سيرة الخال .. " الحلقة السابعة " .. الأبنودى: طلب منى المخرج حسين كمال كتابة أغانى فيلم «شىء من الخوف» لكنى قررت كتابة السيناريو والحوار!

السبت، 16 نوفمبر 2013 08:02 ص
سيرة الخال .. " الحلقة السابعة " .. الأبنودى: طلب منى المخرج حسين كمال كتابة أغانى فيلم «شىء من الخوف» لكنى قررت كتابة السيناريو والحوار! الابنودى
حلقات يكتبها محمد توفيق

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
نقلا عن اليومى :

اتفق صلاح ذو الفقار مع أهالى قرية فى القليوبية أن يقوموا بالاشتراك فى مشهد «فتح الهاويس» مقابل بناء الهاويس لهم

رغم نجاح فيلم «الطوق والإسورة» فإننى لم أُعجب به ولم أفهم بعض الجمل التى قيلت رغم أننى كتبت الحوار!

فى عام 1968 كان الفنان صلاح ذو الفقار يعمل منتجا فنيا للأفلام السينمائية، وكان عليه أن يبحث عن قرية تشارك بكل أبنائها فى تمثيل فيلم للمخرج حسين كمال.
وظل ذو الفقار فترة يبحث عن ضالته حتى وجدها فى إحدى قرى محافظة القليوبية التى وافق عمدتها، ولكن بشرط أن يقوم المنتج بإنشاء «هاويس» لأهل القرية، فوافق ذو الفقار على دفع ثلاثة آلاف جنيه تكلفة بناء هاويس للقرية، ووافق العمدة على أن يشارك أهل القرية فى الفيلم.

كان هذا الفيلم هو «شىء من الخوف» عن قصة الأديب ثروت أباظة، وبطولة شادية ومحمود مرسى ويحيى شاهين، وحوار عبدالرحمن الأبنودى الذى غيَّر معالم القصة لتخدم الصورة السينمائية البديعة التى رسمها حسين كمال، تلك الصورة المحفورة لـ«عتريس» الذى يقمع أهل بلده، لكنه يضعف أمام حبه لـ«فؤادة» التى وقفت مع أهل قريتها ضده، و«فتحت الهاويس».

ذلك المشهد التاريخى الذى لم يشارك فيه مجاميع من الكومبارس، لكن شاركت فيه قرية بأكملها من أجل تلك اللحظة التى انتظرها آلاف الأهالى طويلا من أجل «فتح الهاويس» الذى أعاد الحياة إلى القرية، لذلك جاءت الاحتفالات صادقة وحقيقية وواقعية، وبلا أى ذرة من تمثيل.


هذا الفيلم وحده يكفى كل من شارك فيه فخرا أنه كان شجاعا فى مواجهة النظام الحاكم وقتها، فالكل كان يعرف أن «فؤادة» ترمز إلى مصر وأن «عتريس» هو صورة لجمال عبدالناصر، لكنه رغم ذلك لم يُمنَع، ولم يُمانع الزعيم عبدالناصر فى عرضه، بل إنه هو من وافق عليه.

لكن الذى خلَّد الفيلم وجعله صالحا لكل العصور، ولكل الحكام هو حرفيته العالية، ومهارة صانعيه الذين لم تحركهم كراهية وحقد بقدر ما حركتهم وطنية وإخلاص وحب شديد للبلد والحرية، جعلت من الفيلم واحدا من أهم الأفلام فى تاريخ السينما المصرية والعربية، وربما لو كان الفيلم مباشرا وانتقد الرئيس بصورة فظة لصار مثارا للسخرية فيما بعد، وصار نسخة من أفلام هانى رمزى!

لكن لمسة الأبنودى على هذا العمل تحديدا كانت واضحة ومدهشة، فقد أعاد كتابة الحوار الذى كان قد كتبه صبرى عزت، وكان الشخص الوحيد الذى سمح له حسين كمال بأن يقوم بإيقاف التصوير إذا وجد أن لهجة الممثلين انحرفت عن المسار الذى رسمه لها، فالشخصيات تكلمت كما أراد الخال، وعبرت كما يرى، وتحدثت بما قاله لها، فقد كان مسؤولا عن تحفيظ الممثلين الكبار طريقة النطق السليمة للعبارات التى كتبها.


لكن الغريب أن الأبنودى شارك فى هذا الفيلم بالصدفة البحتة!
ففى إحدى المرات كان الأبنودى فى زيارة لاستوديو النحاس، وفجأة وجد أمامه حسين كمال يقول له «أنت فين؟ أنا بادوّر عليك.. خُد السيناريو ده اعمل الأغانى بتاعته، بس أنا عايزه بصورة ملحمية مختلفة، ومعاك شادية ومعاك الكورال».

أمسك الأبنودى الورق وقرأ السيناريو والحوار الذى كتبه صبرى عزت، لكنه شعر بحاسة الشاعر أن الفيلم بهذه الصورة سيخرج عاديا، قد يكون جيدا لكنه ليس ملحميا كما يريد حسين كمال، فقرر أن يعيد كتابته دون أن يأخذ رأى أحد أو يستشير أحدا، فقد كان يدرك أنه لو طلب ذلك من حسين كمال لقابله بالرفض، لأن كل شىء كان جاهزا لبدء التصوير خلال أيام قلائل.

لكن الأبنودى الصعيدى نفذ ما فى رأسه فقط، ولم ينَم أربعة أيام متتالية إلا قليلا، وظل يقظا بصحبة قهوته، وسجائره - التى هجرها فيما بعد إلى غير رجعة - وبدأ بالفعل يكتب مشاهد ويحذف أخرى حتى كتب الفيلم من بدايته حتى نهايته وفقا لرؤيته، ونقل الحوار من لهجته البحراوية إلى اللهجة الصعيدية، ومزج بين الأغانى والحوار، وذهب إلى حسين كمال.

لكن قبل أن يذهب إليه طلب منه أن يحضر له شريطا جديدا للتسجيل، وتعجب كمال من الطلب قائلا: «ليه انت مش هتقرا الأغانى؟!» لكنه رضخ لطلب الأبنودى حتى يرى ويفهم ما يريده.

وذهب عبدالرحمن الأبنودى إلى منزل حسين كمال فى شارع عماد الدين ووجد حسين كمال فى انتظاره، وقد أحضر له كل شىء لتسجيل الأغانى التى طلبها منه، لكن الأبنودى فاجأه وقرأ عليه السيناريو والحوار بدلا من الأغنيات، فصمت كمال ولم ينطق إلا بعد أن انتهى الأبنودى من القراءة، ثم صرخ - كعادته - قائلا: «يا لهوى»!!


كان حسين كمال يفكر هل سيغير كل الترتيبات التى قام بها، لكنه حسم أمره سريعا، واتصل بمدير الإنتاج صلاح ذو الفقار، وقال له: «تعالى يا صلاح الغى كل الورق اللى اديته للناس، ووزع شرايط على الناس مافيش وقت نعمل ورق».

كان الهدف من هذه الطريقة هو أن يحفظ كل الممثلين أدوارهم بنفس الطريقة التى ينطق بها الأبنودى الكلمات، بدلا من قراءة الورق التى لن تفيد فى ظل السرعة المطلوبة، وبالفعل طبع عددا من النسخ ووزعها على الممثلين الكبار محمود مرسى وشادية ويحيى شاهين ومحمد توفيق وغيرهم من نجوم هذا العمل الذى ظهر فيه الفنان محمود ياسين لأول مرة.

وبدأ العمل فى الفيلم بصورته الجديدة كما خطه الأبنودى على الورق، وجاء بليغ حمدى الذى أبدى اندهاشه الشديد مما فعله الأبنودى وقال له: «أنت عملت معجزة.. حد يكتب سيناريو وحوار فيلم فى يومين»، ثم جلسا معا لبدء العمل فى الأغانى البديعة التى شاهدناها فى الفيلم وحفظناها من كثرة ما رددناها «أهوه أهوه بالضحكة ده بالخلقة ده مالى البلد دى الخوف» لكن الأبنودى اشترط أن يُكتب اسم السيناريست صبرى عزت قبل اسمه حفظا لحقه ولجهده الذى بذله قبل أن يأتى الخال ويغير ملامح السيناريو والحوار، لكن رغم كل ذلك لم يحصل عبدالرحمن الأبنودى على مليم واحد مقابل هذا الفيلم، وحصل فقط على مقابل كتابة الأغانى!

لكن المدهش أن فيلم «شىء من الخوف» الذى ننتظره ونشاهده إلى الآن لم ينجح حين تم عرضه فى السينما للمرة الأولى، وذلك بعد عامين فقط من النكسة، فقد كان حزن الناس وقتها يطغى على المشهد، بل إن أغلب الناس كانت تنصرف إلى الأفلام الكوميدية التى كان يتم إنتاجها بكثافة فى هذا التوقيت.

رغم ارتباط الناس بفيلم «شىء من الخوف» وانتشاره الجماهيرى الواسع فيما بعد، فإن عبدالرحمن الأبنودى كان يرى أن كتابة السيناريو والحوار ليست مهنته وأنه «مجرد ضيف» لكنه فى الوقت ذاته لم يَغِبْ عن المشهد.


فبعد فترة كانت فاتن حمامة قد قررت أن تصنع ثلاثة أفلام تستغرق وقت فيلم واحد، ووقع اختيارها على كتاب «المسرح والمجتمع» لتوفيق الحكيم، وبالتحديد على مسرحية «أغنية الموت» وقررت تحويلها إلى فيلم تليفزيونى، واتفقت مع المخرج سعيد مرزوق على أن يكتب الأبنودى السيناريو والحوار.

وفى اليوم التالى اتصل مرزوق بالأبنودى وقال له: «فاتن حمامة تريد أن تراك»، واندهش الخال، فلم تكن تربطه أى علاقة بها قبل ذلك، وبالتالى لم يكن يتخيل أنها تعرفه وتطلبه بالاسم، خصوصا أن شهرته كشاعر أكبر وأعمق بكثير من شهرته ككاتب سيناريو وحوار، ولكنه أدرك فيما بعد أنها اختارته بعد أن شاهدت «شىء من الخوف».

والتقى الأبنودى مع فاتن حمامة فى شقتها بعمارة ليبون على شاطئ النيل بالجزيرة، وجلسا معا لساعات طويلة، فى حجرة ذات طراز عربى يشبه بيته فى المهندسين، وقالت له: اقرأ مسرحية أغنية الموت، واكتب السيناريو والحوار والأغنية، أريد نصا كاملا، وأنا سأقوم بدور «عساكر».

وبعد ثلاثة أيام فقط كان الأبنودى قد انتهى من كتابة نص سينمائى كامل!

وقد رسم الخال صورة سينمائية لمكان يشبه بيت جدته «ست أبوها» فى أبنود، الغرفة، السلم الطينى، السور المبنى بأزيار الماء المقلوبة، والملابس والوشم على الوجوه، وباب البيت ذو الضلفة الواحدة الذى يُصدر عند فتحه وإغلاقه أنينا يشبه أنين السواقى، وكانت المرة الأولى التى تخرج فيها مشاهد سينمائية تتطابق مع الواقع.

أُخِذت فاتن حمامة بهذا العالم الذى استحضره الأبنودى على الورق، وبقدرته على تحويل المسرحية إلى واقع من لحم ودم، وأصرت على أن يذهب معها إلى بيتها لتدريبها على طريقة النطق، ولتعرف منه طبيعة هذا العالم الذى لم تسمع عنه من قبل، بل إنها كانت ترفض بدء التصوير فى الاستوديو إلا إذا حضر عبدالرحمن الأبنودى، حتى أطلقوا عليه لقب «الخبير الأجنبى»!

كان من الممكن لهذه التحفة الفنية الفريدة أن يكون حظها أفضل، لولا أنه تقرر عرضها فى صباح أول أيام العيد، ففزع أهل المرح من قيادات التليفزيون - على حد تعبير الخال - وكتبت رئيسة التليفزيون آنذاك تأشيرة عجيبة نصها «كفانا كآبة»!

ولم تلتفت إلى أهمية هذا العمل الفنى الذى جمع بين العمالقة توفيق الحكيم وفاتن حمامة والأبنودى، ومنذ ذلك اليوم لا يذاع هذا العمل، ولو على سبيل الخطأ!

لكن لم تتوقف تجارب الأبنودى التى تظهر على استحياء رغم أهميتها، فقد طلب منه المخرج خيرى بشارة تحويل رواية صديق عمره الأديب يحيى الطاهر عبدالله إلى فيلم سينمائى، وكانت هذه الرواية هى «الطوق والإسورة» لكن الأبنودى لم يُعجب بهذه التجربة رغم جمالها، وثناء النقاد عليها.

فقد كان يرى أن خيرى بشارة وقع فى خطأ كبير حين استعان ببعض فرق التمثيل بالأقصر لتحفيظ الممثلين، ولهجة الأقصر تختلف تماما عن تلك اللهجة التى كتبها الخال، بل إن الأبنودى يصر على أنه لم يفهم بعض الكلمات التى قيلت على لسان بعض الشخصيات رغم أنه كاتب الحوار! مرت سنوات طويلة، وبعدها وافق الأبنودى على كتابة حوار مسلسل «وادى الملوك» المأخوذ عن قصة «يوم غائم فى البر الغربى» للأديب محمد المنسى قنديل، وكانت هذه هى التجربة الأولى للخال فى الأعمال الدرامية، بعد أن كتب السيناريو محمد الحفناوى، ورغم إشادة الجمهور والنقاد بالمسلسل، لكن الأبنودى قرر أن تكون التجربة الأولى والأخيرة!

فقد اكتشف أن كتابة سيناريو وحوار لمسلسل مكوّن من ثلاثين حلقة عمل شاق ويحتاج إلى جهد جبار وتفرُّغ تام، بل إنه يقول: «أعتقد أنه لولا قلة حظوظ المبدع أسامة أنور عكاشة فى الرواية، وعدم شهرته فى هذا المجال، ما كان اتجه إلى كتابة المسلسلات، ولخسرنا أجمل وأهم أعمال فى تاريخ الدراما العربية».


موضوعات متعلقة :

سيرة الخال .. " الحلقة السادسة " .. عبدالرحمن الأبنودى: لست من محبى أم كلثوم ورفضت أن تغنى لى ثلاث مرات.. فكرهتنى للأبد

◄ سيره الخال .. الحلقة الخامسة .. «الأبنودى»: ذهبت لمحمد رشدى وهو يفكر فى الاعتزال وقلت له «ده زمنك انت مش زمن عبدالحليم».. فعاد بأغنية «تحت الشجر يا وهيبة»

◄ الخال يروى سيرته .. الحلقة الرابعة .. الأبنودى: سرقت كرسى القسيس لأنى وجدته مناسباً لمكتبى.. ولم يخب ظنى أبدًا بفضل بَركة القسيس!!

◄ سيرة الخال .. " الحلقة الثالثة " .. الأبنودى: «أنا عمرى ما كنت مدّعى بطولة.. واللى بيقولوا عليّا مخبر مايعرفوش إيه اللى جرالى لأنى لا أبوح بأسرار مطارداتى»

◄ الخال" يروى سيرته "الحلقة الثانية " : الأبنودى: كنت عضواً فى منظمة شيوعية وأبلغ عنى المسؤول السياسى فدخلت السجن 6 أشهر.. وبعدها قررت أن أصبح حزباً بمفردى!

"◄ الخال" يروى سيرته "الحلقة الأولى" : حصلت على 14 قرشاً من الملك فاروق.. وأخفاها والدى فارتكبت أول جريمة عائلية فى حياتى!.. عملت راعيًا للغنم وعمرى 5 سنوات.. ولم أستخدم الحذاء إلا فى المدارس





مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة