المصائب فى كرة القدم لا تأتى فرادى، فبعدما تلقى المنتخب المصرى ضربة قاسية إثر الهزيمة الموجعة من غانا، أصبح الشعور بالخيبة ينتاب جمهور الكرة فى مصر، الأمر لم ينته عند نكسة كوماسى والخسارة بسداسية، فبدأت غانا فى تنفيذ مخطط قاسى للقضاء على ما تبقى من أمل لدى الشعب المصرى، حتى وإن كان هذا الأمل يقتصر على رد الاعتبار، بغض النظر عن حلم التأهل إلى المونديال، الذى أصبح فى حكم المستحيل، حتى إن كان الأمل يختزل فى تقديم صورة مشرفة عن مصر للعالم لتكون مباراة غانا بوابة عودة النشاط الرياضى، الجانب الغانى اتخذ من الخطوات ما جعل لسان حال الجماهير المصرية يتغنى بالمثل الشعبى "الضرب فى الميت حرام".
الاتحاد الغانى، ووزارة الرياضة، والجهاز الفنى، واللاعبون، ومسئولو الدولة على رأسهم رئيس غانا، كل هذه العناصر توحدت خلف غاية وهدف واحد، هو دفن الحُلم المصرى بعدما قـُتل بالهزيمة القاسية فى كوماسى.
رئيس الاتحاد الغانى "كويسى نيانتاكى"، لم يمل من إرسال خطابات إلى الفيفا يطالب فيها بنقل مباراة الإياب إلى مكان آمن خارج القاهرة، معللاً ذلك بالخوف من تردى الحالة الأمنية فى البلاد، والقلق على لاعبية من تطور أحداث عنف وشغب قبل أو بعد أو أثناء اللقاء المنتظر بين منتخب بلاده ومنتخب الفراعنة، والمقرر إقامته فى 19 نوفمبر على ملعب الدفاع الجوى، وإن كان هذا الطلب له ما يبرره قبل لقاء الذهاب، باعتباره يعبر عن قلق وخشية "البلاك ستارز" من الفراعنة، فإنه أصبح الآن تهديدا لمستقبل الرياضة فى مصر.
وزير الرياضة الغانى فجر تصريحا قويا، عندما أعلن أن منتخب بلاده لا يفكر فى مواجهة مصر فى الإياب، وإنما يفكر فى الفريق الذى يواجهه فى نهائى كأس العالم، موضحاً أنه يود أن يكون منتخب السامبا الطرف الثانى فى النهائى أمام غانا، وكأن منتخب مصر لم يعد له وجود فى حسابات أفريقيا، بعدما تسيد القارة فى العقد الأخير.
رئيس غانا من جهته، أدى دوره وقام بزيارة اللاعبين، وهنأهم بالتأهل إلى المونديال، الذى أصبح قريباً من النجوم السوداء، بعد الفوز الساحق على منتخب مصر، ووعدهم بمكافآت مالية تصل إلى 15 ألف دولار لكل لاعب و300 ألف دولار للمدرب، تنفيذاً لبنود عقده مع الاتحاد الغانى، فى حال التأهل بالفريق إلى المونديال، وذلك فى حال تحقيق نتيجة إيجابية فى مباراة الفراعنة فى مصر، بالرغم أن مسألة التأهل إلى كأس العالم، أصبحت شبه مضمونة وكأن سداسية كوماسى لم تكف لإشباع رغبة الغانيين، فى فرض أنفسهم على الساحة الكروية الأفريقية، وتوجيه إنذار قوى إلى المنتخبات المشاركة فى كأس العالم، حتى وإن كان ذلك على جثة الكرة المصرية، التى لفظت أنفاسها الأخيرة.
اللاعبون أنفسهم، شنوا حملة إعلامية شرسة، تعقيباً على رفض الفيفا طلب نقل المباراة فى مصر وذكر نجم الفريق أسامواة جيان عن ذلك قائلاً "لا نخشى مواجهة مصر، ولكن لا يوجد أغلى من الحياة"، ومايكل أسيان صرح "بأن اللعب فى مصر مسألة محفوفة بالمخاطر"، وبواتينج علق على الأمر قائلاً "إن الأمور فى مصر غير مطمئنة"، وغيرها من التصريحات التى تقضى على ما تبقى من أمل عند المصريين وتستفز الجماهير بعد الصدمة التى تعرضوا لها بالهزيمة الفاضحة فى غانا 6/1 فى أسوء مباراة للمنتخب المصرى منذ عقود طويلة.
الجهاز الفنى لمنتخب غانا لم يطمئن إلى نتيجة الذهاب، وتعامل مع الأمر وكأن مباراة كوماسى انتهت بالتعادل، وحسم أمر التأهل سيكون فى القاهرة، فأصر على إقامة معسكر قوى للمنتخب، يتخلله لقاءات قوية مع منتخبات لها وزنها على الساحة الأفريقية، واختيار تركيا لإقامة معسكر الفريق، وعدم الحضور إلى مصر إلى قبل المباراة بيوم واحد، تخوفاً من أوضاع البلاد.
الحرب النفسية لم تقتصر عند هذا الحد، بل اتبع الاتحاد الغانى سياسة التحدى مستغلاً سوء الأوضاع فى مصر، وطالب مسبقاً الاتحاد الأردنى بإجراء ودية استعداداً للقاء مصر، واختيار الأردن بالذات جاء لأسباب أولها أن المدير الفنى للنشامى هو المصرى "حسام حسن"، كما أن الأخبار المتناثرة كانت تؤكد نية الفراعنة إجراء لقاء ودى مع المنتخب الأردنى الشقيق، فلماذا تم اختيار الأردن بالذات إذا كان فى إمكان غانا اختيار أى منتخب آخر، إلا إذا كان الهدف هو تكسير عظام الفراعنة بإفساد فترة إعدادهم، متعاونة فى ذلك مع تخبط الإدارة والاتحاد المصرى فى هذا الأمر.
وفى الآونة الأخيرة تناثرت أخبار تقول بأن بعض رعايا غانا فى القاهرة يتعرضون لانتهاكات من الشعب المصرى، مما ينذر بأزمة دبلوماسية وسياسية بين البلدين إذا صحت وثبتت هذه الأقاويل.
أما عن حالة الاستنفار الكروى وإعلان حالة من الطوارئ لدى الجانب الغانى فتأتى بغير ما يبررها، لأن غانا فنياً ونفسياً صاحبة أفضل فرصة للتأهل بين المنتخبات الأفريقية العشرة التى تخوض الدور الحاسم قياساً بنتيجة المباراة الأولى لكل المنتخبات.
كل تلك المقدمات إنما تؤدى إلى نتيجة واحدة، مفادها زيادة أوجاع الكرة المصرية وتعميق جراحها، التى كان الوصول إلى كأس العالم بالبرازيل الدواء الوحيد لها، ففى الوقت الذى ترفع فيه غانا حالة الاستعداد القصوى تمهيداً للوصول إلى مونديال البرازيل، يرفع اتحاد الكرة المصرى شعار النوم فى العسل.
تحركات غانية لدفن الحُلم المصرى بعـد قتله فى كوماسى
الجمعة، 15 نوفمبر 2013 03:06 ص
مباراة مصر وغانا أرشيفية