ما أكثر ما نسمع ونقرأ ونتحدث عن تقصيرنا فى كذا، وعدم استطاعتنا لكذا، وتقليدنا لكذا، وعجزنا عن كذا، وفقرنا فى كذا، ولكن قلما نعثر بيننا على من يتوفر بإخلاص وجهد واجتهاد على ما وصلنا إليه بالفعل وما حققناه فى الواقع، فيدرسه دراسة دقيقة وينظمه ويصفيه ويقومه ويبرزه حتى يكون أساساً لطبقات أخرى منتظرة ودرجات أخرى منشودة، هذه الروح الإيجابية البنّاءة يندر أن نراها فى بلادنا الآن بل لقد بلغ من تمكن الروح السلبية فينا أننا نرى بيننا من إذا أراد أن يشيد بعمل أو شخص لم يجد طريقة يعبر بها غير أن ينتقص من قدر عمل آخر أو شخص آخر، فهو لكى يضع حجرا لابد أن يسقط آخر ولهذا لا يمكن أن يقوم بناء.
هذه الكلمات ليست لى ولم تكتب فى العام الثالث عشر من الألفية الثالثة وإنما هى لأديبنا الكبير توفيق الحكيم من مقال نشر له عام 1946 من القرن الماضى وإن كان لى أن أضيف إليها فلا أقل من علامة استفهام كبيرة، تتلوها علامة تعجب أكبر لكوننا رغم كل هذه النصائح وتغير الأجيال وقيام الثورات ووضع برامج التعليم والإصلاح وازدياد مساحة التشدق بالدين والقيم لم نتغير كثيرا عن ذى قبل بل إن ما قيل من أكثر من ستين عاما يكاد ينطبق انطباقا تاما على ما نعيشه الآن، فهل أجد تفسيرا لدى علماء الاجتماع شريطة وضع الحلول القابلة للتنفيذ وأن يتولى أولو الأمر ثورة التغيير وأن تتولد فينا الرغبة الصادقة فى السير نحو الكمال والإحسان الذى يحبه الله؟
صورة أرشيفية
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة