مر ما يتجاوز المائة يوم على تولى الدكتور محمد عبد المطلب وزير الموارد المائية والرى حقيبة الوزارة، والتى جاءت فى ظروف استثنائية واكبت ثورة يونيو وبعد حكم إخوانى أثبت فشلاً ذريعاً فى مواجهة ملف المياه، سواء على المستوى الداخلى أو فيما يخص المستوى الخارجى، وسد النهضة الإثيوبى والعلاقات مع باقى دول حوض النيل.
وفى خلال سنة مضت قبل تولى عبد المطلب المسؤلية، واجه الملف أصعب تداعياته السلبية بعد إعلان إثيوبيا تحويل مجرى النيل لاستكمل إنشاءات سد النهضة، الذى أنهت منه حتى الآن نحو 25% من بناياته، وبات واضحاً حالة الضعف الدبلوماسى والسياسى والتأثير المصرى على القرار الإثيوبى، والمعالجة الفاشلة من نظام مرسى ورد فعله تجاه أزمة سد النهضة.
هذا الضعف وذلك الفشل لم يطول النظام فقط، بل ألقى بظلاله بطبيعة الحال على وزارة الرى فى تلك الحقبة، والتى جاء اختيار الكثيرين منهم بنظرية أهل الثقة "الإخوانى" وليس بالكفاءة، وعليه فقد تأثر الأداء بشكل واسع، وهو ما أدى أيضاً إلى حمل الوزير الجديد " محمد عبد المطلب" "تركة" ثقيلة، تطلب منه أن يعمل معها وبينها، حتى يستطيع "تجميع" كافة الخيوط فى يده خلال أقرب وقت ممكن، ربما جاءت حركة التغييرات الواسعة التى قام بها مؤخراً تعبيراً عن ذلك وفرض لرؤيته على مهام العاملين معه ومساعديه فى المهام التى ينبغى لوزارة الرى أن تتعامل معها داخليا وخارجيا.
وجاء "عبد المطلب" وأمامه الكثير من التحديات، منها أن يكون معبراً وبحق عن تطلعات من خرجوا فى ثورة يونيو – مثل باقى أعضاء حكومته- لإعادة المسار إلى دور مصر فى المنطقة، خاصة الإفريقية منها دول حوض النيل التى تعد المركز والرافد الرئيسى لقضية المياه لمصر، وهو أمر يرتبط كثيرا بالسمات الشخصية ومدى كفاءة الرجل وفهمه لتفاصيل العمل بالملفات المتعلقة به.
إذا تحدثنا عن القضايا الداخلية المرتبطة بالرى، فإن الجهود التى قام بها عبد المطلب خلال المدة الوجيزة الماضية، وجولاته، ومعالجته لبعض الأزمات وربما أهمها أزمة "الصف"، ورغم أنه كان يؤدى فريضة الحج، إلا أن القرارات التى اتخذها باستبعاد من رآهم مسئولين عما جرى، تظهر أن الرجل لديه الرغبة العارمة فى تصحيح الأوضاع، وأنه يملك "القدرة" على ذلك فى ضوء الإمكانات المتاحة، وأن المزيد من الوقت له ربما يتيح له أيضاً مزيدا من الحركة نحو إصلاح التداعيات السلبية للفترة الماضية التى تركها له الوزير السابق فى عهد الإخوان.
كما أصدر حركة تغييرات كبيرة لـ15 من قيادات الوزارة شملت عددا من التكليفات والانتدابات بمختلف قطاعات الوزارة، حيث كلف الدكتور أشرف الأشعل (مدير معهد بحوث الإنشاءات) مساعدا للوزير فى مجال البنية الأساسية للرى والصرف، ود. محمد رامى (الأستاذ الباحث بالمركز القومى لبحوث المياه)، للعمل مساعدا الوزير للبحوث والتكنولوجيا، والدكتور هشام مصطفى الأستاذ الباحث بمعهد بحوث إدارة المياه وطرق الرى بالمركز القومى لبحوث المياه للقيام بعمل رئيس قطاع التدريب والتنمية البشرية بديوان عام الوزارة، والمهندس إبراهيم على محمود – مدير عام الموارد المائية والرى بشرق قنا – للقيام بعمل رئيس الإدارة المركزية للرى المصرى بالسودان.
وسعى عبد المطلب منذ توليه الوزارة على تثبيت العمالة المؤقتة حيث تم تغيير الشكل التعاقدى لحوالى 12 ألف موظف فى مصلحة الرى إلى جانب 9 آلاف فى هيئة الصرف، فوزارة الرى كانت تعانى من مشكلة العمالة المؤقتة، والتى بلغت قبل يناير 2011، أكثر من 52 ألف مؤقت، وفى إطار الحرص على توفيق واستقرار أوضاع تلك العمالة، فقد بلغت نسبة من تم توفيق أوضاعهم نحو 80% حتى الآن، وجار استكمال النسبة المتبقية خلال الفترة القادمة.
وفى إطار ترشيد النفقات الحكومية قرر عبد المطلب إلغاء المناقصة الخاصة بطبع نتائج واجندات العام الجديد، والتى تقدر تكلفتها الأولية حوالى 300 ألف جنيه، وذلك فى إطار خطة الوزارة لترشيد النفقات، كما قرر عدم قيام الهيئات والمصالح التابعة للوزارة شراء سيارات جديدة، وأن يقوم القيادات فى حالة وجود أية أعطال بسياراتهم الحالية أن يقوموا بإصلاحها على حسابهم الخاص أو استخدام السيارات التابعة للمشروعات "دوبل كابينة".
وبعد توقف ما يقرب من 20 عاما، قرر عبد المطلب إعادة تفعيل منتدى شباب المتخصصين، حتى يمكن أن يقوم بدوره فى إعداد وتنفيذ الخطط المستقبلية للموارد المائية واستراتيجيات الوزارة، وكذلك المشاركة فى وضع مقترحات لحلول بعض المشكلات والتحديات التى تواجه مصر، لمواجهة هذه التحديات وفى نفس الوقت دعم تواصلهم مع كافة قيادات الوزارة بما يسهم فى خلق كوادر شابة وصف ثان قادر ومؤهل على تحمل المسئولية مستقبلا.
كما قرر عبد المطلب، تخصيص 20% من الدرجات القيادية الخالية بالوزارة للشباب دون سن الأربعين، لتجديد دماء الوزارة بالكفاءات المبدعة التى لا تستطيع الوصول للمناصب القيادية بسبب الأقديمه، بالإضافة إلى تخصيص نسبة أخرى لهم فى أى سفريات أو تدريبات تنعقد بالخارج على أن تكون ممثلة لكل قطاعات الوزارة والمحافظات.
أما على مستوى الخارجى فلم يفعل شىء سوى التأكيد على الثوابت المصرية بعدم التوقيع على الاتفاقية الإطارية إلا بعد تحقيق المطالب المصرية، وتعديل بنود الخلاف التى رفضتها مصر والسودان لإضرارهم بالأمن المائى للدولتين، أما بالنسبة لقضية سد النهضة الإثيوبى فلم يطرأ جديد ربما لأن هناك وزارات أخرى مثل الخارجية وأجهزة سيادية لها دور وتتداخل فى الملف بشكل كبير، إلا أنه وحتى الآن لم يتحقق فيه جديد، ربما لأن هذا الملف له طبيعة خاصة ونعانى من مشاكل كثيرة فيه منذ سنوات، ولا يمكن أن تحل فى شهور فهى تراكم سنوات كثيرة من الجفاء بين مصر وإثيوبيا، وتحتاج إلى جهد كير من الدبلوماسية المصرية لفتح أبواب للتواصل مع تلك الدول.
من هنا يتضح لنا أن وزارة الرى لا تعمل وحدها فى ملفاتها، وهى ليست "سيدة قرارها" فى كل الأحوال، وقد أثبتت المدة القصيرة الماضية مع التغيرات السياسية التى جرت فى مصر والتحرك الدبلوماسى والحكومى وبعض الأطراف العربية أن وزارة الرى وزيرها باتوا أكثر استفادة من هذه التغيرات الجديدة فى "تدوير" قضية سد النهضة على المستوى الدولى وتعريف العالم بحقيقة الموقف.
"محمد عبد المطلب".. الرجل الذى حمل "تركة" ملف المياه عقب توليه وزارة الموارد المائية والرى.. غير عدد من القيادات وأعاد تفعيل منتدى الشباب وخصص 20% من الدرجات القيادية للشباب الذين لم يتجاوزوا الأربعين
الثلاثاء، 12 نوفمبر 2013 11:09 ص
محمد عبد المطلب وزير الموارد المائية والرى
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة