واجه رفاق السلاح برجال أعمال «مبارك» ومليونيرات الإسلاميين وضباط أمن الدولة.. ورفض رئاسة حزب بحجة أنه كان مستشارا لمرسى
طلب من بعض معدى «الفضائيات» تمكينه من مداخلات ليتحدث عن 30 يونيو لإثبات الوجود وحتى يحجز له مكاناً فى الثورة
كان من المفروض أن يستمر سامى عنان فى كتابة ونشر مذكراته، لكن ردود الفعل على الحلقة الأولى جعلته يمتنع عن الاستمرار ربما طلبا للسلامة، لم يكن الفريق قد انتهى من كتابتها كلها، كل ما فعله أنه كان يجلس إلى أحد الكتاب العاملين فى مركز الدراسات الأمنية والاستراتيجية الذى يشغل عنان موقع أحد أعضاء مجلس إدارته، يملى عليه حكاياته، ثم يقوم الكاتب بإعادة صياغتها مرة أخرى. كان من المفروض أن تكون الحلقة الثانية عن علاقة المجلس العسكرى مع جماعة الإخوان المسلمين، وأغلب الظن أن عنان أراد منها أن يبرئ ساحته وساحة رفاقه من عقد صفقات مع قيادات الإخوان، لكنه فى اللحظة الأخيرة تراجع، وأملى على كاتبه مجموعة من الآراء الإنشائية عن دور الجيش فى الحياة السياسية المصرية بداية من عصر محمد على، ونهاية بالمجلس العسكرى الذى رأسه المشير طنطاوى. لم أتوقف طويلا أمام السرد التاريخى لعلاقة الجيش بالسياسة من وجهة نظر عنان، ولكن توقفت فقط عند ما أسماه عنان كشف الحساب فى الحلقة الثانية من مذكراته التى لم تنشر.
يقول عنان: كان القائد العام المشير محمد حسين طنطاوى، رئيس المجلس، وكنت كرئيس لأركان القوات المسلحة وكنائب لرئيس المجلس، ويشاركنا فى ذلك كل الأعضاء، حريصين كل الحرص على القيام بدورنا الوطنى المنشود، وتجنب كل ما من شأنه أن يثير القلاقل والصدام، وقد تجلى ذلك بوضوح بعد أن أعلن اللواء عمر سليمان عن قرار الرئيس مبارك بالتنحى وتسليم سلطاته للمجلس.
ويضيف عنان: كان أول ما حرصنا عليه هو تكليف وزارة أحمد شفيق بالاستمرار فى عملها، وإصدار إعلان دستورى يتضمن حل مجلسى الشعب والشورى، وتعطيل العمل بأحكام الدستور، وتشكيل لجنة لتعديل بعض مواد الدستور، والإعلان عن تولى المجلس إدارة شؤون البلاد بصفة مؤقتة لمدة ستة أشهر.
يستكمل عنان: فى التاسع عشر من مارس تم الاستفتاء بحيادية ونزاهة على التعديلات الدستورية، وبلغت نسبة الموافقة %77.2 من جملة المشاركين الذين وصل عددهم إلى ما يقرب من 19 مليونا، وكان الالتزام كاملا وصارما بما يطالب به الشعب ورموز العمل السياسى الوطنى، ولم يتدخل المجلس أو يملى إرادته ورؤاه، وقد استمر هذا الالتزام حتى تسليم السلطة إلى الرئيس المنتخب الدكتور محمد مرسى فى الثلاثين من يونيو سنة 2012، وخلال حفل تسليم السلطة بالهايكستب أكد المشير طنطاوى أن المجلس الأعلى للقوات المسلحة ليس بديلا عن الشرعية التى ارتضاها الشعب، وأن مصر فوق كل اعتبار.
ويؤكد عنان: لا مطمع فى السلطة ولا بحث عن مصالح شخصية لأعضاء المجلس، وقد تحملوا كأفراد وجماعة فوق ما يطيق البشر، وطالتهم وفرة من الاتهامات الظالمة الجائرة، لكنهم تمسكوا بحبال الصبر، ورفضوا التورط فى معارك جانبية تحول دون تركيزهم فى الهدف الأسمى، وهو الخروج بمصر وجيشها إلى بر الأمان والاستقرار.
وفى العاشر من فبراير 2011 - كما يقول عنان - قبل أن يعلن مبارك تنحيه رسميا أصدر الجيش بيانه الذى ينحاز فيه إلى الشعب وتطلعاته، وبذلك الموقف تبين للجميع أنه الضامن الأول للديمقراطية والاستقرار، وأنه يحترم ويدعم أهداف الثورة، ويتعهد بحماية وتأمين المتظاهرين السلميين والتصدى لمواجهة حالة الانفلات الأمنى، ومن ناحية أخرى أبدى المجلس الأعلى التزام مصر بالمعاهدات الدولية والإقليمية المبرمة، وأكد بما لا يدع مجالا للشك أن الدولة قوية قادرة غير قابلة للانهيار.
ويختم عنان حلقته الثانية - وربما تكون الأخيرة من مذكراته المدونة - بقوله: لا غرابة فى هذا كله، فالمؤسسة العسكرية المصرية هى الشعب، وأعضاء المجلس من كبار القادة مواطنون مخلصون يجتهدون فى أداء واجبهم حتى النفس الأخير، ولا شىء يحركهم إلا النظر إلى المستقبل على ضوء معطيات الحاضر ودروس الماضى، وخلال هذا العمل الضخم المتشعب واجه المجلس وأعضاؤه اتهامات شتى لا تنهض على دليل، بدءا من الانحياز المبكر إلى الإسلاميين باختيار المستشار طارق البشرى رئيسا للجنة المكلفة بتعديل الدستور، وصولا إلى عقد صفقة مع الإخوان المسلمين لإنجاح مرشحهم فى الانتخابات الرئاسية، مرورا بالمسؤولية عن عدد من الأحداث والتجاوزات.
تبقى جملة وحيدة وأخيرة، جعلها عنان خاتمة لهذه الحلقة من مذكراته، يقول: «ليس كل ما يعرف يقال بطبيعة الحال، لكن الإضاءة فى حدود ما يمكن أن يقال تبدو ضرورية حتى يتحقق الحد الأدنى من الإنصاف».
ما هى علاقة هذا الجزء من مذكرات سامى عنان الذى يبدو باهتا وغير مشبع بالحرب الدائرة بين الجنرالات السابقين على كرسى الرئاسة.. أعتقد أن بعض الملاحظات على ما كتبه سامى يمكن أن تضىء لنا الطريق.
أولا: تحاشى سامى عنان الحديث عن نفسه، وكأنه المحرك لكل الأحداث التى جرت خلال الشهور التى أعقبت الثورة، فى إشارة إلى أن هناك لوما وعتابا واجهه بعد أن أظهر نفسه وكأنه مفجر ثورة يناير وحده، فقد بدا المشير طنطاوى إلى جواره فى الصورة وهو الذى نفاه تماما فى الحلقة الأولى من مذكراته.
ثانيا: عرض عنان خطوطا عريضة للأحداث التى أعقبت الثورة وكان المجلس العسكرى طرفا فيها، دون الاهتمام بذكر تفاصيل من أى نوع، فقد تم التنبيه عليه ألا يذكر أى تفاصيل هى فى النهاية تمس الأمن القومى.. وقد استجاب لذلك تماما.
ثالثا: حاول عنان أن يشيد بمواقف أعضاء المجلس العسكرى ويدفع عنهم أية اتهامات قد تلحق بهم.. من باب خطب الود، فهو داخل على معركة شرسة، ولابد أنه سيحتاج فيها إلى دعم بعض من رفاقه فى المجلس العسكرى القديم، خاصة من يرتبط بهم بعلاقات صداقة لا تزال قائمة، وهؤلاء غضبوا منه بعد أن أهال التراب على أدوارهم وانفرد بالمسرح وحده، ولذلك عاد ليسترضيهم.
لكن ورغم كل ما بذله سامى عنان من مجهود فى إخراج الحلقة الثانية من مذكراته بصورة تجعل الجميع يلتفون حوله، إلا أنه أخذ القرار فى اللحظة الأخيرة بعدم نشرها، ربما لأنه أراد أن يؤثر السلامة، ولا يغضب أحدا، فمجرد إطلالته ولو من باب المجاملة للآخرين لم تعد مقبولة.
أدرك سامى عنان أن الحرب السياسية التى أراد أن يدخلها بمذكراته لن تكون فى صفه على الإطلاق، أدرك حجم الشعبية الهائلة التى حصدها الفريق السيسى بسبب موقفه ودوره فى ثورة 30 يونيو، ولذلك فليس من العقل منافسته فى هذه المساحة.
حاول عنان الظهور على المسرح السياسى خلال مظاهرات 30 يونيو.. لكن ولأنه لم تكن له أرضية فى الشارع، فلا فصيل سياسى يعمل من أجله، ولا حزب يتبناه، ولا قوى سياسية ترحب به بين صفوفها، فقد اختار عنان الظهور عبر البرامج التليفزيوينة من خلال المداخلات السريعة.
رأى عنان أن الأضواء كلها تنحسر عنه، وتذهب فى طريق واحد وإلى رجل واحد وهو عبدالفتاح السيسى، كان فى حالة نفسية بالغة السوء، فالتاريخ يعيد ترتيب أوراقه وهو خارجها تماما، ولذلك أجرى اتصالات ببعض معدى القنوات الفضائية الذين يعرفهم ويثق بهم جيدا، وطلب منهم أن ينسقوا له بعض المداخلات، وهو ما حدث بالفعل.
مداخلته الأولى كانت مع معتز الدمرداش فى برنامج مصر الجديدة، وقد اختاره عنان ليعلن استقالته من منصبه كمستشار لمحمد مرسى، وكان السؤال الذى صاحب هذا الإعلان هو: هل كان عنان لا يزال مستشارا لمحمد مرسى كل هذه الشهور وبرغم كل ما ارتكبه فى حق المصريين؟
عنان قال فى مداخلته إن منصبه فى قصر الاتحادية كان شرفيا وبلا أى مهمات، وإن استقالته جاءت فى مرحلة تاريخية ودقيقة تعيشها مصر وتفرض على الجميع أن يتحمل مسؤولياته أمام الوطن والمواطنين، فالشعب المصرى قال كلمته وبالتالى فعلى الجميع أن ينصت وينفذ خاصة أن المشهد متأزم للغاية، وأدى إلى خروج الملايين فى جميع ميادين مصر، وهذا الخروج غير المسبوق صاحبه سقوط الشهداء، وهو أمر مرفوض لأن الدم المصرى غال ويجب الحفاظ عليه.
لم يكتف عنان بهذا الكلام الرومانسى المرسل، بل حاول أن يفلسف الفعل الثورى فى مداخلة مع برنامج العاشرة مساء، عندما علق على وصف محمد مرسى ما يحدث بأنه انقلاب على الشرعية، بأنه كلام خاطئ تماما وغير منطقى، لأن الشعب هو الذى يمنح الشرعية لمن يشاء ويسحبها ممن يشاء.
ولأنه يعرف ما يريده جيدا، فقد حاول سامى عنان أن يقفز على الفعل الثورى وعلى دور الجيش فيه، قال: القوات المسلحة ترعى مصالح الشعب وولاؤها الكامل لكل المصريين، وأنها مارست العملية الديمقراطية أثناء فترة حكمها للبلاد بكل نزاهة وديمقراطية.. وفى مغازلة واضحة للجميع قال لكن على قناة العربية هذه المرة: لقد استرددنا مصر واسترددنا ثورتنا والشعب المصرى العبقرى وخارطة الطريق ستتيح البناء على أسس صحيحة.
لم تلق مداخلات سامى عنان صدى فى الشارع المصرى، فأنى للرجل الذى سلم الثورة للإخوان، أن يعود ويقول إنه استرد الثورة من الإخوان الذين لم يتوقع أن يفعلوا ما فعلوه، رغم أنه كان قريبا منهم حتى اللحظات الأخيرة التى قرر فيها أن يترك لهم المركب بعد أن تأكد أنه غارق لا محالة.
ولذلك قرر سامى عنان أن يدخل اللعبة السياسية من باب الانتخابات.. ورغم أنه لم يكن مهتما بقريته سلمون القماش فى محافظة الدقهلية فإنه عاد إليها مرة أخرى لتكون قاعدة انطلاق له فى حربه الجديدة من أجل الحصول على كرسى الرئيس.
كنت قد نشرت تقريرا عن قيام آل عنان الموجودين فى الدقهلية عن نيتهم إقامة مجمع مدارس على مساحة تتجاوز الفدان ونصف الفدان، ورغم أن بناء مجمع مدارس قد يصلح كبداية لمرشح برلمانى وليس لمرشح رئاسى، فإن عنان اعتبرها خطوة أولى للعودة إلى بلده التى لم يكن يتردد عليها كثيرا خلال السنوات الماضية بسبب مشغولياته الكثيرة.
أشقاء سامى عنان يقفون إلى جواره وبقوة، بل يمثلون القوة الضاربة فى حملته الرئاسية القادمة، وقد بدأوا بالفعل خطة العمل، حيث يشكلون ما يمكن التعامل معه على أنه محور انتخابى كبير يضم كلا من المنزلة وأجا ودكرنس وبلقاس، وهو محور انتخابى يمكن أن يضمن لسامى عنان على الأقل 3 ملايين صوت، وهى بداية جيدة يمكن أن يبنى عليها فى بقية المحافظات الأخرى.
أشقاء سامى عنان عملوا على محور رجال الأعمال فى منطقة الدقهلية.. وجرت تفاهمات مع عدد من رجال الأعمال الكبار الذين تحمسوا لترشيح سامى ومن بينهم أحد تجار الأزهر الكبار، وكذلك أصحاب شركات سياحة وعدد من المستثمرين فى مجالات الغزل والنسيج فى الدقهلية على وجه التحديد.
مساندة أشقاء سامى عنان له ليست معنوية فقط، ولكنها مادية أيضا، فأشقاؤه الأربعة وضعوا أموالهم تحت تصرف حملته، ومن بينهم اللواء منير عنان، مدير أمن الإسكندرية السابق، وهو الآن لواء على المعاش، والدكتور عثمان عنان أستاذ جامعى متفرغ، وحاتم عنان الذى كان مديرا عاما فى شركة بسكو مصر، وعندما خُصخصت تركها وسافر إلى الكويت، لينضم إلى الشقيق الرابع الذى سبقه إلى هناك منذ العام 1968، ولا يزال هناك حتى الآن، وقد يكون هو تحديدا صاحب النصيب الأكبر فى تمويل حملة سامى.
أزعجت هذه المعلومات بعض أهالى سلمون القماش، الذين لا يحتفظون بأى ذكريات إيجابية مع الفريق سامى عنان، وحكى لى أحدهم أنه أثناء ثورة يناير تعرض قسم الشرطة بالمنطقة إلى اعتداء كبير، وذهب الأهالى إلى المسؤول العسكرى فى المنطقة وطلبوا منه تأمين القسم والتصدى للمجرمين الذين يروعون الأهالى، واعتقدوا أنهم عندما يقولون له إنهم بلديات الفريق سامى عنان سيستجيب لهم على الفور، إلا أن المسؤول العسكرى قال لهم إن الفريق عنان بنفسه أكد على عدم الاستجابة لمن يستخدم اسمه.
قد ترى فى هذا الموقف أمرا محمودا عسكريا، فالفريق لا يفرق بين أهالى منطقته وبقية المواطنين، لكن سياسيا هذا الموقف أضره كثيرا، فهو لم يقدم شيئا لأهالى منطقته، وهو ما يمكن أن يعود عليه بالسلب إذا ما نزل إليهم فى جولات انتخابية، بل ربما يخرج أحدهم ليواجهه بأنه تخلى عنهم عندما احتاجوه.. فما الذى يمكن أن يقدمه لهم بعد ذلك.
موقف أهالى منطقة سامى عنان فى الدقهلية - التخلى وعدم الرضا عنه - لن يختلف كثيرا عن موقف مجموعة من قادة حرب أكتوبر المتقاعدين، الذين أذهلهم ما فعله محمد مرسى والإخوان المسلمين فى مصر، فسارعوا إلى إنشاء حزب سياسى هو «الإرادة والبناء»، ليكون صوتا للمحاربين القدامى فقط، وهؤلاء بقناعاتهم التامة يرون أن مصر لن تصلح إلا إذا تصدى لحكمها عسكرى.
قبل ثورة يونيو كان هؤلاء القادة القدامى حريصين كل الحرص على نفى أى علاقة بينهم وبين القوات المسلحة.. حتى لا يتم تفسير الأمر على أن الجيش طرف فى المعركة السياسية المشتعلة، لجأوا إلى قيادات سابقة فى القوات المسلحة، وكان من بين هؤلاء القادة الفريق سامى عنان.
فى مايو 2013 وقبل ما يقرب من شهر من ثورة يونيو حاول سامى عنان أن يتصدر المشهد السياسى من خلال هذا الحزب، قرر مؤسسوه أن يترأس عنان ائتلافاً عسكرياً تحت اسم «مقاتلون من أجل مصر» يضم عددا من العسكريين للتصدى لكل العمليات الإرهابية فى سيناء والعمل على تطوير قناة السويس وحماية حلايب وشلاتين من السودان.
لقد عرض مؤسسو الحزب على سامى عنان أن يترأس الحزب، لكنه رفض، وكانت حجته أنه لا يستطيع أن يترأس حزبا سياسيا فى الوقت الذى يشغل فيه منصب مستشار عسكرى للرئيس محمد مرسى، فاكتفى مؤسسو الحزب بإشراك عنان فى بعض أنشطتهم، ولم يكن الإعلان عن «ائتلاف مقاتلون من أجل مصر» إلا للاستهلاك الإعلامى فقط، فليس لحزب سياسى أن يتصدى لعمليات إرهابية أو يعمل على تطوير القناة أو يحافظ على حلايب وشلاتين فى وجود القوات المسلحة، حتى لو كان من أسسوا هذا الحزب من بين أبناء المؤسسة السابقين.
لقد اختفى مؤسسو حزب الإرادة والبناء من المشهد السياسى، وتراجع قادة الحرب القدامى إلى الصفوف الخلفية مرة أخرى، بعد أن أصبح قادة القوات المسلحة فى صدارة المشهد ويقومون بكل ما أرادوا تنفيذه، ثم إن هبتهم بالأساس كانت ضد الإخوان وحكمهم ورئيسهم.. ولأن هذا الخطر زال فلا داعى للانشغال بالسياسة.
لقد احتفى مؤسسو هذا الحزب بالفريق سامى عنان، وفى إحدى الاحتفاليات التى أقامها وشارك فيها وجد من يرحب به ويقول له: أهلا بك سيادة الرئيس، فى إشارة واضحة إلى أن الحزب كان قد قرر أن يكون عنان مرشحهم فى الانتخابات الرئاسية القادمة، التى لم يكن يعلم أحد وقتها أنها ستكون سريعة ومبكرة جدا، وأن مصر لن تنتظر أربع سنوات على محمد مرسى، لأن بقاءه لأربع سنوات كان معناه الخراب الكامل والتام.. لكنهم الآن تركوه فى العراء.. فليس لهم أن يفكروا فى قائد عسكرى يقود البلاد، ولديهم قائد أخذ جماهيريته وشعبيته مما فعله وقدمه للمصريين بالفعل. حالات التخلى التى قابلت سامى عنان جعلته يبحث عن مناصرين جدد يمكن أن يمثلوا إضافة فى معركته الرئاسية، لقد قرر أن يلعبها انتخابات بعيدا عن السياسة، وهى لعبة تقوم على التربيطات والمصالح وشراء الولاءات والوعود المسبقة، وهى الوعود التى تجعله مدينا لمن ساهموا فى صعوده إلى المنصب، ويمكن لنا أن نحدد فئات معينة يعتمد عليها سامى عنان فى حربه ضد المرشحين العسكريين المحتملين فى انتخابات الرئاسة القادمة.
الفئة الأولى: رجال أعمال عصر مبارك الذين يرتبط بهم سامى عنان بعلاقات وثيقة، وهؤلاء يثقون فى الفريق ويدعمونه بقوة، وإن كان هؤلاء يقفون من الرجل موقفا حذرا الآن، فلو قرر الفريق السيسى ترشيح نفسه فى الانتخابات الرئاسية، فسوف ينحاز له هؤلاء على الفور، لأنهم فى النهاية يميلون إلى الكفة التى يعرفون أنها ستكون الراجحة، وبميزان المصالح فإن مصلحة هؤلاء وقتها لن تكون مع عنان على الإطلاق.
رجال أعمال مبارك لا يؤيدون سامى عنان من مساحة رغبتهم فى إعادة إنتاج نظام مبارك، فهذا ليس فى ذهنهم من الأساس، فمبارك نفسه بالنسبة لهم انتهى، لكنهم يعملون من أجل دعم رئيس سيدعم مصالحهم، ولن يكون من بين مشروعه تفتيتهم والسيطرة على مشروعاتهم، كما فعل قيادات الإخوان معهم، حيث عمل خيرت الشاطر وحسن مالك على حصار رجال أعمال مبارك، ووصلا معهم إلى درجة المساومة، إما الشراكة وإما لا شىء على الإطلاق.
الفئة الثانية: وهذه فى حد ذاتها مفاجأة.. فمن بين مليونيرات التيار الإسلامى، ورجال أعمال الجماعات الإسلامية من يميلون إلى ضفة عنان، ولن يكون غريبا أن يساهم بعضهم فى حملته الانتخابية، وليس خافيا على كثيرين توجه سامى عنان إلى رجال أعمال الصعيد، وتحديدا الذين ساندوا محمد مرسى ووقفوا إلى جواره فى حملته الرئاسية، وهؤلاء اعتقادا منهم أن السيسى هو الخصم الأول والأكبر للتيارات الإسلامية، فإنهم قرروا ألا يقفوا مكتوفى الأيدى حتى يجدوا أنفسهم فى مواجهته رئيسا، ولذلك فهم يعملون من أجل تصعيد عنان اعتقادا منهم أنه يمكن التفاهم معه وربما تطويعه لمصالحهم.
الفئة الثالثة: يحتاج التعامل معها بحذر، لقد استطاع سامى عنان أن يوثق علاقاته مع عدد من ضباط أمن الدولة ممن خرجوا من الخدمة بعد الثورة، وهؤلاء عاد بعضهم إلى الجهاز مرة أخرى، ويستفيد سامى منهم بشكل كبير من خلال علاقاتهم فى دوائر عملهم السابقة، وتحديدا علاقاتهم مع العائلات الكبيرة فى مساحات عملهم، ولأن العائلات الكبيرة تلعب دورا كبيرا سواء فى الانتخابات البرلمانية أو الرئاسية، يصبح ضباط أمن الدولة من أصدقاء سامى عنان رقما مؤثرا فى المعادلة.
لقد أدرك سامى عنان أنه سيفشل تماما إذا دخل المعركة الرئاسية من باب السياسة، فلا هو يملك تاريخا سياسيا مميزا، ولا هو يستطيع أن يتخفف من مسؤولية وصول مصر إلى ما وصلت إليه الآن.. ولذلك فضل أن يدخل المعركة الرئاسية من باب لعبة الانتخابات.. وهو ما سيجعله يسلك كل الطرق لتحقيق حلمه الكبير.. لأن هذه بالفعل فرصته الأخيرة.
موضوعات متعلقه :
حرب الجنرالات " الحلقة الأولى ".. أشباح الإخوان تطارد رجل مبارك المخلص .. الصراع على كرسى الرئيس
حرب الجنرالات.. " الحلقة الثانية " .. الصراع على كرسى الرئيس .. ننفرد بنشر الحلقة المحجوبة من مذكرات عنان
الأربعاء، 13 نوفمبر 2013 07:42 ص
سامى عنلن
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
نبيل قطب
انتو مع مين ؟
عدد الردود 0
بواسطة:
BB
التاريخ يعيد نفسه
عدد الردود 0
بواسطة:
عبدالله م .
وش فىوش
عدد الردود 0
بواسطة:
عبد الحميد
من يعرفة هم ضباط الجيش