فى سنة 1933 قال هندبرج رئيس ألمانيا "فى ذلك الوقت" لهتلر: "لا أستطيع أمام الله وضميرى والوطن أن أسلم قيادة البلاد لحزب لا يملك السماحة الدينية"، تلك كانت كلمات رئيس ألمانيا عام 1933 لهتلر عندما سطع نجمه وطلب من رئيس الدولة أن يعينه مستشارا لألمانيا (أى رئيس وزراء الدولة)، الجميع بالطبع يعلم من هو هتلر وأنه كان السبب الرئيسى فى تدمير العالم والحرب العالمية الثانية سنة 1939- 1945 ومن هنا يكون السؤال: هل يستطيع أى حزب أو جماعة ذات جذور متطرفة سواء دينيا، أو فكريا أو حتى عسكريا أن تقود دولة وهل تستطيع أن تنجح بها وتحقق السلام والرخاء لشعبها؟ ولمن لا يعلم فقد كانت خسائر الحرب العالمية الثانية من البشر فقط حوالى 75 مليونا بين وفيات وإصابات وتشريد، كل ذلك كان نتيجة تولى شخص متطرف فكريا ومتعصب قيادة دولة مثل ألمانيا وفى ست سنوات فقط من سنة 33 إلى 1939 دمر وغيّر خريطة العالم، وهنا يجب وأن نستمع إلى ما يقوله علم النفس فى هذا الخصوص، "أن المتشددين والمتطرفين فكريا أو سياسيا لديهم حب الذات أكثر من أى شىء آخر، ولا يؤمنون سوى بعقيدتهم وليس لديهم لغة الحوار أو الاستماع للآخر وأن فكرة الوطن والحدود لا تعنيهم فى حد ذاتها نظرا لرغبتهم الدائمة فى التوسع وتغيير الواقع حتى وإن كان للأسوأ"، تلك كانت دراسة من خلال عشرات الأبحاث والحوارات التى تمت مع آلاف من الذى ينتمون لهذه التيارات والجماعات على مر عشرات السنين حتى تم استخلاص هذه النتيجة فى النهاية، وإذا أردنا مثال من واقع ما نعيشه الآن، السادة الذين كانوا يحكمون العام الماضى وبعد 80 عاما من وجود جماعاتهم وحزبهم كان من الأجدر أن يقوموا بالسيطرة الفكرية على معظم الأحزاب والائتلافات الموجودة ويقوموا باحتوائهم ومن ثم يبسطون أيديهم وفكرهم بالتدريج على مدار بضعة سنوات حتى يسيطروا على الوضع بالكامل وتلك هى لعبة السياسة والحنكة والنفس الطويل، والتى دائما ما تكون نتائجها مضمونة وهذا بالضبط ما كان يتمتع به الراحل العظيم السادات، ولكن ولأن السياسة بشكل عام والدولة بشكل خاص لا تهمهم وبدلا من أن يقوموا بعملية احتواء، نجحوا وباقتدار فى أن يقسموا البلد إلى عدة أقسام فهناك الجماعات الإسلامية فى جهة، الوسطيون والثوار فى جهة، وهناك أيضا المنتفعون من الأحداث من فلول النظام السابق ومن بعض دول الجوار والذين يساعدون على حالة الفوضى والدمار التى أصبح عليها الشارع المصرى وكل يعمل حسب رؤيته وأجندته الخاصة، للأسف وأنا هنا أوجه كلامى للحزب الذى خرب مصر على مدار عام لأنه كان الذراع السياسى للجماعة المنحلة، لقد نجحتم بامتياز فى إثارة حالة فوضى شاملة فى البلاد وصلت إلى مواجهات دامية، فهل كان ذلك نتيجة قلة الخبرة لا أظن فعندكم كوادر ذات ثقافات عالية وفكر ورؤية وكانوا يستطيعون وبسهولة أن يعبروا بالبلاد إلى بر الأمان، ولكن ولأن الطموح الجامح فى تحقيق الحلم الذى تنتظرونه من سنين وهى دولة الخلافة الاسلامية قد سيطر عل كل شىء، لذلك لم تنتظروا كثيرا وبدأتم العمل دون النظر لأى عواقب، أيها السادة الأفاضل – كنت أنتظر منكم الكثير ولكن للأسف خذلتمونى بشكل كبير وأضعتم مصر....
ومن خلق "مصر" قادر على حمايتها – وأنا على يقين من ذلك ولا حول ولا قوة إلا بالله.
