قال أحمد المسلمانى، المستشار الإعلامى لرئيس الجمهورية، إنه من المحزن أن تغرق الجامعات المصرية فى أوحال السياسة فى الوقت الذى تتوالى فيه إنجازات الجامعات حول العالم.. وكان بعضها ينظر إلى جامعاتنا من أسفل، صار اليوم ينظر إليها من أعالى الجبال.
وأضاف المسلمانى: "لقد كان صادماً لى أن أتابع مظاهرات الطبول فى جامعة القاهرة، للتشويش على المحاضرات، وأقرأ فى الوقت ذاته عن إطلاق الطلاب فى جامعة شرق غانا قمراً صناعياً".
واستطرد: "إن الهتافات والشعارات والأكُفَّ المرتفعة بالتحريض والكراهية إنما تغذى الأخبار وتحرق الأحلام.. إنها تحقق الفائض فى "السياسة" والعجز فى "الاقتصاد"، ولقد حان الوقت لنزع سلاح التردد فى مصر.. حان الوقت لتدمير أسلحة السخرية من كل شئ والضحك على كل شئ.. وهى الأسلحة التى حولت كافة الأفكار والرؤى إلى "إفيهات" و"نكات" على صفحات فيس بوك وحسابات تويتر.
جاء ذلك، فى مقال كتبه المسلمانى لوكالة أنباء الشرق الأوسط تحت عنوان "وكالة الفضاء المصرية" وفيما يلى نص المقال:
قبل سنوات التقيت عدداً من خريجى قسم هندسة الطيران فى جامعة القاهرة، يطلبون دعمهم فى الحصول على فرصة عمل، قال لى أحدهم: "لقد درسنا هندسة الطيران وعلوم الفضاء ولكننا تعبنا من البحث عن عمل.. وبدلاً من العرق فى المصانع، يتصبب العرق منّا فى الشوارع"!
إن كلية الهندسة جامعة القاهرة، التى تأسست قبل قرنين من الزمان فى عام 1820، لم يتم استثمارها ولا استثمار غيرها على النحو الطبيعى لبناء المشروع الحضارى المصرى.
واليوم ألتقى باستمرار مئات الطلاب من جامعة القاهرة.. كل جدول أعمالهم يتعلق بالصراع السياسى فى مصر.. إن واحداً منهم لم يتحدث عن التعليم ولا العلم ولا البحث العلمى، ولقد تراجعت "المنافسة" التى طالما لازمت طلاب جامعة القاهرة تجاه الجامعات الكبرى فى المنطقة والعالم.. وتحولت "المنافسة العلمية" إلى "صراعات سياسية".
ومن المؤسف، أن تكون عناوين الصحف والفضائيات القادمة من الجامعة دائرة فى مجملها حول المظاهرات والمسيرات.. و تتوالى مستجداتها حول الاعتصامات والاقتحامات.
بينما عناوين جامعة فى إسرائيل مثل "معهد التخنيون"، تدور حول إطلاق كلية الهندسة لثلاثة أقمار صناعية بحلول عام 2015، وتقول الصحف أنها المرة الأولى التى تجرى فيها محاولة إرسال ثلاثة أقمار صناعية معاً فى تشكيل محكم.. وتجرى كلية هندسة الفضاء فى "التخنيون" أبحاثاً لإطلاق الأقمار الصناعية ذات المكونات المنفصلة، والتى تتجمع بمجرد تواجدها فى الفضاء بشكل دقيق وتتصل فيما بينها لاسلكياً لتكون قمرًا صناعيًا كاملاً!
إن كلية الطب فى جامعة القاهرة، تأسست عام 1827 وبعدها تأسست كليات العلوم والصيدلة.. ولكن بلادنا لاتزال مستهلكاً أساسياً للدواء.. ونسبة براءات الاختراع المصرية فى وطن يعانى نصف سكانه من أمراض متنوعة هى نسبة لا تذكر.
بينما معهد "التخنيون" فى إسرائيل أطلق اختراعات متعددة فى مجال الدواء.. وتحتل شركة "تيفا" الإسرائيلية لصناعة الأدوية مركزاً مهماً بين شركات الأدوية فى العالم، ولديها سلسلة أدوية مكونة من أكثر من ألف مركب، ووصلت مبيعاتها عام 2012 إلى أكثر من 20 مليار دولار!
إن الجامعات فى كل العالم هى قاطرة النهضة وقائدة التنمية، وفى كل العالم المتحضر لا تعمل الجامعات فى السياسة بل تعمل فى العلم والمعرفة.. ويعمل بعض خريجيها فى السياسة، ولا يكون النشاط السياسى لطلابها نشاطاً احترافياً.. بل مجرد ثقافة سياسية ومشاركة مسئولة وتعبير منضبط.. ولا يطغى ذلك كله على الوظيفة الأساسية للطالب والجامعة.
ولقد سبق أن كتبت وتحدثت عن ضرورة أن تطلق كلية الهندسة جامعة القاهرة قمراً صناعياً وأن تُنشئ كلية العلوم مفاعلاً نووياً.. وأن تواصل باقى الكليات رفع مستوى الجامعة إلى مستوى الماضى ثم رفعها إلى مستوى المستقبل.
ولكن تهافت الطبقة السياسية والتنافس المحموم بين السلطة والمعارضة على إفساد الحياة الجامعية قد أدى إلى إحباط مشروع حقيقى للنهضة فى بلادنا.
إنه لمن المحزن، أن تغرق الجامعات المصرية فى أوحال السياسة فى الوقت الذى تتوالى فيه إنجازات الجامعات حول العالم.. وكان بعضها ينظر إلى جامعاتنا من أسفل صار الآن ينظر إليها من أعالى الجبال.
ففى جنوب إفريقيا قام الطلاب فى معهد جنوب أفريقيا للتكنولوجيا ببناء قمر صناعى مصغر يجرى إطلاقه قريباً لأغراض الطقس.
وفى الهند نجح طلاب جامعة (ANNA) فى إطلاق القمر (ANNASAT) وهو أول قمر صناعى يتم إنشاؤه وتصميمه فى جامعة هندية بواسطة الطلاب.
ولقد كان صادماً تماماً بالنسبة لى.. أن أتباع أنباء مظاهرات الطبول فى جامعة القاهرة للتشويش على المحاضرات.. وأقرأ فى الوقت ذاته عن نتائج إطلاق جامعة فى شرق غانا "ALL Nations University" القمر الصناعى CANSAT عام 2013 واستعداد الجامعة لإطلاق قمر صناعى متطور فى عام 2015.
إن استرجاع صفحات التاريخ المعاصر يزيد من الألم الوطنى إزاء حالة الانكسار الحضارى فى بلادنا.. لقد بدأت مصر مشروعاً طموحاً قبل أكثر من نصف قرن لأجل تصنيع الطائرات والصواريخ وإطلاق أول قمر صناعى فى منطقتنا.
ولقد عرضت فى كتابى "مصر الكبرى" شهادة الدكتور "بهى الدين عرجون" فى كتابه "الفضاء الخارجى واستخداماته السلمية" وهى الشهادة التى جاء فيها أن مصر بدأت بالتعاون مع الخبراء الألمان فى تطوير الصواريخ.
ولقد كان من الممكن تطوير الصاروخ المصرى "الرائد" ليصل إلى حد خرق نظام الجاذبية الأرضية وحمل قمر صناعى إلى مدار حول الأرض، ولم تكن إسرائيل وقتها تملك صناعة صواريخ على الإطلاق.. وانطلقت على أثر ذلك حملة إرهاب العلماء الألمان فى مصر.. ثم كان عدوان 5 يونيو 1967.
وفى الثانى من أكتوبر عام 1967 تحدث العالمان الألمانيان "بيلز" و"بروان" إلى مجلة "شتيرن" الألمانية وقالا: "كانت إسرائيل تخشى إطلاق قمر صناعى مصرى فى ذلك الوقت حتى لا يحدث دوى هائل فى العالم بأسره.. ويجتمع العالم العربى خلف مصر".
لقد مر نصف قرن كامل ما بين عامى (1963 – 2013) ولايزال انطلاق المشروع الحضارى لبلادنا متعثراً.. بل إن المسافة تزيد بين مشاهد وقوف الطلاب إجلالاً لأستاذهم عالم الطبيعة النووية الدكتور مصطفى مشرفة، وبين مشاهد اقتحام الطلاب لقاعات المحاضرات وإسقاطهم لعَلَم بلادهم.
لقد حان الوقت لنزع سلاح التردد فى مصر.. حان الوقت لتدمير أسلحة السخرية من كل شئ والضحك على كل شئ.. وهى الأسلحة التى حولت كافة الأفكار والرؤى إلى "إفيهات" و"نكات" على صفحات فيس بوك وحسابات تويتر.
لقد سبقت محاولات مجيدة فى تجربة "القمر المصرى" – "ايجيبت سات" غير أن انقطاع الاتصال بالقمر ذات يوم جعل من ألسنة الساخرين خنجراً مسموماً فى قلوب العلماء والمهندسين الذين وجدوا أنفسهم فى مرمى سلاح "التبكيت" و"التنكيت".
ولكن أحداً فى دولة غانا لم يصوب نيران السخرية والازدراء تجاه الجامعة التى أطلقت القمر الصناعى الأول.. رغم سرقة كافة أوراقه ورسومه من الأرض وخطف القمر نفسه من الهواء!
وإنما أيّد مواطنو غانا البسطاء تجربة جامعتهم وإعلانها إطلاق قمرها المتطور بعد عامين.
ثمة أخبار جيدة فى بلادنا.. ولكنها تحتاج إلى ثقة ودعم، حيث يشارك باحثون من كلية الهندسة جامعة القاهرة وباحثون من "الهيئة القومية للاستشعار عن بعد" فى الإعداد لإطلاق أول قمر صناعى مصرى مائة فى المائة من فئة "النانو" قريباً.
وقد تحدثت كثيراً مع زميلى الدكتور عصام حجى المستشار العلمى لرئيس الجمهورية حول تأسيس "وكالة الفضاء المصرية".. وقد أبلغنى الدكتور حجى أن مشروع تأسيس الوكالة سيكون جاهزاً للعرض على الرئيس عدلى منصور قريباً.
إن الإضطرابات السياسية فى الجامعة تصيب الحاضر وتقتل المستقبل.. وإن تلاعب التيارات السياسية بأفضل أجيال مصر من أجل تقديمهم قرباناً على طريق السلطة لهو خيانة للدين والدنيا.
إن استهلاك طاقة المستقبل فى إعادة تدوير مخلفات الماضى لن يخدم إلا أعداءنا.. ذلك لأن الهتافات والشعارات والأكُفّ المرتفعة بالتحريض والكراهية إنما تغذى "الأخبار" وتحرق "الأحلام".. إنها تحقق الفائض فى "السياسة" والعجز فى "الاقتصاد" وفى قول واحد: إن تأسيس "وكالة الفضاء المصرية" نقلة كبرى فى صناعة الأمل.
أحمد المسلمانى يكتب: من المحزن أن تغرق جامعاتنا فى أوحال السياسة..استرجاع صفحات التاريخ المعاصر يزيد من الألم الوطنى إزاء حالة الانكسار الحضارى.. عرض مشروع تأسيس وكالة الفضاء المصرية على الرئيس قريبًا
السبت، 16 نوفمبر 2013 12:29 م
أحمد المسلماني المستشار الإعلامي لرئيس الجمهورية
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
محمود
هذه مصر اللتى نريدها
التعليق فوق
عدد الردود 0
بواسطة:
KHALED ELFAR
تفائلوه ايها المصرين
عدد الردود 0
بواسطة:
عصام
الفقر و الشججججججججاعة
عدد الردود 0
بواسطة:
عصام
الفقر و الشججججججججاعة
عدد الردود 0
بواسطة:
فى الفاضى
تصحيح :الكل الان يلعب السياسة !!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!
عدد الردود 0
بواسطة:
محمد الدهراوى
مصر القوية
عدد الردود 0
بواسطة:
احمد
ارض مصر لانستحق ان نعيش عليها
عدد الردود 0
بواسطة:
محمد على
من الاخر