الفنون لها دور فى حياة الشعوب حيث إنها تبرز عادات وتقاليد الشعوب ونتعرف من خلالها على نوعيات المجتمعات بل هى رابط بين الشعوب وإظهار ونضال كفاح الأمم وتعتبر من الوثائق التاريخية، إن مصداقية العمل بمثابة احترام عقول المشاهد تلعب أيضا السينما دوراً كبيراً فى قضايا المجتمع لمواكبة الأحداث، هذا النوع من السينما الواقعية والجميع يعتقد أنها بدأت فى الخمسينات على يد المخرج ابن الحارة المصرية الأصيلة (صلاح أبو سيف) ولكن بداية السينما الواقعية بدأت مع أول فيلم روائى صامت، قصة الراحل محمد حسين هيكل، عام 27 ورائد السنيما المصرية المخرج (محمد كريم) هو أول مخرج للسينما المصرية الروائية وقد بدأ محمد كريم كمصور فوتوغرافى وسافر بعدها إلى ألمانيا، وكان ذلك بعد الحرب العالمية الأولى لدارسة التصوير السينمائى وبعد عودته لمصر شارك مع فريق الشباب المحبين لفن التمثيل وكانت البداية فى العمل الراوئى الصامت (زينب) وكان أبطال العمل ذات حس وطنى ومعبرين عن هموم الوطن والفلاح المصرى وهذا العمل تظهر فيه الأحداث التى مر بها الوطن فى ظل الاحتلال والإقطاع واضطهاد الفلاح المصرى، بمعنى أن هذا العمل مواكب للأحداث الواقعية فى ذلك الوقت والطريف أن أبطال العمل من الطبقة الباشوية، والذى جسد شخصية الفلاح المصرى المضطهد الراحل (زكى رستم بن رستم باشا) والطبقة الارستقراطية الفنانين (سراج منير- بهيجة حافظ بنت القصور) وأيضاً الطبقة المتوسطة الراحلة (دولت أبيض) وكان هذا بمثابة مزيج وروح العمل الواحد ولم يفرق بين الطبقة العليا والطبقة المتوسطة وقد عانى أبطال العمل من اضطهاد من خلال المناخ السياسى وذويهم من طردهم من حياة الارستقراطية وإصرارهم لحبهم لفن التمثيل (السينما الواقعية) الذى يعبر عن هموم وقضايا الأمة وقد توالت بعدها المدرسة الاجتماعية التى تعبر عن الإرادة والشخصية المصرية من خلال العامل والفلاح المصرى الأصيل واستعلاء بعض الطبقات الارستقراطية للطبقات البسيطة وجذور انهيار أطفال الشوارع وجذورها الأسرية والمجتمعية وصاحب هذه المدرسة الراحل يوسف بك وهبى الذى عبر عنه فى فيلم أولاد الشوارع عام 32 وقد تخرج من مدرسته العديد من التلاميذ الذين أثروا فى السينما المصرية بالأحداث والوثائق التاريخية على سبيل المثال الفنان (محمود المليجى) الذى جسد دور الواقعية فى فيلم الأرض دون دوبلير (بنفسه) يعبر عن تمسك الفلاح بأرضه ومن المخرجين (المخرج حسن الإمام) وآخرين والسيد بدير والممثل والمخرج السورى (الشامل) عاشق السينما المصرية أنور وجدى وأيضا ملك الترسو أحد أبناء السينما الواقعية (فريد شوقى) وقد تمرد يوسف وهبى على مجتمعه وقد انعكس ذلك على معظم أعماله وبين بعض الطبقات الأرستقراطية واستعلائها ثم بعد ذلك ظهرت مدرسة كمال سليم الواقعية عام 39 فيلم العزيمة الذى عبر فيه عن الظروف التى مرت بها مصر وحقيقة الوضع الاجتماعى لدى الشعب المصرى وكان من أحد تلاميذه فى هذا العمل صلاح أبوسيف الذى عمل مساعداً.
وفى أواخر الأربعينات مع مطلع الخمسينات بدأ ظهور مدرسة الواقعية المتطورة للمخرج صلاح أبو سيف مع العلم تأثره بمدرسة الواقعية الاجتماعية ورائدها يوسف بك وهبى، وقد انعكس ذلك على بعض أعماله (الأسطى حسن) عام 52 (وبداية ونهاية) عام 59 وبعض الأعمال الأخرى وكان لدوره تطور فى الواقعية كقضايا وفكر وثقافة وذات حس وطنى وهذا يرجع إلى المناخ السياسى والاجتماعى الذى عايشه (صلاح أبو سيف) واهتمامه بالقضايا العمالية من خلال عمله فى بداية حياته فى مصانع النسيج فى المحلة الكبرى وقد انعكس كل هذا على أعماله وما تحمله من مفاهيم كثيرة عن حرية وقيمة الوطن وكرامة الأمة مع العلم إنه كان عضواً فى اللجنة المركزية بترشيح من مجلس قيادة الثورة والزعيم جمال عبد الناصر بسبب أعماله التى تعبر عن إحساسه لدى هموم الوطن وكان أيضاً من تلاميذ صلاح أبو سيف الراحل (عاطف الطيب) ونتمنى أن تعود السنيما الواقعية لزمن الفن الجميل الملىء بالتراث الذى يعيش فى وجدان الأمة والسنيما الواقعية هى ذاكرة الأمة.
سلامة محمد طرمان يكتب: السينما الواقعية ذاكرة الأمة
الثلاثاء، 12 نوفمبر 2013 08:02 م
صورة ارشيفية
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة