قال البنك الأوروبى للإنشاء والتعمير، إن اقتصاديات بعض البلدان الواقعة فى جنوب وشرق البحر المتوسط (مصر والأردن والمغرب وتونس) لا تزال تواجه ظروفا خارجية سلبية تفرض عليها الحصول على تمويل خارجى كبير.
ولم يحدد البنك قيمة الأموال التى تحتاجها الدول الأربع لدعم اقتصادياتها المحلية ومواجهة المشاكل المتعلقة بعجز الموازنة العامة ومشاكل الفقر والبطالة وارتفاع الأسعار، كما لم يحدد كيفية الحصول على هذه الأموال، وما إذا كانت ستأتى عبر القروض من مؤسسات مالية دولية أو عبر المنح من دول غربية.
وذكر البنك الأوروبى فى تقرير له صدر أمس الأثنين أن حالة عدم اليقين السياسى والاقتصادى فى بلدان المنطقة تؤثر على السوق وثقة المستهلك، مشيرا إلى أنه كرد فعل على الضغوط الاجتماعية، رفعت جميع البلدان الإنفاق الحكومى على المنافع الاجتماعية والدعم، مما أدى إلى تفاقم العجز المالى، كما اتخذت جميع البلدان بعض الخطوات الإيجابية نحو إصلاح أنظمة الدعم المكلفة، وخاصة من خلال رفع بعض أسعار الطاقة.
وقال البنك الأوروبى للإنشاء والتعمير فى التقرير الذى حصلت وكالة الأناضول على نسخة منه، إن ضغوط ميزان المدفوعات لا تزال قائمة فى البلدان الواقعة جنوب وشرق المتوسط، ولكن مستويات الاحتياطيات الدولية شهدت استقرارا.
موضحا أن برامج صندوق النقد الدولى فى الأردن، والمغرب، وتونس توفر عوامل وقاية ضد أى تدهور فى الظروف الخارجية لهذه البلدان، كما أن الدعم الثنائى من دول مجلس التعاون الخليجى والولايات المتحدة يوفر التمويل الحيوى للبلدان الأكثر تضررا.
وتوقع البنك الأوروبى للإنشاء والتعمير، أن يظل النمو فى منطقة جنوب وشرق البحر المتوسط متواضعا فى عام 2013، وأن يرتفع فى عام 2014، ففى مصر وتونس، من المتوقع أن يتأثر الأداء الاقتصادى بحالة عدم اليقين المحلية والسياسية، بينما فى الأردن والمغرب، فإن البيئة الخارجية ستكون عاملا أساسيا فى الانتعاش الاقتصادى.
ويرى تقرير البنك أن ضمان الاستدامة المالية والخارجية لا تزال تشكل تحديا رئيسيا لاستعادة استقرار الاقتصاد الكلى فى بلدان المنطقة، ولكن بعضها يواجه صعوبات فى تنفيذ برامج الإصلاح الاقتصادى لديها، حيث يتم مرارا تأجيل الإصلاحات الاقتصادية ذات الحساسية السياسية.
وفيما يتعلق بمصر، قال البنك الأوروبى للإنشاء والتعمير، إن الاضطرابات السياسية فى مصر بعد الإطاحة بنظام محمد مرسى فى يوليو الماضى أثرت بشدة على الاقتصاد، مما أدى إلى تراجع الأداء الاقتصادى العام، وإن حظر التجول الذى فرضته الحكومة المؤقتة كان له تأثير كبير على النشاط التجارى، كما لا تزال البلاد فى حالة الطوارئ.
وشهد النشاط التجارى بشكل كبير كما يتضح من المؤشرات الرائدة، ومن المتوقع أن يرتفع الناتج المحلى الإجمالى الحقيقى بنسبة 1.9% فى عام 2013 و3.2% فى عام 2014.
ويؤكد التقرير أن تدفق المساعدات الخارجية إلى مصر سيدعم الاقتصاد مؤقتا، ولكنها ليست بديلا عن الإصلاحات المطلوبة لمعالجة الضغوط المالية والخارجية التى لم تحل.
وأعلنت 3 دول خليجية، فى أعقاب عزل الجيش المصرى، الرئيس محمد مرسى الذى ينتمى إلى جماعة الإخوان المسلمين فى الثالث من يوليو الماضى، عن تقديم مساعدات لمصر بقيمة 15.9 مليار دولار.
وتوزعت المساعدات الخليجية بواقع 5 مليار دولار من السعودية، و6.9 مليار دولار من الإمارات و4 مليار دولار من الكويت.
وقال البنك المركزى المصرى يوم الخميس الماضى، إن احتياطى النقد الأجنبى خلال شهر أكتوبر الماضى، بلغ 18.59 مليار دولار، مقارنة بنحو 18.7 مليار دولار فى سبتمبر/، متراجعا بقيمة 110 مليون دولار خلال شهر.
ويأتى هذا الانخفاض للشهر الثانى على التوالى، حيث كان احتياطى النقد الأجنبى 18.92 مليار دولار فى نهاية أغسطس الماضى، ويغطى احتياطى مصر من النقد الأجنبى واردات البلاد لمدة 3 شهور، حسب محللين.
وفيما يتعلق بالأردن، يقول البنك الأوروبى للإنشاء والتعمير، إن الأداء الاقتصادى فى المملكة لا يزال ضعيفا وسط استمرار الاضطرابات الإقليمية، ومن المتوقع أن ينمو بنسبة 3% فى عام 2013، وهو أقل بكثير من متوسط معدل نمو قدره 6% على مدى العقد الماضى، مشيرا إلى أن الصراع فى سوريا أعاق التجارة، وأدى إلى تدفق أكثر من نصف مليون لاجئ، الأمر الذى لا يزال يشكل عبئا على توفير الخدمات العامة، والمالية العامة، وظروف سوق العمل.
وعلاوة على ذلك، يمكن للتطورات السياسية الأخيرة فى مصر، وخاصة فى شبه سيناء، أن تعيق عودة إمدادات الغاز الطبيعى إلى الأردن بشكل طبيعى، مما يشكل خطرا على التوازن الخارجى.
وفى ظل تعاظم خسائر الأردن بسبب توقف إمدادات الغاز المصرية، وصلت إلى 5 مليارات دولار، نتيجة تفجيرات متتالية بأنبوب الغاز الناقل، بات الأردن مجبرا على البحث عن أسواق جديدة لشراء الغاز، والذى يعد المادة الأقل تكلفة لتشغيل محطات توليد الكهرباء الأردنية.
وتقدر احتياجات الأردن فى ظل انقطاع الغاز المصرى بأكثر من 6 آلاف طن من الديزل و5 آلاف طن وقود ثقيل، وبقيمة تصل إلى 9.87 مليون دولار يوميا، وبما يزيد عن 296.1 مليون دولار شهريا.
وتشكل فاتورة الطاقة العبء الأكبر الذى يعانى منه الاقتصاد الأردنى حيث بلغت حوالى 2.3 مليار دولار للنصف الأول من العام الحالى مشكلة غالبية الواردات.
ويستورد الأردن كامل احتياجاته من النفط الخام من السعودية، وهو دولة غير منتجة للنفط إطلاقا، ويعتمد على المساعدات الخارجية خاصة الخليجية.
وتشير المؤشرات الرئيسية بالأردن إلى مزيد من ضعف النشاط الاقتصادى، وهو ما انعكس فى أداء الإنتاج الصناعى والسياحة.
واستمر الإنتاج فى المغرب فى التحسن فى عام 2013 بفضل استمرار انتعاش القطاع الزراعى، الذى يمثل حوالى 13% من الناتج المحلى الإجمالى و40% من العمالة.
وتباطأ النمو فى الإنتاج غير الزراعى إلى 1.9% فى الربع الثانى انخفاضا من 4.5% فى العام السابق.
وحسب البنك الأوروبى للإنشاء والتعمير فانه من المتوقع أن يتسارع النمو الشامل بالمغرب إلى حوالى 4.8% فى عام 2013 بفضل الحصاد القوى الاستثنائى، وعلى الرغم من تباطؤ النمو غير الزراعى، ولكن من المتوقع أن يتباطأ إلى 4% فى عام 2014، حيث يعود النمو فى قطاع الزراعة إلى مستواه الطبيعى. وفى الوقت نفسه، لا يزال التضخم تحت السيطرة، ويتمتع المغرب بأقل معدل وسط بلدان جنوب وشرق والمتوسط.
وفى تونس، أثرت الاضطرابات السياسية والأمنية الأخيرة على الأداء الاقتصادى، ونما الناتج المحلى الإجمالى الحقيقى بنسبة 3.2% فى الربع الثانى من عام 2013، ارتفاعا من 2.6% فى الربع الأول. ومع ذلك، فإن الأزمة السياسية الأخيرة التى أثارها مقتل زعيم معارضة أخر فى يوليو من الأرجح أن تضعف الأداء الاقتصادى فى الربعين الثالث والرابع حسب التقرير.
كما أن تجدد الاحتجاجات والإضرابات العمالية عطلت النشاط الاقتصادى بتونس، وخاصة فى مجال السياحة والصناعات التحويلية والتى كانت أهم محركات النمو فى الربع الثانى، ويتوقع أن يصل النمو الإجمالى إلى 3.2% فى عام 2013، ولا يزال ميزان المدفوعات يتعرض لضغوط، مع تأثر عائدات السياحة بشدة.
البنك الأوروبى: دول شرق وجنوب المتوسط بحاجة لتمويل خارجى كبير
الثلاثاء، 12 نوفمبر 2013 02:13 م
البنك الأوروبى للإنشاء والتعمير