أسماء سليمان تكتب: أطفال الشوارع فى مجتمع فاقد العدالة

الأربعاء، 13 نوفمبر 2013 08:18 ص
أسماء سليمان تكتب:  أطفال الشوارع فى مجتمع فاقد العدالة صورة أرشيفية

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
الذباب يداعب جسده المتعرى.. صوت الكلكسات.. ضوء يزداد ويزداد.. نداء معدته الفارغة.. تكالبوا عليه فأزاحوا ستائر جفونه من أمام مقلتيه.

عدل جلسته على سرير من الأسفلت.. لن يحتاج لإزالة الغطاء.. فغطاؤه الظلام.. وقد أزيل تعنتا مع أول شعاع للشمس يصل إلى الأرض.

وقف منحنيا... فهندسة الكوبرى لم تكن بالسخاء الكافى لتمنحه فراغا يكفى 115 سنتيمترا قابلين للزيادة...

لم يكن فى احتياج لأن يجمع أمتعته.. فكل ما بقى له هو ثلاثة جنيهات خبئها فى جيب بنطاله المتهالك.. وقميص غير معلوم لونه.. عرى أكثر مما ستر من خلال فتحاته المتناثرة.. وفردتا حذاء مختلفتان.. يجمعهما أنه لا نعل لهما سوى بعض السنتيمترات مازالتا على عهدهما بمقاومة أرض قاسية... وإخفاء أقل من ربع قدم لم يختلف لونهما عن لون ما يسيران عليه.

بدأ رحلته المعتادة فى عبور كتل من اللحم جاورته ليلة بأكملها فى نفس النومة على نفس الأسفلت... يتفاداهم من جسد إلى جسد.. خيفة أن يوقظ أحدهم فيبدأ يومه بعراك ربما ينتهى بكسر أحد أضلعه، الآن يمكنه فرد ظهره.. الآن يمكنه الوقوف مستقيما... أشعة الشمس استقبلته... أناس كثيرة كقبيلة نمل تهرول هنا وهناك كل منشغل بأمره... سيارات... حياة أخرى غير التى ودعها لتوه تحت الكوبرى.

لم يجذب نظره زى مدرسى أزرق لطالب فى نفس طوله.. ولا حقيبة مدرسية رسم عليها أحد أشكال الكارتون التى كانت آخر ما تركها على شاشة تلفاز منزله قبل أن يأخذ جرعته اليومية من الضرب التى جعلته يرحل بلا عودة، ولا حتى تلك اليد الحانية التى تمسك بيد ابنها الذى ودع مثلها يوما قبل أن تتعالى أصوات الصراخ ويتعرف على كلمه (موت) لأول مرة فى حياته..

ولكن ما جذب نظره هو ذلك الطعام الذى بين أصابع طفل ثم بين أسنانه ثم يختفى.. مما جعل معدته تزداد فى الصراخ طلبا للنجدة...

يستسمح هذا... ويسأل ذاك وأشعة الشمس قربت على فراقة هذا اليوم أيضا.. ونسمه هواء تستبدل أشعتها بالتدريج... ثم صوت لفرامل هائجة... أغلق عينيه مستسلما لنداء يبدو أنه جاء سريعا اليوم مختلفا... فاستبدل الكوبرى بعجلات السيارة.. ولكن ما يجمعهما هو ألم معدته الفارغة التى سيزول نداؤها حتما ما أن تقابلا جفنيه.





مشاركة




التعليقات 1

عدد الردود 0

بواسطة:

Israa Asker

ابداع !!!!

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة