
شارك أربعة من الروائيين العرب والأجانب بينهم الجزائرى واسينى الأعرج، فى ندوة حملت عنوان "سوسولوجيا الفن.. طرق الرواية" أقيمت يوم أمس الأول ضمن فعاليات "ملتقى الأدب" المصاحب لمعرض الشارقة الدولى للكتاب، وتناولت العلاقة المتشابكة بين فن الكتابة فى قضايا المجتمع، وتأثير ذلك على الرؤية الإبداعية والفكرية للكاتب.
وقال الكاتب والمترجم المصرى محمد عبد النبى، مؤلف رواية "رجوع الشيخ" التى وصلت إلى القائمة الطويلة فى الجائزة العالمية للرواية العربية 2013، إن الفن المرتبط بالأدب ليس مرآة تعكس الواقع الاجتماعى أو السياسى أو الثقافى فى أى مجتمع من المجتمعات، بل هو شىء يصنع الواقع ويقدمه للقارئ بأسلوب يثرى ذائقته الأدبية، ومن خلال هذا الفن يمكننا أن نرى الواقع ونتخيله ونستمتع به.
وأكد أن الأعمال الأدبية المهمة والمؤثرة عبر التاريخ، حققت شهرة كبيرة بسبب القضايا التى تناولتها إلى جانب لغة الكاتب وأسلوبه. وأضاف: "لا سبيل لأن تفوز رواية لم تتطرق إلى قضية اجتماعية أو سياسية كبرى بجائزة أدبية مرموقة، وهذا أمر يجب أن يدركه الروائى ويشتغل عليه جيّداً".
وأعرب الروائى الأمريكى مارك دانييلفسكى، الذى دخلت روايته "بيت الأوراق" قائمة الكتب الأكثر مبيعاً فى العالم، ويعمل حالياً على رواية ضخمة من 27 جزءاً، عن اعتقاده بأن الروائى مطالب بالاهتمام باللغة وإيقاع كلماتها، كى تجذب القارئ فيتوارثها وتصبح جزءاً منه، مؤكداً أن اللغة هى التى تصنع جماليات العمل الأدبى، وكلمة كانت الكتابة ساحرة، كلما حققت نجاحاً أكبر.
وأشار إلى أن الرواية يجب أن تأخذ من كاتبها وقتاً كافياً لإنجازها، فروايته "بيت الأوراق" أخذت منه نحو 10 سنوات من الكتابة، رغم أنه يعيش من كتبه، ولا يملك أى مصدر دخل آخر، معتبراً هذا التأنى فى الكتابة واحداً من أسباب النجاح الكبير الذى حققته أعماله.
أما زميله الروائى الأمريكى بيل لويفيلم، صاحب رواية "جرائم قتل جديدة" الفائزة بجائزة أدبية مرموقة، فقال إن الكاتب فى الولايات المتحدة لا يواجه أية قيود فى الكتابة، فهو قادر على تناول أية موضوعات بحرية كاملة، بما فى ذلك القضايا السياسية والاجتماعية الأكثر جدلاً، وهو ما يعتبر ميزة تسهم فى تعدد الأفكار والمواضيع التى يمكن للكاتب أن يعرضها فى روايته أو عمله الصحفى أو الأدبى.
وقال إن فن الكتابة عنده متأثر بالعلاقة الرومانسية التى تربطه بالمدينة التى يعيش فيها، فرواياته لا تخرج عن نطاق مدينته، وتدور عادة فى شوارعها وأبنيتها، وتتناول شخصيات دأب الناس على رؤيتها، وأحداث سمعوها أو عاشوها، ولذلك فقراؤه يشعرون بأن هذه الروايات جزء منهم.
وتطرق الروائى الجزائرى الغزير الإنتاج الأدبى واسينى الأعرج، مؤلف روايتى "أنثى السراب" و"مملكة الفراشة"، إلى العلاقة بين الرواية والتاريخ، فرأى أن الأسلوب الأدبى يجب أن يظل مسيطراً على الرواية، حتى ولو كانت تاريخية، مضيفاً: "عندما تكتب رواية تاريخية، عليك أن تبحث وتنقب فى التاريخ ثم تكتب روايتك بأسلوب أدبى متميز".
وأكد أن الروائى عندما يفكر بالكتابة فى مجال التاريخ سيواجه إشكالات تتمثل فى المصدر الذى سيعتمد عليه فى ذلك، فما نراه اليوم صحيحاً قد يكون غداً خاطئاً، متسائلاً: "كيف ستكون صورة الكاتب عند قرائه عندما يخطئ فى الكتابة التاريخية؟!". مضيفاً أن الكاتب يجب أن يكون له موقف أدبى فى ما يكبته، وأن يبذل فى كتابته جهداً لغوياً وفنياً لإمتاع القارىء. مشيراً إلى أن وظيفة الروائى عند الكتابة عن المجتمع ليست تصوير هذا المجتمع بشكل مجرد، بل الكتابة عن القيم، وتحويل المستحيل والمستبعد فى المجتمع إلى واقع قابل للتصديق فى الرواية.