وائل السمرى يكتب.. راية القاعدة ليست راية رسول الله.. الأحاديث النبوية قالت إن راية الرسول كانت صفراء أو حمراء أو بيضاء أو سوداء.. وحديث عبارة التوحيد "ضعيف" ومعظم أحاديث "الراية" لم تأتِ فى الصحاح

الثلاثاء، 12 نوفمبر 2013 06:04 م
وائل السمرى يكتب.. راية القاعدة ليست راية رسول الله.. الأحاديث النبوية قالت إن راية الرسول كانت صفراء أو حمراء أو بيضاء أو سوداء.. وحديث عبارة التوحيد "ضعيف" ومعظم أحاديث "الراية" لم تأتِ فى الصحاح راية القاعدة السوداء
وائل السمرى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
فى الثلاثاء 13 أغسطس 2013 كتبت مقالاً بعنوان "تجريم حمل علم القاعدة"، وقلت فيه "المطلوب الآن أن يقف الشعب المصرى لهذا الغزو الأسود لبلدنا بكل حزم وقوة، فليس بعد الكفر إثم، ولا يعنى حمل علم الإرهابيين سوى أن حامله كافر بالدولة، ناكر لمواثيقها وقوانينها"، ودعوت فى هذا المقال إلى سن قانون يجرم حمل مثل هذه الرايات، قائلا "لابد من إصدار قانون يجرم حمل الإشارات الإرهابية، أو ترديد العبارات والإيماءات التى تحرض على الكفر بالوطن" وبعد أقل من شهرين من كتابتى هذا المقال صدر قانون العلم المصرى الذى يجرم حمل أى علم غير علم مصر، كما يجرم العبث بالعلم أو إهانته، لكن للأسف من حين لآخر يمرر بعض الجهلة معلومة مفادها أن علم القاعدة "الأسود" كان هو العلم الرسمى لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنى حينما دعوت إلى تجريمه إنما أردت أن أجرم سنة من سنن رسول الله، وهذا هو الافتراء بعينه والكذب على الكاتب وعلى رسول الله فى آن واحد، وقبل أن أدعوك إلى رفض هذه المقولات وتكذيب قائليها، أدعوك إلى اكتشاف أصل هذه المقولات فى كتب الدين والتراث والتاريخ لتعرف كيف يلون هؤلاء الإرهابيون تاريخنا وديننا.

انظر إلى نص تحقيقات الإرهابى "عادل حبارة" لتعرف كيف ينظر هؤلاء الإرهابيون إلى "رمزية العلم"، وكيف يعتبر واحد مثل "حبارة" أن انتشار هذه الراية السوداء دليلا على عودة ما يسمونه زورا بـ"الخلافة"، برغم أن مسألة حمل الرسول أو الصحابة لهذا العلم أمر مشكوك فى صحته، والثابت أن الرسول عليه الصلاة والسلام لم يتخذ علما واحدا بل كان له العديد من الأعلام، ومسألة الادعاء بأن هذه الراية السوداء كانت علما للرسول مسألة غاية فى الخطورة لأنها تضفى قدسية على ممارسات إرهابية، وتجعل كل جهودنا فى تنقية الإسلام من مشوهيه عبثاً فى عبث، ولذلك أرى أنه من الواجب أن نلقى الضوء على موضوع "راية الرسول"، التى يدعى هؤلاء الإرهابيون عليها زورا، لنكتشف الأسس التاريخية لهذه الراية السوداء التى أصبحت رمزا للإرهابيين فى كل زمان ومكان.

فى البداية نستعرض ذلك الحديث الذى يتكئون عليه فى الادعاء بأن هذه الراية السوداء كانت راية الرسول، فقد سئل البراء عن رايته صلى الله عليه وسلم، فقال: كانت سوداء مربعة من نمرة، رواه أبو داود والترمذى، وعلق الترمذى بعد إخراجه‏ هذا الحديث، قائلا: هذا حديث حسن غريب لا نعرفه إلا من حديث ابن أبى زائدة انتهى‏، وفى إسناده أبو يعقوب الثقفى واسمه إسحاق بن إبراهيم قال ابن عدى الجرجانى: روى عن الثقات ما لا يتابع عليه‏.‏ وقال أيضًا وأحاديثه غير محفوظة‏، وقال المحدث الحافظ بدر الدين العينى: وروى أبو يعلى فى (مُسْنده) وَالطَّبَرَانِى فِى (الْكَبِير) من حَدِيث عبد الله بن بُرَيْدَة عَن أَبِيه، قَالَ: كَانَت راية رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سَوْدَاء وَلِوَاؤُهُ أَبيض، وروى أبو الشَّيْخ بن حَيَّان من حَدِيث عَائِشَة، رَضِى الله تَعَالَى عَنْهَا، قَالَت: كَانَ لِوَاء رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَبيض، وروى أَبُو دَاوُد من رِوَايَة سماك بن حَرْب عَن رجل من قومه عَن آخر مِنْهُم، قَالَ: رَأَيْت راية رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، صفراء، وروى ابْن عدى من حَدِيث ابْن عَبَّاس، قَالَ: كَانَت راية رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سَوْدَاء وَلِوَاؤُهُ أَبيض مَكْتُوب بِهِ: لَا إله إلاَ الله مُحَمَّد رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وروى الطَّبَرَانِى فِى (الْكَبِير) من حَدِيث جَابر: أَن راية رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَت سَوْدَاء. وروى ابْن أبى عَاصِم فِى (كتاب الْجِهَاد) من حَدِيث كرز بن أُسَامَة عَن النَّبِى صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، أَنه عقد راية بنى سليم حَمْرَاء، وروى أَيْضا من حَدِيث مزيدة، يَقُول: كنت جَالِسا عِنْد رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فعقد راية الْأَنْصَار وَجعلهَا صفراء. ثم قال العيني: فَإِن قلت: مَا وَجه التَّوْفِيق فِى اخْتِلَاف هَذِه الرِّوَايَات؟ قلت: وَجه الِاخْتِلَاف باخْتلَاف الْأَوْقَات، وقال ابن حجر: ولأبى الشيخ من حديث ابن عَبَّاسٍ كَانَ مَكْتُوبًا عَلَى رَايَتِهِ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ. وَسَنَدُهُ وَاهٍ. وَقِيلَ كَانَتْ لَهُ رَايَةٌ تُسَمَّى الْعِقَابَ سَوْدَاءُ مُرَبَّعَةٌ، وَرَايَةٌ تُسَمَّى الرَّايَةَ الْبَيْضَاءَ وَرُبَّمَا جُعِلَ فِيهَا شَيْءٌ أَسْوَدُ.

ما سبق هو أغلب الأحاديث الواردة فى أمر رايات الرسول صلى الله عليه وسلم وقد جمع معظمها الشوكانى فى "نيل الأوطار" وغيره من الحفاظ والشارحين والمحدثين، وبالنظر إلى هذه الأحاديث نجد أن الحديث الذى رواه "الترمذى" علق عليه قائلا إنه حديث غريب وانفرد به ابن أبى زائدة كما أن أمر كتابة عبارة التوحيد على العلم أمر مشكوك فى صحته من الأساس لقول ابن حجر عن هذا الحديث أن سنده واه، ما يعنى أن كلا الأمرين مشكوك فى صحته، وبالعودة إلى تلك الأحاديث الخاصة بالرايات على عهد الرسول نجد أن معظمها لم يرد فى كتب الصحاح، كما أن ما ورد فيها يؤكد أن للرسول أكثر من راية منها الحمراء والبيضاء والصفراء، وأن هذه الرايات كانت تتخذ فى أوقات مختلفة، ما يعنى أن الرسول الكريم بل يقتصر على تلك الراية السوداء حتى وإن كان قد اتخذها فى يوم من الأيام، وهناك أقاويل أخرى تزعم أن الرسول صلى الله عليه، كان يتخذ تلك الراية السوداء وقت الحروب ويتخذ الراية البيضاء فى وقت السلم، وسواء أن اتفقنا أو اختلفنا على أمر الرايتين (البيضاء والسوداء) فالمؤكد أن مسألة رفع الرايات من الأساس لم يكن إلا فى أوقات الحرب، ناهيك عن غرابة الأحاديث التى تدعى أن راية الرسول كانت سواء أو ضعف الأحاديث التى تدعى أنه اتخذ عبارة التوحيد شعارا، والثابت تاريخيا هو أن تلك الراية هى راية الدولة العباسية، وأن أول من رفعها هو الخليفة العباسى الأول "عبد الله الأول بن محمد بن على" الملقب بالسفاح، لكثرة قتلاه وخلاف هذا فمن المؤكد أيضا أن مسألة رفع الراية أيا كان لونها كان بمثابة إعلان الحرب على من ترفع فى وجهه، وهو ما يجزم بتحريم رفعها فى داخل البلاد، لقوله صلى الله عليه وسلم "كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه" ولقوله المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه" ولا تقتصر حماية الإسلام على المواطنين من المسلمين فحسب، وإنما تمتد لتشمل أهل الذمة والكتابيين والمستأمنين، لقوله تعالى "من آذى ذمى فأنا خصمه ومن خصمته قسمته" وقوله "من قتل نفساً معاهداً لم يُرح رائحة الجنة، وإن ريحها ليوجد من مسيرة أربعين عاماً.

الخلاصة هى أن مسألة اتخاذ رسول الله صلى الله عليه وسلم لتلك الراية السوداء أمر مشكوك فى صحته، والغالب أنه صلى الله عليه وسلم كان له العديد من الرايات منها الأحمر والأبيض والأصفر، كما أن مسألة رفعها فى داخل البلاد محرم حرمة الدم لأنها تعنى إعلان الحرب، كما تعنى تكفير المجتمع كله لأنها لم تكن ترفع إلا فى وجه الكفار، والأهم من كل هذا هو أنه لا يصح أن نتخذ من إحدى ممارسات الرسول صلى الله عليه وسلم حجة للقتل والإرهاب حتى ولو كان من الثابت أن الرسول أمر بها أو مارسها، فالإسلام دين مكتمل الأركان ومن أهم ثوابته ومقاصده هى حفظ هى حفظ الدين وحفظ النفس وحفظ العقل وحفظ النَّسل وحفظ المال" ومن يضيع هذه الثوابت فهو يحارب الله ورسوله حتى ولو رفع راية الرسول أو امتشق حسامه.





مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة