يخطئ من يقيّم الأفراد قياساً على تصرفهم فى لحظة من الزمن أو فعل واحد من الأفعال ويسرى ذلك على الأمم، فيخطئ من يقيّم الدول على فترة من الزمان، وهذا للأسف سوء حظ مصر مع مجموعة من الأشخاص الذين لم يعيشوا فترة كافية بمصر، تلك الفترة كانت فيها مصر مثل الرجل الكبير تنفق بسخاء وبلا امتنان وتقدم التضحيات المتوالية دون انتظار للشكر من يوم ليوم، ومن جيل لجيل، مصر بلد العرب، مصر منبر علم، العالم مصر، التى قال الشيخ محمد متولى الشعراوى عنها هى التى صدّرت علم الإسلام إلى بلاد الإسلام، مصر التى بها جامعة القاهرة، التى علمت مليون ومائة ألف عربى من جميع أنحاء الوطن بدون أى رسوم دراسية، بل وكانت تصرف لهم مكافآت التفوق مثلهم مثل الطلاب المصريين، هى التى كانت ترسل مدرسيها لتدريس اللغة العربية للدول العربية المستعمرة حتى لا تنهار لغة القرآن لديهم، وذلك على حسابها.
حركات النهوض والفكر وتحرر العالم العربى كانت مصر هى صوتها وهى مستودعها وخزنتها وكما قادت رسالة التنوير والأدب والشعر والثقافة والفن والحضارة إلى العالم كله، مصر بلد طه حسين وأحمد زويل ونجيب محفوظ وسعد زغلول، وكما تألقت فى الريادة القومية تألقت فى الريادة الإسلامية، فالدراسات الإسلامية ودراسات القرآن وعلم القراءات كان لها شرف الريادة، وكان للأزهر دور عظيم فى حماية الإسلام فى حزام الصحراء الأفريقى، بل لم تظهر حركات التنصير فى جنوب السودان إلا بعد ضعف حضور الأزهر وكان لها فضل تقديم الحركات التربوية الإصلاحية، مصر التى حققت انتصار على مدار الدهر على أعدائها كانت تحمل الإرادة الصلبة للخروج من ذل الهزيمة، مصر التى حملت بجيشها طعم المرارة الذى حملته لنا هزيمة 67.
ولكن دعنى أؤكد لك أنها كانت من أقسى ما يمكن أن تتصور، ولكن هل تعلم عن الإرادة الحديدية التى كانت عند مصر يومها؟
إن صغر سنى قد حمانى أنا وغيرى من الشباب من أن نذوق طعم المرارة، أعادت بناء جيشها فحولته من رماد إلى مارد، وفى ستة سنوات وبضعة أشهر فقط نقلت ذلك الجيش المنكسر إلى أسُود تصيح الله أكبر وتقتحم أكبر دفاعات عرفها التاريخ، مليون جندى لم يثن عزيمتهم تفوق سلاح العدو ومدده ومن خلفه، بالله عليك كم دولة فى العالم مرت ستة سنوات وهم لا يدرون شيئا عن حياتهم سوى مصر وكلمة مصر وتراب مصر، الحقيقة مصر تحتاج مجلدات لكى تكتب عنها.
على حسن السعدنى يكتب: أعيدوا لمصر قوتها تنقذوا مستقبلكم
الثلاثاء، 12 نوفمبر 2013 10:14 ص