حسن زايد يكتب :وطنية الإخوان المعطوبة

السبت، 16 نوفمبر 2013 02:19 م
حسن زايد يكتب :وطنية الإخوان المعطوبة حسن البنا

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
إذا كان الوطن يعنى فى اللغة المكان الذى يستوطنه الإنسان ويسكن فيه، فيعكس بذلك جانباً من الارتباط والاستقرار فيه، فإن الوطنية تعنى الانتماء والولاء فكراً لهذا الموقع، والمواطنة أى المشاركة فى كل ما يخدم هذا المكان الذى يعيش فيه الإنسان، ولا تناقض مطلقاً بين الوطنية والإسلام، إلا أن الشيخ حسن البنا رحمه الله يأبى إلا أن يضعنا فى مواجهة الحائط حتى يردنا إلى أحضان جماعته، فيزعم فى كتابه مجموعة الرسائل أن مرد افتتان الناس بالوطنية وتمسكهم بها ودعوتهم إليها هو الاستعمار الغربى لبلادهم، ولولا هذا الاستعمار ما نبتت هذه الفكرة فى بلاد المسلمين، وينعى على دعاة الوطنية أنهم لا يصدقون أن هذه الفكرة فى الإسلام وبالتالى فإن الإسلام فى جانب وهذه الفكرة فى جانب آخر.

وللتدليل على وجهة نظره نعرض موقف الإخوان من مفهوم الوطنية بقوله: " إن كان دعاة الوطنية يريدون بها حب هذه الأرض وألفتها والحنين إليها والانعطاف نحوها فذلك أمر مركوز فى فطر النفوس من جهة، مأمور به فى الإسلام من جهة أخرى"، و"إن كانوا يريدون أن من الواجب العمل بكل جهد فى تحرير البلد من الغاصبين وتوفير استقلاله له وغرس مبادئ العزة والحرية فى نفوس أبنائه، فنحن معهم فى ذلك أيضاً، وقد شدد الإسلام فى ذلك أبلغ التشديد"، و"إن كانوا يريدون بالوطنية تقوية الرابطة بين أفراد القطر الواحد وإرشادهم إلى طريق استخدام هذه التقوية فى مصالحهم فذلك نوافقهم فيه أيضاً، ويراه الإسلام فريضة لازمة"، وهو يريد بذلك أن يقول بأنه مع دعاة الوطنية، وأنها لم تخرج عن كونها جزءاً من تعاليم الإسلام، وبتعبيره: "حسن ذلك وجميل، ولكن غير الحسن وغير الجميل" أنه قد جرد دعاة الوطنية من دعوتهم بمشاركته إياهم فيها، وزاد عليهم بأخذ الإسلام فى جانبه، فيكون قد أصاب بذلك عصفورين بحجر واحد، الأول التفاف أتباعه حوله بلا مطعن على وطنيتهم، الثانى الطعن على دعاة الوطنية من زاوية الدين، فتفقد الوطنية المجردة أتباعها، وهو لا يفعل ذلك من باب الترف الفكرى وإنما تمهيداً لإبراز فكرته عن الوطنية وبروزتها فى مواجهة دعاة الوطنية، يقول البنا: "أما وجه الخلاف بيننا وبينهم فهو أننا نعتبر حدود الوطنية بالعقيدة وهم يعتبرونها بالتخوم الأرضية والحدود الجعرافية"، أى أنه فصل ما بين الوطن الأرض والوطن العقيدة على غير مقتضى، وهذا الفصل يفرض أموراً على الأرض، فعلى الأرض يعتبر الإخوانى كل بقعة من الأرض فيها مسلم وطن له بما يترتب على الوطنية من ممارسات عملية للحقوق والواجبات، وعليه يصبح كل المسلمين فى جميع الأقطار الجغرافية لهم حقوق المواطنة سواء بسواء، ودعاة الوطنية فقط ليسوا كذلك، فقد انحصروا فى رقعة جغرافية محدودة.

ويتبين عطب الفكرة الإخوانية فى أنها لم تأخذ فى حسبانها أولئك الناس الذين يشاركوننا ذات البقعة الجغرافية وما إذا كان لهم حقوق المواطنة من عدمه، كما أنها لم تأخذ فى حسبانها حقوق الدول التى بها أقليات مسلمة تجاه مواطنيها، وهل نقبل منها أن تعامل هذه الأقليات بذات المعاملة التى سنعامل بها الأقليات غير المسلمة فى الدولة الإسلامية؟. وإذا قبلنا أفلا نكون بذلك قد ظلمنا الأقليات المسلمة فى حقوقها وواجباتها وضرورة شعورها بالانتماء لوطنها كما نشعر نحن بما نشارك به دعاة الوطنية فقط؟. إلى جانب ظلم الأقليات غير المسلمة، وإلى جانب هذا العطب ثمة خطر داهم يحدق بالمسلمين فى أقطارهم وفقاً لهذا المفهوم ويتمثل فى تحديد من هو المسلم وفقاً للمفهوم الإخوانى، فالمسلم والمؤمن عندهم هو من يؤمن بفكرتهم دون ما عداها، وغيرهم إما متردد أو نفعى أو متحامل، وحتى المؤمن من غيرهم فإيمانه مخدر نائم لا ينزل على حكمه ولا يعمل بمقتضاه.

ومن هنا تكون الخطورة لأن الوطنية عند غيرهم منقوصة، ولا يتمتعون بحقوق المواطنة، ويقدم المسلم منهم من أى بقعة على المسلم من غيرهم فى موطنه.








مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة