الهمجية لا تليق بإنسان يبحث عن الحرية والرخاء والتقدم والازدهار وإذا كانت التبعات الثورية لها آثار جانبية، فلابد أن يكون ذلك بعيدًا عن الفوضى وضياع الحقوق والصخب المدمر، لذلك أصبحت حالة الطرق يرثى لها سواء من حيث بنيتها التحتية أو السلوكيات والأخلاق المرورية، التى تدل فى أولى علاماتها على عدم السير فى ركب الحضارة والتقدم.
حيث اختلط الحابل بالنابل فأصبح الكل يفعل ما يشاء بالطريقة التى تحلو له دون رقابة من قانون أو ضمير وأصبح المواطن يضيع وقته وجهده فى تلافى ما قد يعترض له من وعثاء السفر فالطريق الذى يقدر له ساعة قد يستغرق ساعات، لأن قطع الطريق فى أى لحظة أصبح متوقعًا وإشعال الإطارات اصبح مألوفًا.
ولا أنسى ما اقترفته يد العابثين عندما تم قطع الطريق الزراعى القاهرة الإسكندرية أكثر من 10 ساعات، ليجد كل واحد نفسه فى مهب الريح بين مريض حجز موعدًا فى مستشفى أو طبيب وامرأة مريضة اشتعل رأسها وعظمها شيبًا، وقد توقفت بها الحياة فجأة فسقطت صريعة بين الناس وآخر قد أرهقه الانتظار وحبس أنفاسه خائفًا وجلا وطالبًا قد تأخر عن موعد الامتحان أو المحاضرة وموظفًا لم يذهب إلى عمله، وجنديًا انصرم منه موعدًا لأداء خدمته ولا تعجب عندما تجد البكاء والنحيب قد اعترى الجميع، حيث أصبحوا غرباء فى أوطانهم وينتظرون مصيرًا مجهولا ولم تنجح شفاعة الشافعين فى فك الحصار أو محاولات المسئولين من إقناع المعتدين عن إنهاء فعلهم الأثيم ثم تتناقل الأخبار أن وراء هذه الأفعال طفلة تاهت بين الحقول لاعبة مع أطفال الجيران، وتم قطع الطريق من أجل عودتها وكأنها تاهت فى مجاهل أفريقيا بين الأدغال، وبعد ذلك عادت الطفلة بعد رحلتها فى اللعب مع العيال لتعطى للجميع صفارة الأمان ويعود الطريق للحركة بعد ساعات من الغليان وكل من عليها فان.
ومع انفجار الثورة ظهرت من مركبات التوك توك مئات الآلاف تملأ الشوارع واصبحت تزحف على جميع الطرق دون قانون او نظام ومعها كثرت التجاوزات من جيوش التوك توك التى غزت كل الأركان وأرهبت السائرين والراكبين فأصبحوا لكل الآثام والاقترافات فاعلين وضاقت الارض على الجميع بما رحبت من أفعال قادة المركبات الذين فقدوا كل صلاحيات القيادة ومبادىء الأخلاق وترصد جهات الرصد والإحصاء استخدام هذه المركبات فى آلاف العمليات التى تتنوع بين السرقة والخطف والاغتصاب وترويج المسكرات والمخدرات، وأصبح تحدى هؤلاء صارخًا للقوانين وباستغلال الانفلات الأمنى مسرورين.
وهناك مرض استشرى بين الكثير من المواطنين الذين لاهم لهم إلا تعطيل المصالح، رغم أنهم لا يقدمون إنجازًا واحدًا لوطنهم فيطلبون الأجر قبل العمل، والحافز قبل الأداء والمزايا قبل الإنجاز فمتى نتقن العمل ثم نطلب الأجر، إنها الهمجية البغيضة والضوضاء والصخب لمستغلى الظروف والأحداث والتحدث باسم الديمقراطية والحرية الغير مقيده بمصالح الناس وتقاليد المجتمع وحب الوطن فمتى نعود إلى رشدنا ونبدأ بالجدية والإتقان وحب الأوطان والسير فى طريق التقدم والبعد عن هذه الأمراض، التى غطت على حلاوة الحرية ونسيم الديمقراطية التى كنا نحلم بها.
صورة أرشيفية
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
احمد رجب
برافو
عدد الردود 0
بواسطة:
Raufa
عندما نسئ استخدام الحريه