرة تلك الرواية مبتكرة وعبقرية وبها رمزية رائعة، حيث تدور فكرتها حول مدينة ينتشر فيها العمى بشكل مفاجئ من شخص لآخر، وكأنه مرض معدى، الأمر الذى دفع الحكومة إلى حبس هؤلاء العميان فى مكان واحد آملين بذلك القضاء على انتشار المرض، ولكن المرض تمدد ليشمل الجميع.
بهذا الأسلوب عالج ساراماجو أكثر المواضيع جدية، وركّز دائما على الوضع الإنسانى والعزلة التى تفرضها الحياة الحضرية الحديثة، وانتقد بشدة التاريخ البرتغالى والمؤسسة الدينية والمحافظين؛ حيث أثارت وجهات نظره جدلاً واسعاً فى البرتغال، خاصةً عندما نشر كتابه "الإنجيل طبقاً لما رواه المسيح"، وهى رواية أثارت غضب الكنيسة الكاثوليكية البرتغالية والفاتيكان، وكانت نتيجتها أن استثنته الحكومة البرتغالية من قائمة الترشيحات لجوائز أدبية، واختار بعدها اللجوء السياسى إلى أسبانيا طواعية، وفى عام 1998، توجت مسيرته الأدبية بجائزة نوبل العالمية فى الآداب.
ولد ساراماجو فى 1922 فى بلدة ريفية وسط البرتغال، وفى 1924 انتقلت عائلته إلى لشبونة؛ غادر المدرسة فى الثانية عشرة وعمل ميكانيكيا، ثم عمل لاحقا فى حياته مترجما وصحفيا قبل أن يكرس نفسه كاتبا.
كان ساراماجو عضواً فى الحزب الشيوعى البرتغالى منذ عام 1959، وزاوج بين الكتابة والنضال السياسى، حتى أواخر أيامه، مساهماً فى الانتفاضة التى أطاحت بالديكتاتورية عام 1974م.
توفى ساراماغو فى 18 يونيه عام 2010 عن عمر يناهز 87 عاما، متأثرا بمرض أدخله المستشفى عدة مرات فى المرحلة الأخيرة، قبل أن ينطفئ فى جزيرة لانزاروتى الإسبانية.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة