قال الفنان التشكيلى السورى الكبير يوسف عبدلكى فى تصريحات صحفية بعد الإفراج عنه من سجون بشار الأسد، إن مسألة تسليح المعارضة السورية لا يعنى سوى سرقة الثورة السورية وأخذها إلى مكان لا علاقة له بالثورة.
وأضاف عبدلكى فى الحديث الصحفى الذى أجراه معه الزميل أحمد بزون بجريدة السفير أثناء تواجده فى لبنان إن الكثير ممن يعملون فى المعارضة المسلحة لا تعرف هويتهم ولا أهدافهم، مشيرًا إلى أن الكثير منهم يملكون كل الصفات إلا صفة الدفاع عن الشعب السورى وخياراته ومستقبله.
وعن تجربة الاعتقال التى تعرض لها عبدلكى قال، فى المعتقل يخرجون السجين من المهجع فيرجع كأنه كان محبوساً مع وحش ضارٍ، نراه مجرّحاً، أشرطة حمراء وزرقاء تطبع جلده، وأحياناً تفسخات فيه، لا تفهم كيف أحدثوها بهذه السرعة. عنف فالت من كل عقال. كأن عنف الخارج اليوم ينعكس على داخل السجن.
وقال "عبدلكى" إن أسوأ من التعذيب إحساس المعتقل أنه مهان، مجرد من إنسانيته وكرامته، مهان لا يستطيع الدفاع عن نفسه أمام أشخاص أشبه ما يكونون بآلات عمياء! الطبابة معدومة ولا وجود لأدوية. أما الأكل فسيئ جداً، صباحاً زيتون ومساء برغل، من دون تغيير، فضلا عن أن السجناء منقطعون انقطاعاً كلياً عن العالم. المناسبة الوحيدة التى تمكنهم أن يحصلوا من خلالها على معلومات هى عندما يأتى سجين جديد.
وأشار الفنان التشكيلى الكبير إلى أن السجناء لا يمتلكون أى آلية للاعتراض على سوء المعاملة والتعذيب سوى بالحلم، بأن يبقى يحلم بمشاريع كثيرة وجميلة، لقاءات مع أصحابه والتنزه فى أماكن بلا جدران. الأحلام إحدى آليات دفاع السجين عن نفسه.
وعن مدى تأثير السجن فى أعماله الفنية ولوحاته قال عبدلكى "فى شغلى بالفحم على الورق كانت هناك أفكار قريبة من هذه الأجواء، ولها علاقة بدلالات الموت ورمزيته، مثل عندما رسمت عصفوراً ميتاً أو سكيناً بطّاشة مغروزة فى طاولة إلى جانب عصفور.. أما ما أعمله الآن فمختلف عما صنعته فى السنوات العشر الأخيرة. أعمل عن الناس والأشخاص".
وأضاف: عندى إلحاح من داخلى، لا أعرف تفسيره، على أننى لا أريد أن أرسم رمزية الموت ولا حتى أشخاصاً «عموميين»، «مؤسلبين»، أريد أن أرسم أشخاصاً لهم ملامح بائع الفول والحمص، أو صاحب دكان تأجير الدراجات فى الحى. هؤلاء بشر من لحم ودم. الكلام على الموت بشكله العام لا يحتمل بطش الموت ولا انعدام عدالته. هناك إلحاح على أن الموتى والقتلى والشهداء هم أولاد الحى والجيران، وبالتالى فحضورهم ضرورة وليس ترفاً.
جدير بالذكر أن الفنان يوسف عبدلكى من مواليد القامشلى "شمال شرق سوريا" عام 1951م، وغادر سوريا عام 1980م، ليعيش فى المنفى الباريسى طوال ربع قرن بعيداً عن أهله وأقاربه وأصدقائه "محيطه"، نتيجة مواقفه السياسية التى أدت لاعتقله بين العامين 1978 و1980. أكمل فى باريس دراساته العليا، إذ حاز على دبلوم حفر من المدرسة الوطنية العليا للفنون الجميلة فى باريس عام 1986 م، ثم نال الدكتوراه فى الفنون التشكيلية من جامعة باريس الثامنة نهاية الثمانينيات، وكان قد تخرج من كلية الفنون الجميلة بدمشق سنة 1976.
وتقتنى لوحات عبدلكى فى أهم متاحف الفن فى العالم مثل المتحف البريطانى، ومتحف معهد العالم العربى فى باريس، ومتحف دينى لى بان فى فرنسا، ومتحف عمان للفن الحديث، ومتحف الكويت.
ويعتبر من أهم الفنانين السوريين الناشطين فى إبراز الشخصية السورية وهمومها آخر معارضه الفنية فى خان أسعد باشا وسط دمشق القديمة وكان هذا المعرض قبل اعتقاله على يد قوات الأسد منتصف يونيو الماضى بسبب مواقفه المؤيدة للثورة السورية السلمية ورفضه التسليح واستضافته شباب المعارضة السلمية فى مرسمه بمنطقة ساروجة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة